الاثنين، 18 فبراير 2013

يومياتي في الثورة



كتبهامصطفى الكومي ، في 24 فبراير 2011 الساعة: 15:49 م


في اليوم السابق للثورة قرأت عن موعدها في الفيس بوك غير أني ظننت أنها ستكون عدة مئات كما كانت سوابقها وكنت مرتبط بعمل خاص في نفس اليوم وقد كنت أرسلت بالريسفر الخاص بي إلى والدتي ولكن في مساء
الثلاثاء 25 يناير
   زارني بعض أقاربي وأخبروني عن اتساع المظاهرات وأن البلد مقلوبة وسط القاهرة , ولكن ظروف مرضي منعتني من المشاركة في هذا اليوم , ولكني اتصلت بأحد قادة الإخوان وسألته عن موقفنا فقال لي " اللي عايز يشارك يشارك, ولكن بلغ المسؤول لما تروح ولما ترجع " وفي اليوم الثاني

 الأربعاء 26يناير

 ذهبت إلى ميدان التحرير مشيا على الأقدام من الإسعاف وحين وصلت التحرير لم أجد أي مظاهرات وكان الوقت الثانية ظهرا تقريبا ولكن كان هناك حركة وتجمعات صغيرة من اثنين أو ثلاثة تنتشر في الميدان , شعرت أن شيئا ما سيحدث , دخلت إلى باب اللوق وتفرجت قليلا على المحلات ثم دخلت إحدى الزوايا لصلاة العصر وجدت عدة لواءات ورتب تصلي معنا العصر وبعد الصلاة خرجت فإذا بمظاهرة قد تجمعت في الميدان انضممت إليها ولكن سرعان ما أحاطها قوات الأمن وحاصرتها ولكن استطعت أن أنفك من الحصار ولكني ندمت على تراجعي حين وجدت الشباب يُضربون بقسوة من رجال الشرطة وهم ما زالوا يرددون هتافات سقوط النظام ويدعوننا لأن ننضم إليهم ولكن للأسف كانت أعدادنا صغيرة في هذا الوقت ثم لمحت عن بعد أن سيارتان من الأمن المركزي قد أفرغت حمولتها من الجنود وقد توجهوا إلى الإسعاف مشيا على الأقدام قلت لنفسي أكيد في مظاهرة كبيرة في الإسعاف عند نقابتي المحامين والصحفيين فمشيت خلفهم ذاهبا إلى الإسعاف ولكنهم بحكم السن سبقوني ثم لاحظت أن خلفهم ثلاث سيارات ميكروباص إحداها ميكروباص شرطة والآخرتين أجرة وتحمل أفراد بملابس مدنية , وواضح أنهم يتجهون إلى الإسعاف , واصلت سيري في اتجاه الإسعاف . وعندما وصلت وجدت أن مظاهرتين على أبواب نقابتي المحامين والصحفيين قد حوصرتا من قِبل قوات الأمن بينما القوات بملابس مدنية تقوم بالحيلولة دون وصول الناس إليهما انتظرت قليلا لعلي أجد فرصة للإنضمام إليهما فلم أجد ثم سمعت أصوات صفارت إنذار سيارات الشرطة عند مدخل الإسعاف وتقاطع شارعي الجلاء مع 26 يوليو فذهبت إلى هناك فوجدت مجموعة من الجنود يصلوا إلى حوالي ثلاثمائة فرد وسيارتين محصنة ومجموعة من الضباط والرتب بين الكنيستين عند مدخل الإسعاف يقصفون مجموعة من الشباب في الجانب المقابل بين مستشفى الجلاء والسفارة الإيطالية بالقنابل الخانقة والرصاص المطاطي والشباب يقابلونهم برمي الحجارة واستمر الوضع لمدة ساعة تقريبا وأردت أن انضم إلى مجموعة الشباب ولكن كان الجنود ينتشرون في المكان ويحُولون بين الناس  وبين مجموعة الشباب  ففكرت في أن أصل إليهم عن  طريق الشارع الجانبي الذي هو أمام شارع معروف وبالفعل وصلت بصعوبة حيث أن جنود الأمن كانوا أيضا يقذفون هذا الجانب أيضا  بالقنابل الخانقة( المسيلة للدموع) والرصاص المطاطي ودخلت من الشارع الذي خلف السفارة الإيطالية وصلت إلى شارع 26 يوليو من ناحية بولاق بصعوبة وعندما وصلت وجدت أن الشباب قد قاموا بقذف جنود الأمن بالطوب بالرغم من الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع حتى اضطروا جنود الأمن إلى الفرار بل والقفز فوق السور الذي يقسم شارع الجلاء وهروبهم خلف قادتهم من الضباط , والضباط يطلبون منهم أن يعودوا وهم يأبون عليهم , لما رأيت هذا المنظر اطمأننت على هذه المظاهرات وتفاءلت خيرا بأننا سننتصر عليهم إنشاء الله وأذن المغرب وقام بعض الناس بالصلاة في المصلى خلف السفارة الإيطالية ودخلت لأصلى مخافة أن يفوتني الوقت وأثناء الصلاة قذفونا بقنبلة خانقة كانت قريبة مني على بعد مترين تقريبا ووصلني دخانها وفوق ذلك دخان إطار محروق ولكني كتمت أنفاسي أثناء سجودي لمدة دقيقة ولكن لم أستطع إلا أن أخذ نفس من الدخان فإذا بي أختنق ولم أستطع أن أكمل صلاتي ففررت كاتما نفسي على الدخان الذي في صدري ولم استطع أن أخذ نفس آخر وأمسكت بحذائي فلم يكن هناك وقت لارتدائه وأنا أجري إلى شارع 26 يوليو أحسست بأني قريب من الموت خنقا وأني لن أصل إلى أي مكان أستطيع التنفس فيه ولكني رأيت الناس يضعون منديلا على أنوفهم ففعلت مثلهم وعندها أخذت نفسي قليلا فشعرت أن الخنقة ذهبت قليلا وابتعدت قليلا حتى أخذت أنفاسي وظلت المناوشات بيننا ولكن من على بعد حاولت أنا وبعض الشباب أن نتجمع لنردد الهتافات لكن الشباب كانوا مصرين فقط على قذف الجنود بالحجارة كان من الواضح غياب القيادة أو أي توجيه ولذلك كانت تفتقد إلى النظام أو التركيز, بعدها أحسست بالإرهاق الشديد ثم قررت الإنصراف .
 هذا هو المشهد يوم 26 تحت كوبري أكتوبر عند الإسعافمراشقات بين شباب الثورة ورجال الأمن
الخميس 27 يناير
اتصلت بالأخ المسئول عن إخوان إمبابة د/ ياسر عبد الوهاب وقلت له إن المظاهرات كبرت وموقفنا صعب إحنا مش هانشترك؟ قال لي إنشاء الله والموعد مع المسئول بتاعك ذهبت إلى المسئول الأخ ابراهيم ووأخبرني  الموعد والمكان الذي سنخرج منه
يوم الجمعة 28 يناير

