الثلاثاء، 2 أبريل 2013

الإرهاب العالماني



   لم يحكمنا العالمانيين أبدا إلا فوق دبابة المحتل أو دبابة العسكر , هم يعلمون جيدا أنهم غير مقبولين من شعب يقيم الصلاة خمس مرات يوميا يخر بوجهه مستسلما لله الذي خلقه ورزقه , لقد ظل العالمانيين وهم في الحكم يمارسون حظرا على كل التوجهات الإسلامية التي تريد احترام شرع الله , اعتقلتهم سجنتهم عذبتهم قتلتهم صادرت شركاتهم روعت أطفالهم ونسائهم في ليالي سوداء حين تأتي للقبض عليهم , وأقصتهم من كل مراكز التأثير في الحياة من الجيش من الشرطة والإعلام و القضاء والنيابة وكانت تعوق انتسابهم لوزارة التعليم أو منابر المساجد رفضت أن يكون لهم صحيفة فضلا عن فضائية أو حزبا , وعندما اضطرت للقبول بقناة للسلفيين قبلت لأنها تعرف أن الفكر السلفي الغالب في مصر لا يفكر إلا في اعتلاء عرش العلم و الوعظ فضلا عن تأييده للحاكم المتغلب مهما بدا من مظالمه , ولكن هذا كله هزمته الثورة التي كان هدفها الأساسي هو عيش حرية عدالة اجتماعية , وفهم الكل من كلمة حرية يعني حرية الرأي و التعبير يعني انتخابات حرة و نزيهة , وعندما جاء أول استحقاق ديمقراطي انتخابي للعبور إلى بقية المطالب وتحقيقها , كانت صدمة العالمانيين التي ذبحتهم , أن الشعب لم يختارهم كأغلبية وأصبحوا كالطير المذبوح يرفرف بتشنج يحاول مقاومة الموت الذي سقط على رأسه كالصاعقة , فلم يقبل بالمسار الديمقراطي وتحول إلى همجية وعنف وإرهاب ومولوتوف وأسلحة بيضاء وخرطوش حرق الناس أحياءـ  رأينا كل ذلك في احداث المقطم الأخيرة ـ وقطع طرق وإغلاق قصري لمؤسسات الدولة ومحاولات فاشلة للقبض على الرئيس وسحله من داخل الاتحادية , ما كان يتصور ممن ملئوا الدنيا عويلا و نقدا وشتما وشيطنة للإسلام كله لأن فريق من الإسلاميين  اختار رفع السلاح أمام السلطة الجائرة , لم يقبلوا المسار الديمقراطي لتداول السلطة الأمر الذي يعني حتما قبولهم المسار الإرهابي , و هذا العنف الذي يمارسه العالمانيون غير مبرر والعنف الإسلامي لو كان له تبرير فهو انسداد الحياة السياسية و تزوير الانتخابات والإقصاء العالماني للإسلاميين وعدم السماح لهم بشرعية العمل السياسي , أما الآن  وقد بدأت شمس الحرية وانتخابات يراقبها كل المتنافسين يقومون هم بإحصاء الأصوات في اللجان الانتخابية الفرعية وحرية إعلامية لم يسبق لها مثيل في العالم فما هو مبرر العالمانيين لهذا الإرهاب الذي يمارسونه , لهذا كل من اختار المسار الإرهابي كان يجب أن يعامل كما عومل من ينتهج العنف من الإسلاميين من قبل وهذا هو العدل , وأرى أنه كان يجب على الرئيس كحد أدنى لمحاربة العنف والإرهاب العالماني أن لا يقبل أن يمد يده للحوار مع من لم يتوافق مع المسار الديمقراطي لتداول السلطة , لقد كان المسار الإرهابي الذي فضله العالمانيين على المسار الديمقراطي هو نوع من الاتساق مع النفس  وامتداد لمسار إرهاب الدولة والكذب والتضليل الذي مارسه العالمانيين في الحكم من قبل , وبدا زيف ديمقراطية بني عالمان كما هي ديمقراطيتهم السابقة عندما كانوا في الحكم وكما هي ديمقراطية  الغرب الإرهابية الواضحة في أفغانستان و العراق وإسرائيل العنصرية, وهم يتمسكون بها إن أتت بهم وإلا فالكفر بها أولى ولأنهم علموا أنهم لن يحكموا دولة إسلامية أبدا إلا فوق دبابة المحتل أو العسكر لهذا لا يرون لهم حل في العودة للحكم إلا من خلال الإرهاب والتعاون مع الغرب خاصة وأنهم لم يجدوا مساندة شعبية لهم لهذا يلجئون إلى الخارج لاستمداد المساندة والتمويل , لقد كان العالمانيون يدينون شفاهة اتجاه بعض السلفيين لتحريم الديمقراطية كطريقة سلمية لتداول السلطة , الآن العالمانيون يكفرون بها عملي ويطوفون حول معبدهم الأزلي الكذب والإرهاب , , لقد كان العالمانيون ومازالوا يطالبون بحكومة توافق ودستور توافق فكان يجب عليهم أولا أن يتوافقوا على المسار الديمقراطي لتداول السلطة فهذا هو التوافق المطلوب حاليا منهم , وفي ظل هذا التخبط العالماني , مازال الإخوان يثبتون جدارتهم , فلم يقابلوا الإرهاب بما يستحقه حفاظا على سلام المجتمع ومازالوا يمدون أيديهم للحوار ولم يقابلوا التضليل الإعلامي بالإغلاق أو المصادرة كما فعل كبرائهم من قبل .

