الاثنين، 24 ديسمبر 2012

رُباطية الزند



  قام الرئيس محمد مرسي بتعيين أحد أبناء تيار استقلال القضاء المستشار أحمد مكي وزيرا للعدل وأول ما فعله الوزير أن قام بنقل تبعية التفتيش القضائي من بين يديه إلى يد مجلس القضاء الأعلى , وكأن الوزير أعطى القط مفتاح الكرار , كنا ننتظر من مجلس القضاء الأعلى أن يقوم بعملية تطهير للقضاء بعد أن صار مطلبا شعبيا وثوريا ملحا , ولكن يبدو أن مجلس القضاء الأعلى إحدى عقبات الإصلاح لأنه كافئ النائب العام السابق بتعيينه رئيس محكمة استئناف بدلا من أن يحيله للصلاحية , الأمر الذي يؤكد أن مجلس القضاء الأعلى هو أحد أركان الدولة العميقة , و أحد رموز النظام القديم , وكان واضحا هذا أيضا مع الزند في موقفه في نادي القضاة الذي حضره شخصيات متهمة في معركة الجمل وفلول من الحزب الوطني لم يكونوا من أعضاء الهيئة القضائية واعتداء احدهم على أحد القضاة ولم يحرك ساكنا أمام هذا الاعتداء على قاضي في نادي القضاة .
   القوانين تعجز أمام أي تواطؤ بين مجموعة من الناس , بالفعل حدث هذا العجز أمام تواطؤ الشرطة في قضايا قتل المتظاهرين السلميين , والآن ظهر هذا العجز أمام تواطؤ مجموعة من القضاة تحمي نفسها من محاولات التطهير التي تطالب بها الثورة , المؤلم أن مجموعات المصالح المشتركة الآن تتواطأ وتتجمع مع بعضها البعض لتصبح أكثر قوة و شراسة في مواجهة أي عملية إصلاح أو تطهير , أضف إلى تواطؤ الشرطة و القضاء .. رجال الأعمال وفضائياتهم وإعلاميهم المرتزقة وقوى سياسية من و رائها أمريكا وإسرائيل وقوى خارجية أخرى لتشكل أكبر جبهة معارضة لم يسبق لها مثيل , ولو كانت هذه الجبهة تكونت في عصر مبارك لسقط مبارك من فوره , وبالرغم من قوة و عزم هذه العصابة القوية إلا أن الشعب أسقط دعواها وتكتلها لإسقاط أول دستور مصري يتم باختيار شعبي لم يتدخل فيه محتل ولا عسكر ولا رئيس , ومن قبل ذلك الشعب هزم هذه الرباطية في ثلاث انتخابات واستفتاءين يعني خمس ضربات لقوى المعارضة للإصلاح فما عجز عنه الرئيس فعله الشعب , إذن تفعيل دور الشعب هو الذي سيفشل هذه المؤامرات والتكتلات .
   لكن هذه العصابة تلعب  أيضا على الشعب من خلال إعلام مضلل , والرهان على ذكاء الشعب رهان محفوف بالمخاطر لأن أي غلطة من معسكر الثورة و الإصلاح قد يقلب الموازين , لذلك تحييد الإعلام لابد أن تكون من ضمن أدوات المعارك القادمة .
   تواطؤ الإعلام مع القضاء كان واضحا جدا في علمية تغيير النائب العام عبد المجيد محمود و في الوقوف مع الزند وجماعته ثم الانقلاب على القضاة المشاركين في الاستفتاء ليتضح لنا أن القضاة منقسمين إلى معسكرين معسكر الإصلاح ومعسكر الزند بالطبع انحاز الإعلام إلى قضاة الزند واتهم قضاة الإصلاح المشاركين في الاستفتاء بالمشاركة في التزوير واتضح أيضا هذا التواطؤ عندما أيد الإعلام وقفة أعضاء النيابة العامة ضد النائب لعام الجديد , وهو الأمر الذي جرمه كثير من قضاة الاستقلال والإصلاح , في حين أن مجلس القضاء الأعلى وقف ساكنا وتعامل مع الحادث كأنه غائب عن الوعي أمام هذا الإجرام الغير مسبوق من أعضاء في الهيئة القضائية .
   لقد كان واضحا أيضا أن اللجنة المشرفة على الانتخابات خبث تدبيرها حينما بدأت الاستفتاء في المحافظات المعارضة لمرسي لعلها ترفض الدستور وبالتالي تكون نتيجتها السلبية تؤثر بالسلب أيضا على نتيجة المرحلة الثانية الأمر الذي يؤكد أن بعض القضاة منحازين لقوى الثورة المضادة .
ومجلس القضاء الأعلى يجتمع بشكل عاجل لبحث استقالة النائب العام بدون إدانة لما حدث له من ضغط وإكراه من أعضاء النيابة بينما على وجه عاجل يدين الاعتداء على الزند .
   الدستور الجديد بالطبع كان له نصيب من بيان حالة المعارضة للإصلاح بين القضاة لأنه سيحرم قضاة الزند من امتيازاتهم المادية مثل عدم الانتداب إلى جهات أخرى  وعدم تعيين أبنائهم إلا بالجدارة العلمية وهذا يفسر موقفهم من عدم المشاركة في الاستفتاء كسابقة لم تحدث من قبل .
   و هذا التعنت في الرفض للنائب العام الجديد لم تكن له سابقة في عصر مبارك بالرغم من تسلط مبارك وتعيينه امرأة من خارج السلك القضائي لتكون قاضية في أكبر محكمة مصرية و هي المحكمة الدستورية لم تلقى أي رفض يذكر , وفي نفس الوقت لم يفتح احد فاه أمام أكثر من إعلان دستوري صدر من المجلس العسكري كان أخرهم يرفع حكم العسكر فوق حكم الشعب بالرغم من ذلك لم يعترض احد من القضاة ولكن أضرب بعض القضاة اعتراضا على الإعلان الدستوري من رئيس منتخب بل وقطع هذا الإضراب لإصدار حكم بتأجيل الطعن في التصرف في أموال أحد لصوص مبارك .
كل هذه الشواهد تؤكد على سبيل اليقين وباعتراف أحد القضاة الشرفاء "من الصالحون ومنا دون ذلك" يحتاج إلى تطهير من اجل كسر هذا الرباطية التي تحمي الفساد وإلا ستظل دائرة الفساد تعمل في عصر الثورة .