 بعد أن قرر الإخوان المشاركة الرسمية ذهبت مع إخواني من بشتيل إلى مسجد الفتح بشارع الإمام الغزالي بالمنيرة الغربية بإمبابة , صلينا مع اكثر من ثلاثين من الإخوان الذين كنت أعرفهم وبعد انتهاء الصلاة مباشرة بدات النداءات " تحيا مصر تحيا مصر " واستجاب الناس للنداء ثم أردفناه بصيحات " الشعب يريد اسقاط النظام" وخرج معنا أغلب المصليين , وخرجنا إلى شارع الأقصر ثم شارع البوهي ثم شارع الوحدة وفي طريقنا كان الشباب والنساء تنضم إلى صفوفنا وكان بعض الإخوان يقومون بنفس السيناريو في مساجد أخرى حتى التقينا جميعا عند نفق المنيرة , وكان يشارك فيها بجوار الإخوان كثير من الشباب والمواطنين الذين شاركوا بكثافة حتى وصلنا لأكثر من عشرين ألفا عند وصولنا إلي ميدان خالد بن الوليد بالكيت كات وجدنا جنود الأمن ينتظروننا بالقنابل الخانقة والرصاص المطاطي حصلت مناوشات وقذف بالحجارة ثم انقسمت المظاهرة إلى شقين ثلثها بقى في الكيت كات يناوش الأمن بالحجارة و وبقيتها خرج من شارع جانبي إلى ميدان سفنكس وصلينا العصر في مسجد المغفرة أسفل كوبري مايو و كان الأمن مترصد فوقه بكثافة وقد أمطرنا بالقنابل الخانقة والرصاص المطاطي وظلت المناوشات لمدة ساعات ووصل الأمر بالشباب أن قاموا بملئ زجاجات بالبنزين ليقذفوا بها جنود الأمن وبالرغم من أن بعض الشباب المتعلم رفضوا هذا إلا أن الشباب خاصة غير المتعلمين منهم  أصر على ذلك كرد على العدوان وظللنا هذا اليوم في مناوشات حتى صلاة العشاء ومحاولات لتعدية الكوبري ولكن بلا جدوى فصليت العشاء جالسأ بسبب الإرهاق الشديد والجوع فلم أفطر ولم أتغدى في هذا اليوم إلا بعض الحلويات والبسكويتات ثم قررت العودة إلى البيت وأنا متوجس خيفة من أن يتم القبض علينا فجر هذا اليوم لكن الإرهاق والتعب لم يعطيني فرصة للتفكير أو اتخاذ قرار بالمبيت خارج البيت  في اليوم التالي  الذي يليه