موضوعات ذات صلة على صفحة .. العالمانية

مثلث القوى الإسلامي



     كان الغرب على مدى التاريخ , ينظر إلى منطقة الشرق الأوسط على أساس وجود مثلث قوى متمثل في ثلاث دول كبرى هي مصر وإيران وتركيا, وركزت عملها على إبقاء هذه الدول الثلاث في خندق العلمانية والقطرية كضمانة لإضعاف قوة المارد الإسلامي ضمانا لأمنها وامن إسرائيل على الأخص .

     فإيران الشاه كانت منغمسة في العلمانية وعلى علاقات وثيقة بإسرائيل والغرب , وتركيا الأتاتوركية  كانت قد قطعت علاقاتها التاريخية بالأمة والحضارة  الإسلامية , وركبت قطار الغرب والحداثة ولم تحصل على التقدم المطلوب, وكذلك مصر تم تصنيع نموذج علماني متمثل في شخصية سعد زغلول يؤكد على الفكرة القطرية واستقلال مصر عن محيطها الإسلامي بينما تم استبعاد الحزب الوطني بقيادة مصطفى كامل ونفي زعيمه الثاني محمد فريد لأنه يحمل فكرة الجامعة الإسلامية , وفي كل النماذج الثلاثة تم استخدام القهر والاستبداد من أجل تثبيت قواعد العلمانية والقطرية.

    ومع بداية المشروع الصهيوني بدأت فكرة القومية العربية كرد فعل على الاستعمار, والتي تبناها كثير من المفكرين والسياسيين حتى صارت تيارا شعبيا , وكان وفود المتطوعين للجهاد في فلسطين من كافة المنطقة العربية ترجمة لهذا التوجه العام والإحساس بالهوية و روابط الدين واللغة والتاريخ والجغرافيا لدى الشعوب العربية , ثم جاء عبد الناصر ليركب الموجه لأنه وجدها تلبي رغبته الهائلة للزعامة والسلطة , ولكن طمعه هذا كان سببا في ضياع الوحدة واقعيا , ثم جاء السادات وفكك بقايا هذه الوحدة بتصالحه مع إسرائيل وارتماءه في حضن الغرب , وتبعه خليفته مبارك , الذي عمل سفيرا للمخططات الأمريكية لتفكيك الوحدة العربية .

    اختلف الوضع اليوم، فلم تعد إيران شاهنشاهية، و لم تعد تركيا أتاتوركية , ومصر في طريقها للتحرر من العلمانية المفروضة عليها, وأصبح الطريق ممهد لتنمية العلاقات بين هذه القوى الثلاث وهي لاشك بعد أن تحررت من القوى العلمانية التابعة للغرب , يمكنها أن تخطو في طريق التوحد الإقليمي بتكوين جبهة ممانعة ضد المخططات الغربية المضادة لمصالحها في الوحدة والتكامل.

وفكرة القومية العربية يتبناها الآن تيارين أساسيان في الوطن العربي , التيار الإسلامي والتيار القومي , وتختلف رؤية الفريقين في مدى اتساع هذه الوحدة , والعوامل المشتركة المجمعة لهذه الوحدة , فالتيار القومي يرى الاقتصار على الدول الناطقة بالعربية فقط , بينما التيار الإسلامي يرى أن التحالف يجب أن يشمل الدول الإسلامية .
    ويشترك كلا التيارين في عوامل الجغرافيا والدين والتاريخ واللغة كعوامل مجمعة لهذا التحالف , ولكن القوميين يضعون في إطار عقدي وعاطفي فقط , ويرفضونه كشريعة ونظام حياة قادر على دعم هذه الوحدة , وذلك بسبب التوجه اليساري لأغلب القوميين العرب , بينما يرى الإسلاميين أن الدين باعتباره عقيدة ومنهج حياة عامل أساسي من عوامل الوحدة الذي يتسع ليشمل كافة الدول الإسلامية , وبينما يرى القوميين أن عامل اللغة هو المحدد الرئيسي للوحدة فلا داعي أن تمتد الوحدة إلى البلاد الإسلامية , ولكن الواقع الأوربي ينسف هذه العلة فلم تكن اللغة عائق في التوحد تحت راية الاتحاد الأوربي , بالرغم أنه لا تكاد توجد دولتين يتكلمان نفس اللغة ومع ذلك أقاموا اتحادهم وعملتهم الواحدة , لذلك لا يرى الإسلاميين أن اللغة تعد عائق للوحدة الإسلامية . 