عرفت فيما بعد أننا أثناء وجودنا في منطقة البالون بالعجوزة و انشغالنا بمحاولة المرور فوق الكوبري أن مجموعة كبيرة من الإخوان قادوا بقية المتظاهرين إلى ميدان التحرير , فانفصلت واتجهت إلى شارع جامعة الدول ثم شارع البطل أحمد عبد العزيز ثم الدقي ثم إلى التحرير
فأصبح الوضع فيه تشتيت كبير لقوى الأمن حيث ظل مئات القوات في الكيت كات تقاوم الشباب لمنعهم من المرور إلى شارع الكورنيش وكذلك بقيت مجموعة أخرى فوق كوبري مايو مما شتت قوتهم وخفف الضغط على مناطق أخرى.وإن كان من غير تخطيط منا ولكنها إرادة الله تعالى " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"


السبت 29 يناير

كانت الشوارع فارغة من رجال الأمن والمرور أيضا عرفنا أن الأمن قد انسحب ولذلك كان الوصول إلى ميدان التحرير أسهل من قبل مع توجسنا من أن يعترضنا أحد بالرغم من خلو الشوارع من كل رجال الشرطة بما في ذلك شرطة المرور وفي ذلك اليوم و كان معي أبني أسامة خرجت صباحا لعمل مشوار ثم أنتهيت منه وكنت قريبا من الدقى فأخذت وجهتي إلى الكورنيش في اتجاه كوبري الجلاء فلمحت من بعيد مظاهرة لا تزيد أعدادها عن خمسة الآف تقريبا فأسرعت الخطا أنا وابني وانضممنا إليها إلى ميدان التحرير وواصلنا السير إلى ميدان التحرير فوجدنا الميدان يمتليء بالمتظاهرين يصلوا إلى مائة ألف تقريبا وأمضينا اليوم ولم نذهب إلا بعد صلاة العشاء .
وظللنا نذهب كل يوم أبات يوم في الميدان ويوم في البيت وتدبرنا أمورنا مع إخواني من إخوان إمبابة وبشتيل وفي يوم الثلاثاء الذي خطب فيه مبارك كان خطابا مؤثرا في العوام بالتعاطف مع مبارك وقد لاحظت ذلك من خلال حوار في الميكروباص عند قدومي الميدان  ثم جاء
 
 يوم أربعاء الجمل 2 فبراير

 وقد أخذت أولادي الثلاثة محمد وأسامة وحماس معي إلى ميدان التحرير ولكني خفت عليهم بعد أن وصلتنا أنباء بالهجوم المرتقب من البلطجية  ولذلك قلت لهم أن يخرجوا من مخرج كوبري قصر النيل .. كان خطاب الرئيس قد أثر على كثير من الناس وأصبحوا يهاجموننا وفي هذا الوقت دار نقاش بيني وبين صديق حول رأي الناس الذي تحول ضدنا فقال يجب أن نحترم ذكائه وأن مبارك قد انتصر علينا بتقليب الناس ضدنا ولكن ذكرني أخ آخر بالآية "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " فكانت الآية بردا وسلاما علي وبثت فيّ الأمل والثبات فقررت أن أكتبها وأمر بها على الميدان كله فكنت ألاحظ استحسان من يقرأها وعودة الطمأنينة إليه ولما تأكدنا من أنباء البلطجية كتبت على ورقة أخرى " البلطجية آخر أسلحة مبارك إذا سقطوا سقط مبارك " وأتبعتها بعبارة أخرى  "ومن قبل اسقطنا الأمن المركزي " ومررت بها على الميدان كله ووجدت أيضا استحسانا لمن يقرأها ولما وجدت بعض التفرق والخوف كتبت الآية الكريمة " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " ومررت بها على كل الميدان وأثناء مروري في أخر الميدان من ناحية المجمع شاهدت بدأ الغزو بالجمال والخيول وقد كان المنظر مروعا فمن بعيد شاهدتهم وكأنهم يحملون سيوفا في أيديهم فهرولت نحوهم و قبل أن أصل وجدت الشباب قد حملوا عليهم وتجمعوا حولهم وأسقطوهم من فوق الجمل والخيول وقد أسروا ركابها وغنموا الخيول والجمل وقد بدأت معركة قذف الحجارة بشدة استمرت أكثر من ساعة تقريبا وقد أصيب في ذلك اليوم كثير من شبابنا  ثم تم عمل تحصينات وسد لمداخل الميدان بالصاج الخاص بموقع البناء تحسبا للهجوم الآخر المسائي وكانت نوبتي في حراسة مدخل قصر النيل بين مبنى الجامعة العربية و وزارة الخارجية القديم وقد جاءنا ليلا مجموعة من البلطجية في صورة مظاهرة تأييد لمبارك وظلوا يهتفون له ونحن نهتف ضده ويفصل بيننا التحصينات والسواتر التي أتينا بها من موقع البناء وظل هذا الأمر لمدة ساعة بشكل سلمي حتى بدأوا هم برمي الحجارة ورددنا عليهم بالتالي وحاولت المشاركة برمي الحجارة لكن وبسبب ظروفي الصحية وجدت رميتي قصيرة فقمت بجمع الطوب من خلف الرماة على كرتونة لتوصيله لأيدي الرماة من الشباب ولبست شنطة على رأسي ملفوفة بالكرتون للحماية من الطوب  واستمر رمي الحجارة حوالي ساعة متواصلة حتى فروا من أمامنا وهربوا متفرقين إلى كوبري قصر النيل والشوارع الجانبية وأصبحت الأرض خالية منهم وأصبحت المنطقة كلها لنا وكان لنا مجموعة تجول عند الكوبري لمراقبة أي تجمعات لهم وفي نفس الوقت كان الهجوم قد بدأ في الجانب الآخر من ناحية المتحف فذهبت خوفا من أن يكون هناك ثغرة فأسدها ولكن الحمد لله كان الوضع مطمأن بالنسبة للأعداد وكانت المعركة قد بدأت برمي الحجارة قبل وصولي إلى المتحف وقد رأيت سيارات نصف نقل تأتي بحجارة فوق كوبري أكتوبر وقد عرفت بعدها أنها كسر سيراميك لكي تكون خبطته جارحة وقد كان الشباب في منتهى الشجاعة والإصرار كان الشاب منا يعرف أنه سوف يدخل مرمى الطوب المقذوف علينا من الجانب الآخر وهو يعرف أنه معرض للإصابة ولكن هذا لا يمنعه من الإقتراب حتى تصل رميته إلى الجانب الآخر بينما البلطجية ويتقهقرون ليقفوا عند أخر مرمى الطوب لنا وهذا من أسباب تقدمنا عليهم وبينما كان الشاب منا يصاب ويرجع ليضمد جرحه ثم يعاود الرمي مرة أخرى وهذا المنظر ذكرني بصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير الأجناد أجناد مصر " بينما كان البلطجية من يصاب منهم يرجع بلا عودة وكانت بعض الآنسات و السيدات يحملون الماء في زجاجات المياه المعدنية لتسقينا أثناء المعركة  بينما هم لا يجدوا من يفعل ذلك معهم واخبرني أحد الأخوة الذين كانوا يقفون فوق أحد الدبابات  أنهم لما جيء بالماء للبلطجية تخاطفوا الزجاجة حتى وقعت الزجاجة من يدهم فذكرني ذلك بنفس المنظر في غزوة بدر في فيلم الرسالة وكان البعض يقوم بطرق حديد الأسوار بشكل جماعي يحدث صوت يحمس الناس ويرفع درجة استعداهم  كما تفعل طبول الحرب واستمرت المعركة حوالي ثلاث ساعات متواصلة وكان الشيء الوحيد الذي عطلنا للتقدم هو اعتلائهم أسطح بعض العمارات المقابلة للمتحف وقد قذفونا منها بالكرات والزجاجات النارية الحارقة وقد أصابت بعض شبابنا ولكن بعد ذلك استطاع بعض الشباب من اعتلاء هذه العمارات والقبض علي البلطجية  الذين ثبت بعد تفتيشهم أن بعض منهم قوات شرطة وشرطة سرية والبعض مسجل خطر عندما تم إنزال البلطجية من فوق العمارة  استطعنا أن نتقدم ونكسب أرض ميدان عبد المنعم رياض وقد فر البلطجية من أمامنا وهنا قد بدأ ضرب الرصاص الحي من فوق كوبري أكتوبر ومن فوق فندق رمسيس هيلتون وقد أصابوا ستة شباب إصابات قاتلة في الرأس ومع ذلك لم يتخل احد عن الميدان وتم عمل تحصينات أخرى متقدمة أبعد قليلا من أسفل كوبري أكتوبر لتكون بعيدة من مرمى الطوب وكان دوري في هذه المعركة هو جمع الطوب في كرتونة وتقديمه لأيد الرماة من شبابنا وكذلك فعل بعض الرجال الذين تعدوا سن الشباب مثلي وبعض النساء أيضا وقد شاهدت أخوات محجبات ومنقبات وغير محجبات أيضا تحمل الطوب على كتفها في كرتونة لتقربه إلى الشباب وذكر لي أحد الإخوان أن أحدى هذه الآنسات مسيحية  ثم في اليوم الثاني
 