     ولأن هذه البلاد الإسلامية فيها من يحملون أيضا فكرة الوحدة والتحالف فكيف نصدمهم بتجاهل رغبتهم في الوحدة , بالإضافة إلى حبهم لتعلم اللغة العربية هذا يجعل أمر تعليم اللغة أو اعتمادها كلغة رسمية أمر ميسر, والشعوب التي لا تتكلم العربية تتطلع دائما إلى المكان الذي نزل  فيه الوحي ونبعت فيه علوم الإسلام الناطق بالعربية .

      و وجود إيران وتركيا خارج إطار الوحدة العربية يجعلهم متنافسين معنا على الهيمنة والنفوذ في المنطقة , ولكن وجودهم داخل إطار الوحدة الإسلامية يجعلهم مشاركين و داعمين لقوة الدول العربية والإسلامية .

     وجود الكيانات الكبيرة مثل روسيا والصين و الهند و الاتحاد الأوربي(1) وحلف الأطلنطي الذي يضم أكثر من (27دولة) يجعل أهمية فكرة الوحدة الإسلامية أكثر قوة وجدوى لأن الدول العربية وحدها بافتقادها إلى التسليح الذي تتفوق فيه كل من إيران وباكستان والتكنولوجيا التي تتفوق فيه كل من ماليزيا و تركيا واندونيسيا والمال المتوفر في الخليج واليد العاملة المتوفرة في مصر والأراضي الزراعية المتوفرة في السودان كل ذلك يجعل اتساع التحالف والوحدة أكثر ضرورة وجدوى لإحداث عملية التكامل بين ميزات وتفوق كل دول الأمة الإسلامية  , وهذا يجعلها غير قابلة للكسر , وقادرة على الوقوف بندية أمام التحديات العالمية , وهذا ما تفتقده الدول العربية مجتمعة  .

   إن اعتراف العالم بأن مثلث القوى هو مصر وإيران وتركيا يجعل فكرة الوحدة العربية خيط رفيع أمام حبل متين هو الوحدة الإسلامية .

وإذا كان الاتصال الجغرافي له تأثير كبير في تدعيم فكرة الوحدة , فإن معظم الدول العربية والإسلامية متصلة جغرافيا فيما عدا إندونيسيا و وماليزيا و بنجلادش , ولكن هذه الدول ستكون أحوج للوحدة لدعم قوتها أمام التحديات الإقليمية التي تواجهها.

   والقول أن التحالف الإسلامي يخلق عداوة لكل المسيحيين فهذا مردود عليه بأن حلف الأطلنطي اتخذ الصليب على شكل نجم شعار له والاتحاد الأوربي رافض لمشاركة تركيا بسبب انتماءه الإسلامي , وليس كل المسيحيين على وفاق مع الاتحاد الأوربي أو مع حلف الأطلنطي وليس الاتحاد الإسلامي تصادمي مع كافة الديانات بل يجب أن يكون هدفه إقامة علاقات تعاونية مع كافة الدول على أسس متكافئة .  

    والقول بأن إيران بسبب التشدد الشيعي ونظام ولاية الفقيه قد يكون عامل تفتيت للوحدة الإسلامية فهذا قول مقبول إلى حد ما, ولكن الذي ينظر للحراك السياسي في إيران يعرف أن فكرة ولاية الفقيه قادرة على التطور والتفتت والوصول إلى مساحة أكبر من القيم المشتركة  بين الشيعة والسنة , ثم إن إيران بعد فقدانها حليفها في سوريا ستكون في حاجة في حلفاء أقوياء أمام التحديات الدولية التي لن تستطيع مواجهتها وحدها , ثم عن وجود إيران داخل إطار الوحدة الإسلامية سيجعلها حتما أكثر تسامحا في القضايا الخلافية حفاظا على العلاقات مع الحلفاء .

موضوعات ذات صلة على صفحة الأمة الإسلامية