الخميس 3 فبراير

استقبلنا هذا اليوم بشيء من التفاؤل والأمل في النصر إنشاء الله مع إننا كنا نشعر بالتعب الشديد ولم ينم أحد ليلته هذه وبدأ وصول الناس صباحا باكرا ومعهم الطعام والشراب ومنهم بعض السيدات والآنسات واضح أنهم من مناطق الزمالك والمهندسين وكنت أرفض تلقي أي سندوتشات أو مشروبات منهن لظني أنهم يظنون أنها ثورة جياع كما أشار بذلك إعلام الحكومة مع أني كنت ألمح في وجوههم التأييد والنصرة ولذلك كتبت لافتة بعد ذلك تقول غلاء الأسعار عرض لكن المرض رئيس دكتاتور ـ حكومة حرامية وغيرها من المسالب بعد الظهر ذهبت إلى البيت وفي الصباح

الجمعة 4فبراير

ذهبت إلى مسيرة تخرج من مسجد أسد بن الفرات وفي الميكروباص فتح الموضوع فوجدت مازال الشعب يرفض المظاهرات ولكن وجدت أيضا مؤيدين من الشباب وهذا أعطاني بعض الأمل في تغير الشارع ضد مبارك وكنت قد أخذت  معي إبني أسامة وانضم إلينا ناس كثير من الدقي ومن شارع التحرير ومشينا في اتجاه كوبري الجلاء , وكنت أفضل المسيرات على الذهاب وحدي إلى الميدان فهي تعطي زخم وتكسب مناصرين كثر أثناء المسيرة ووصلنا ميدان التحرير وجدنا العدد أكثر من الجمعة الماضية وزادنا هذا أمل وإصرار ولكن قد بدأت في ذلك اليوم حملة من الحزب الوطني بإرسال ناس تفرق بيننا وتضعف عزيمتنا وتقول إن مبارك لبى مطالبكم وكنا نتصدى لذلك بشكل جماعي وبدون ترتيب واستمر هذا عدة أيام ولكنه كان يفشل ويضعف في اليوم الذي يليه كانت الأيام تمر عادية بين الأمل والرجاء ولم يفت في عضضنا معركة المراهنة على الوقت أو الملل وإن كانت تساورنا تساؤلات ماذا نفعل إن لم يستجب مبارك وكانت الإجابات كثيرة منها إعلان العصيان المدني أو إضراب عام أو توسيع مساحات الاعتصام وكان الرد عمليا فعلا حتى وصل إلي مجلس الشعب والوزراء ومسيرة إلى قصر الرئاسة كان الاستعداد للموت حتى نصل إلى مطالبنا قد استقر في نفوسنا وكنا نعلم يقينا وبشكل جماعي أن هذه الثورة إن لم تنتصر سنسجن جميعا ونعذب أو نقتل  وسوف يعود مبارك إلى أشرس مما كان كل هذا كان يزيدنا إصرار ولو كان ثمنه الشهادة وفي صباح

الأحد 6 فبراير

 سمعنا أن الجيش يحرك الدبابات عند المتحف  للإنسحاب من الميدان ذهبت إلى هناك ومعي أسامة ابني وجدت اللواء حسن الرويني يأمر الضباط والعساكر بركوب الدبابات والتحرك وكان هناك تلكأ من الضباط ونقاش بينه وبينهم لا نسمعه ولكن واضح إن الضباط غير مرتاحين لأوامر اللواء  وقد قام الشباب بالنوم تحت الجنازير لكي لا تتحرك وقام شاب جزاه الله خير بارتجال نداءات وهتافات  للجيش بعدم التحرك ونحن نردد وراءه بصوت عال وبحماس شديد واستمر هذا لمدة نصف ساعة حتى قام ناول أحد الضباط تليفون محمول إلى اللواء حسن الرويني وقام بالتحدث لمدة دقائق قليلة ثم أغلق المكالمة وأعطى التليفون للضابط ثم أشار للجنود بالانصراف فقمنا بالتصفيق الحار والشديد والهتاف المؤيد للجيش ولكن اللواء الرويني أشاح بوجهه عنا غير راض بينما كانت وجوه بقية الضباط قد تقبلت الأمر بارتياح وبعد ذلك بحوالي ساعتين جاء اللواء الرويني خطيبا في الميكروفون ليثنينا عن الميدان ولكن كان الرفض كان شديد من جانبنا ولم تفلح محاولته ومرت الأيام ونحن نشعر بالتقدم وأننا نحرز انتصارات ونزداد تأييدا من الناس وفي نفس الوقت أشعر أن مبارك بدأ في التراجع والانهزام وأن حيله  قد نفذت ولم يبق له من يؤيده إلا عصابة المستفيدين الذي يدافعون عن مصالحهم وعن رئيس عصابتهم الذي يحمي وجودهم ومصالحهم وللأسف هم بالرغم من قلتهم بالنسبة للشعب المصري يملكون وسائل الإعلام ومراكز القوة في الجيش والشرطة ومرت الأيام كنت احضر أوراق وقلم واكتب لافتات وأوزعها مجانا لمن يريد وخرجت مع الإخوان بمسيرة مرة أخرى من جامع مصطفى محمود ومررنا بشارع البطل أحمد عبد العزيز حتى شارع التحرير وكانت الجموع تتبعنا من كل شارع نمر عليه  و كنت أبات في الميدان كل يوم ماعدا أيام الأحد والثلاثاء والخميس بسبب ظروفي الصحية وفي ويوم

 الخميس 10 فبراير

 وأنا في البيت وكنت أشاهد من خلال التلفزيون الجماهير تنتظر قرار التنحي وكأنه يوم احتفال كنت أتمنى لو كنت معهم فأشهد الفرحة بالتنحي لولا ما أعانيه من تعب وإرهاق ثم خرجنا بمسيرة أخرى يوم

الجمعة  11 فبراير

اتفق الإخوان على الخروج من جامع خالد بن الوليد بمسيرة و في أثناء الخطبة أدان إمام المسجد المظاهرات فقام المصلون وخاصة الشباب بالاعتراض عليه حتى أكمل الخطبة بالكاد بحديث ثم الدعاء وأقام الصلاة وخرجنا بألاف الناس إلى شارع النيل ثم عبد المنعم رياض بالعجوزة ثم شارع البطل أحمد عبد العزيز ثم الدقي ثم شارع التحرير ثم الجلاء وكنا نجمع في هذه المسيرة عشرات الآلاف تتبعنا ولما وصلنا الميدان كان العدد أكثر من الجمعات الماضية بكثير ووصلنا إنباء باستيلاء المتظاهرين في أسيوط على مديرية الأمن وأن الاعتصامات أمتدت لمجلس الشعب ومجلس الوزراء وقصر الرئاسة والتلفزيون  فعلا قلت كل هذه ضغوط على مبارك وإن لم يتنح سيُنحى إجبارا من الجيش وهذا ما حدث فعلا  وكانت الفرحة عارمة لم أفرح بنجاحي ولا بزواجي ولا بميلاد أبنائي كما فرحت هذا اليوم وسجدت مع أكثر الناس على الأرض شكرا لله ولم تنتهي القصة كنت أشعر أن مازال أمامنا جهد طويل لتحقيق التغيير للأفضل



مشاهدات عامة

      كنت ألاحظ ترابط وتضامن اخوي بين كل الموجودين في الميدان وكان يربطنا عقل جمعي لم أره في أي مكان في مصر وتوحد على هدف تغيير النظام وإصرار غريب لم أجده حتى في بعض الإخوان الذين يوصفون بالسمع والطاعة لقادتهم أو ما يسمى بالالتزام الحزبي بلغة السياسة وكان إذا ظهر شخص برأي مخالف أو غريب كان يصده جمع كثير فكان هذا يُسكته حتى يغير رأيه  .

       كذلك كل محاولات الزعامة أو الأمر والنهي كانت تقابل بأراء معارضة فيسير القرار جماعي وتختفي كل نزعات الزعامة كنا حقا نشعر بأننا جماعة واحدة يجمعنا هدف واحد ومخاوف واحدة وإصرار واحد على الوصول للهدف وهذا هو الفرق بين العمل الفردي والعمل الجماعي فالفرد وهو يفكر .. يفكر بقدرته هو كفرد وهي محدودة لاشك وبالتالي يتخذ قراراته بناء على قدرته كفرد  بينما الجماعة تفكر بقدرة من يقفون معها صفا واحدا لذلك تكون القرارت أقوى بقدر ما تتمتع به من أعداد واستعدادات نفسية وفكرية وعملية , وتأكد لي هذا المعنى عندما طلب منا بعض المفكرين والمثقفين ـ المشهورين للأسف ـ الاكتفاء بما أنجزناه من وعود مبارك بالإصلاح والخروج من الميدان مع ضمان السلامة وذلك قبل التنحي وأرجعت ذلك إلى سببين هما أنهم لا يملكون روح الشباب ولا روح العمل الجماعي .

     لاحظت أن الشجاعة تبدأ بواحد ثم تعدي الآخرين ويتجمع حولها القليل ثم الكثير.

       كنت ألاحظ من الأخوة من الجماعة الإسلامية حنق شديد وغل ليس له حدود على هذا النظام لما لاقوه من تعذيب وقتل وسجون ولهم العذر وكان معنا منهم من قضى في السجن 25 عاما أو عشرين أو خمسة عشر بلا ذنب ولذلك كان بعضهم في مقدمة الصفوف سواء في رمي الحجارة أو جمعها وكثير منهم هم الذين ناموا تحت جنازير الدبابات حتى لا تتحرك من مكانها إلا أن بعضهم كان يتسم بشيء من الغلظة في التعامل وكنت ألوم عليهم ذلك .

خرجنا خمس مظاهرات من المساجد ,خرجنا أول يوم من جامع الفتح بشارع الإمام الغزالي ثم من جامع المحافظ عند تقاطع شارعي البوهي بالوحدة ثم من جامع مصطفى محمود ثم من جامع أسد بن الفرات بالدقي ثم من جامع خالد بن الوليد هذا الخروج كان له تأثير كبير في خروج الناس معنا بالآلاف وزيادة في المشاركة وكانت فاعليته اكبر من الذهاب فرادى إلى الميدان .
للأسف بالرغم أن كثير من شباب الثورة كانوا دائما في مقدمة الصفوف سواء في الدفاع عن الميدان أو في تأمين مداخله إلا أن هناك من لا يرغب إلا في الظهور وإمساك الميكروفون وكانوا يستنكفوا عن إمساك حجر أو مساعدة عملية , فقط يهتمون بالشو وهؤلاء هم الذين ظهروا بعد ذلك في التلفزيون وكانهم أبطال الثورة ولم يمسكوا حجرا ولم يدفعوا بلطجيا.  

ليست هناك تعليقات: