الاثنين، 31 ديسمبر 2012

انتهاء صلاحية النخبة

  إن للمعارضة دور في مهم في الحياة السياسية وهي تعمل من خلال النقد البناء وتقديم النصح وكشف الأخطاء وتقديم الحلول البديلة في إثراء الحياة السياسية , فهي إن لم تكن في الحكم فهي تقدم خدمة جليلة للوطن في وقف تغول الأغلبية وتصحيح مسارها , كان يكفيها شرف هذه المهمة "مؤقتا" لتبقى محترمة في أعين الناس , غير أن النخبة أبت إلا أن تحكم , وليسقط الوطن في أزمات الفقر و الإفلاس و البطالة وليزداد الفقراء فقرا ولتذهب الديمقراطية إلى الجحيم .   لهذا ولغيره الشعب خذل النخبة العالمانية بعد أن اجتهدت في تقديم الدستور في أسوأ صورة وأقبح هيئة , فإن كان هذا عن سوء فهم وعدم استيعاب فهي نخبة لا تستحق الثقة و لا شرف تَحمُل الأمانة ولا تستحقه أيضا إن كان عن غش وتدليس وكذب على الشعب , فهي في الحالتين آثمة .
   عندما تفشل المعارضة العالمانية في نيل ثقة الشعب ثم تتجه إلى الخارج ـ الأجنبي العدو المتربص ـ  لكي يدعم توجهاتها فهذا دليل قاطع على أنه لا يمثل هذا الشعب ولكنه في الحقيقة مندوب المصالح الغربية في مصر  .  عندما تفتقد الحيلة في المسار الديمقراطي وتتحايل عليه بطلب وتحريض الجيش للتدخل في الحياة السياسية فهي توصم نفسها بعار الدكتاتورية وعدم القناعة بالديمقراطية وأنها تريد أن تحكم بأي شكل كان , حتى لو كان بالتبعية للقيادة العسكرية , وهو أيضا يدل على عدم أهليتها للقيادة بل بالذيلية و التبعية للقيادة العسكرية .
  لقد بدت النخبة صغيرة جدا وتعاني من المراهقة السياسية وهي ترفض الحوار مع الحكومة , وتملي شروطا لا تصب في مسيرة الديمقراطية ولا لمصلحة الشعب بل تريد العودة إل نقطة الصفر في مشهد ساذج جدا يذكرنا بطفولتنا عندما يغضب فريق لهزيمته ويريد إعادة "الماتش" من الأول وإلغاء النتيجة , هل هذه نخبة يمكن وصفها ببلوغ سن الرشد ؟!!!  ورفضها الحوار مع الحكومة هي استمرار لسياسة الإقصاء التي كانت تمارسها النخبة لكل ما هو إسلامي أو هو نوع من العزل السياسي الاستعلائي , وما بدا من النخبة سابقا من القبول بالتحالف مع الإخوان أيام النظام السابق يكشف حقيقة هذا التحالف ,أن النخبة كانت تتعامل مع الإخوان من منطلق أنهم ركوبة للوصول إلى السلطة فقد كانوا يعتبرون الإخوان مقاول أنفار واسع العدد , ألا يدل هذا على انتهازية وتسلقية هذه النخبة .
   عندما تزيف النخبة الوعي الشعبي بحقيقة الديمقراطية وبأن الأغلبية تحكم , فإذا بها تقلبها إلى مهزلة عبثية فتبث مع إعلاميها المرتزقة أن الأغلبية لا تحكم ولا تسيطر واخترعت فزاعة سيطرة الأغلبية , هل هذه نخبة تستحق ثقتنا أو أمانة المسئولية ماذا لو حصلت هي على الأغلبية ؟ هل الأقلية الإسلامية تحكم ؟!!!!!.   هل هناك معارضة عاقلة تقف موقفا معاديا لدين الشعب الذي تريد أن تحكمه وإن كان هذا غير معلنا فهو يظهر في سقطات ألسنتها وتبنيها مناهج تتصادم مع تعاليم دين هذا الشعب , ولأن هذه المعارضة في تكوينها الأغلب و الأعم من بني ماركس , وبني ماركس في معظم الشعوب التي حكمتها كان ارتباطها بدينها ارتباط هامشي بخيط رفيع جدا فسهل عليهم التخلي عن أديانها التي لم تشف غليلها ولم تحل مشاكلهم , ونخبتنا تريد أن تطبق نفس طريقة رفقائهم على شعب مصر المتمسك بدينه برباط شديد الذي يعلم أن دينه يتداخل في جميع مجالات حياته , ولهذا الشعب يأبى أن يكون طوع أمرها ـ إلا من التبس عليه الأمرـ  لذلك فإن هذه النخبة تلف حول رقبتها مشنقة سياسية ومجتمعية أيضا .  من عبط هذه النخبة أن تتهم الشعب بالجهل والأمية والفقر والعاطفية أنه تم استقطابه بالزيت و السكر وبمشاعره الدينية بعد فشلها في خمس محاولات انتخابية واستفتاءيه في الحصول على أغلبية  , فبدلا من استرضاء الشعب , فإذا هي تشتمه , في الوقت الذي صوتت فيه بعض الدوائر لصالح الإسلاميين لا تنطبق عليهم هذه الصفات كالمصريين في الخارج والنقابات المهنية وهيئات أعضاء نوادي التدريس , هذا الأمر يعكس مدى بعد هذه النخبة و انفصالها المرضي عن الشعب وتوجهاته وأن تأهلها لموقعها النخبوي جاء بالتعيين الولائي للنظام السابق لا عن جدارة وكفاءة .   يا لها من نكتة و نخبة هذه التي تقف في معسكر معادي وتنتظر تصويتا لصالحها , نخبة تبدي تعاطفا مع إسرائيل وتطالب بغلق الأنفاق لتضييق الحصار حول شعب شقيق لصالح شعب قد خاض في دماءنا واغتصب أراضينا, ثم تعمل على شيطنة فريق مقاوم بطل من شعب فلسطين ثم تدعي ولائها للأمة ولدين الأمة , والله لا يصدق هذا إلا شلة من السكرانين .ثم هي تؤكد فشلها الشعبي باتجاهها للعنف وتحريض أتباعها وتأجير بلطجية وتصبح متورطة في دم عشرة من الإخوان المسلمين دليل على يأسها من التأييد الشعبي .   وتكتمل النكتة بالتحالف مع الأقباط ضد الإسلاميين , ومع إباحية بعض الفنانين والمبدعين ضد شعب يحب التطهر و العفاف , ومع الفاسدين من فلول النظام السابق ضد الشعب الذين أذاقوه ويلات الفقر و المرض و الجهل و التزوير , ثم مع لصوص أعمال النظام السابق ضد الشعب الذي سرقوا ثرواته واستغلوا حاجاته واحتكروا مقوماته , أي مع الجاني ضد الضحية.   ألا يدل ذلك وغيره على انتهاء صلاحية هذه النخبة وأن التعاطي معها قد يصيبنا بالتسمم العقلي و الأخلاقي لهذا انصح بإعادة المنتج إلى دول المنشأ واستعادة فلوسنا وهويتنا.


موضوعات ذات صلة على صفحة .. العالمانية

الجمعة، 28 ديسمبر 2012

لماذا لم نحظى بحكومة قوية؟



لا نحتاج إلى كثير نقاش لندلل على فشل الحكومة الحالية وهذا ليس ذما في شخص د/ هشام قنديل فالرجل لا نشكك في ذمته ولا إخلاصه غير أنه فقط يفتقد الرؤية الثورية الإصلاحية التي يحلم بها الشعب المصري , ولكن ما الذي ألجأنا إلى مثل هذه الحكومة ؟ وللإجابة عن هذا التساؤل لابد من الطواف على بعض الأحداث المؤثرة على هذا التشكيل :
ـ لقد كان لسياسة الإقصاء التي مارسها النظام السابق سببا رئيسيا لهذه المعضلة فقد كانت كل حكومات العالمانيين تتعامل مع الإسلاميين و كأنهم غرباء عن الوطن أو أجانب أو على الأقل ليسوا أهل للثقة حتى أن الأقباط المصريين حظوا بالثقة وتولي المناصب أكثر من المسلم المتدين وهي السياسة التي مارسها الاستعمار الإنجليزي بتقديم القبطي على المسلم في العديد من المناصب القيادية واستمر هذا النظام وكأنه هو استمرار للسياسية الاستعمارية في معاداة الإسلام , فنتج عن ذلك افتقاد الإسلاميين كوادر قادرة على إدارة شئون البلاد وكأن المقصود عمدا من ذلك هو إفشالهم في حالة توليهم الحكم .
ـ كذلك انشغال و انهماك الإخوان المسلمون والتيارات الإسلامية المعارضة للنظام السابق في الصراع السياسي من اجل تغيير وإزاحة هذا النظام جعل كل همها مركزا في هذا الاتجاه على حساب رؤي التنمية و النهوض والتقدم ,واستمر هذا التركيز في الصراع السياسي حتى بعد الثورة بسبب ما تمارسه المعارضة العالمانية من محاولات لإسقاط النظام الجديد الذي أفرزته الثورة و الانتخابات .
ـ الحملة الإعلامية الشرسة الموجهة و الممولة من أعداء الإسلام و الإصلاح والتي ركزت على سيطرة الإخوان وشيطنة الإسلاميين وأخونة الدولة هذا المصطلح الخبيث الذي وضع من أجل عرقلة كل جهود الإصلاح , وكان و اضحا فعلا استجابة الرئيس مرسي للحملة فلم يعين سوى خمسة وزراء من الإخوان من أكثر من ثلاثين وزيرا في حكومة حصل حزب الرئيس فيها على الأغلبية وكذلك الحال في المحافظين و مع ذلك لم تنتهي الحملة الشرسة وصار الأمر كحملة الناس على جحا وهو يركب الحمار بدون ابنه ثم ابنه بدونه ثم ركبا الحمار ثم تركا الحمار وترجلا فلم تنتهي كلمات الناس الناقدة و الساخرة فما بالك مع إعلام يعتبر الإسلاميين غرباء لا يستحقون حقوقهم السياسية في الحكم والقيادة وممول من جهات خارجية وشلل المصالح واللصوصية .
ـ الأمر الأشر هو تغلغل قيادات وكوادر الحزب الوطني في كل مؤسسات الدولة المهمة وسعيها لتعويق عمليات الإصلاح , فهذه قد تم تعيينها في القضاء و الإعلام والشرطة والبترول و الكهرباء وغيرها من المؤسسات الإستراتيجية عن طريق الواسطة والرشوة و حرم منها أفراد الشعب المصري البسطاء فضلا عن المتدينين منهم الذي ليس لهم ظهير من سلطان أو قرابة أو ولاء , لقد كانت هذه الكوادر تتعمد إفشال كل جهود الإصلاح أملا في استعادة سطوتها وسلطانها وامتيازاتها الحرام .
ـ المعارضة العالمانية وتعمدها تشويه كل خطوة تخطوها الحكومة وتفزيع الشعب من قراراتها وتعمدها الكذب والتدليس وتحريض أتباعها على النزول إلى الشارع وتعطيل مصالح الناس فضلا عن تحريضها على إسقاط أول رئيس منتخب لمجرد أنه ليس عالمانيا  , وتعطيل الاستحقاقات الديمقراطية وإيثارها المسار الثوري الفوضوي لعلمها برفض الشعب لها , مما كان له الأثر في إشغال الحكومة والرئاسة بمحاولة إرضائها وتهدئة الشارع على حساب الانشغال بعملية البناء والتنمية .
كل هذا وغيره كان سببا في هذا التعطيل المتعمد لعمليات الإصلاح و البناء , و الحل أرى
ـ أن تكف الحكومة والرئاسة عن الانشغال بإرضاء العصبة العالمانية وتمضي في رؤيتها الإصلاحية مع تكثيف كل جهودها نحو الشعب ومطالبه .
ـ عقد مؤتمرات و ورش عمل بشكل مكثف تناقش الأوضاع الاقتصادية والسياسية والتعليمية وفي كافة مجالات حياتنا و إشراك كافة التيارات السياسية والمجتمعية في إيجاد حلول لمشكلاتنا وتبني الممكن منها لتكوين رؤية إصلاحية متكاملة لدى الحكومة وبرنامج عمل تسير عليه .
ـ من حق الذي حرموا من مناصب في الدولة بسبب انتماءاتهم السياسية ـ "الإسلاميين" تحديدا ـ بالرغم من جدارتهم وإسناد هذه المناصب لغيرهم من أبناء القضاة والمحسوبين على النظام القديم أن يأخذوا فرصتهم ومقاضاة الجهات التي فضلت غيرهم عليهم .
ـ إسناد المهام القيادية المتوسطة للأجيال الجديدة التي حرمت من قبل الحكومة السابقة بعد تدريبهم على العمل العام جيدا وإلحاقهم بالمؤسسات الحكومية حتى تجد الحكومة الجديدة العون منهم بعد أن خذلهم رموز النظام القديم .
ـ التركيز على إصلاح الإعلام فهو الذي يضخم حجم المعارضة العالمانية و هو الذي يضخم الأخطاء ويغفل متعمدا عن تغطية الإنجازات .
لعل و عسى أن يكون نافعا

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

رُباطية الزند



  قام الرئيس محمد مرسي بتعيين أحد أبناء تيار استقلال القضاء المستشار أحمد مكي وزيرا للعدل وأول ما فعله الوزير أن قام بنقل تبعية التفتيش القضائي من بين يديه إلى يد مجلس القضاء الأعلى , وكأن الوزير أعطى القط مفتاح الكرار , كنا ننتظر من مجلس القضاء الأعلى أن يقوم بعملية تطهير للقضاء بعد أن صار مطلبا شعبيا وثوريا ملحا , ولكن يبدو أن مجلس القضاء الأعلى إحدى عقبات الإصلاح لأنه كافئ النائب العام السابق بتعيينه رئيس محكمة استئناف بدلا من أن يحيله للصلاحية , الأمر الذي يؤكد أن مجلس القضاء الأعلى هو أحد أركان الدولة العميقة , و أحد رموز النظام القديم , وكان واضحا هذا أيضا مع الزند في موقفه في نادي القضاة الذي حضره شخصيات متهمة في معركة الجمل وفلول من الحزب الوطني لم يكونوا من أعضاء الهيئة القضائية واعتداء احدهم على أحد القضاة ولم يحرك ساكنا أمام هذا الاعتداء على قاضي في نادي القضاة .
   القوانين تعجز أمام أي تواطؤ بين مجموعة من الناس , بالفعل حدث هذا العجز أمام تواطؤ الشرطة في قضايا قتل المتظاهرين السلميين , والآن ظهر هذا العجز أمام تواطؤ مجموعة من القضاة تحمي نفسها من محاولات التطهير التي تطالب بها الثورة , المؤلم أن مجموعات المصالح المشتركة الآن تتواطأ وتتجمع مع بعضها البعض لتصبح أكثر قوة و شراسة في مواجهة أي عملية إصلاح أو تطهير , أضف إلى تواطؤ الشرطة و القضاء .. رجال الأعمال وفضائياتهم وإعلاميهم المرتزقة وقوى سياسية من و رائها أمريكا وإسرائيل وقوى خارجية أخرى لتشكل أكبر جبهة معارضة لم يسبق لها مثيل , ولو كانت هذه الجبهة تكونت في عصر مبارك لسقط مبارك من فوره , وبالرغم من قوة و عزم هذه العصابة القوية إلا أن الشعب أسقط دعواها وتكتلها لإسقاط أول دستور مصري يتم باختيار شعبي لم يتدخل فيه محتل ولا عسكر ولا رئيس , ومن قبل ذلك الشعب هزم هذه الرباطية في ثلاث انتخابات واستفتاءين يعني خمس ضربات لقوى المعارضة للإصلاح فما عجز عنه الرئيس فعله الشعب , إذن تفعيل دور الشعب هو الذي سيفشل هذه المؤامرات والتكتلات .
   لكن هذه العصابة تلعب  أيضا على الشعب من خلال إعلام مضلل , والرهان على ذكاء الشعب رهان محفوف بالمخاطر لأن أي غلطة من معسكر الثورة و الإصلاح قد يقلب الموازين , لذلك تحييد الإعلام لابد أن تكون من ضمن أدوات المعارك القادمة .
   تواطؤ الإعلام مع القضاء كان واضحا جدا في علمية تغيير النائب العام عبد المجيد محمود و في الوقوف مع الزند وجماعته ثم الانقلاب على القضاة المشاركين في الاستفتاء ليتضح لنا أن القضاة منقسمين إلى معسكرين معسكر الإصلاح ومعسكر الزند بالطبع انحاز الإعلام إلى قضاة الزند واتهم قضاة الإصلاح المشاركين في الاستفتاء بالمشاركة في التزوير واتضح أيضا هذا التواطؤ عندما أيد الإعلام وقفة أعضاء النيابة العامة ضد النائب لعام الجديد , وهو الأمر الذي جرمه كثير من قضاة الاستقلال والإصلاح , في حين أن مجلس القضاء الأعلى وقف ساكنا وتعامل مع الحادث كأنه غائب عن الوعي أمام هذا الإجرام الغير مسبوق من أعضاء في الهيئة القضائية .
   لقد كان واضحا أيضا أن اللجنة المشرفة على الانتخابات خبث تدبيرها حينما بدأت الاستفتاء في المحافظات المعارضة لمرسي لعلها ترفض الدستور وبالتالي تكون نتيجتها السلبية تؤثر بالسلب أيضا على نتيجة المرحلة الثانية الأمر الذي يؤكد أن بعض القضاة منحازين لقوى الثورة المضادة .
ومجلس القضاء الأعلى يجتمع بشكل عاجل لبحث استقالة النائب العام بدون إدانة لما حدث له من ضغط وإكراه من أعضاء النيابة بينما على وجه عاجل يدين الاعتداء على الزند .
   الدستور الجديد بالطبع كان له نصيب من بيان حالة المعارضة للإصلاح بين القضاة لأنه سيحرم قضاة الزند من امتيازاتهم المادية مثل عدم الانتداب إلى جهات أخرى  وعدم تعيين أبنائهم إلا بالجدارة العلمية وهذا يفسر موقفهم من عدم المشاركة في الاستفتاء كسابقة لم تحدث من قبل .
   و هذا التعنت في الرفض للنائب العام الجديد لم تكن له سابقة في عصر مبارك بالرغم من تسلط مبارك وتعيينه امرأة من خارج السلك القضائي لتكون قاضية في أكبر محكمة مصرية و هي المحكمة الدستورية لم تلقى أي رفض يذكر , وفي نفس الوقت لم يفتح احد فاه أمام أكثر من إعلان دستوري صدر من المجلس العسكري كان أخرهم يرفع حكم العسكر فوق حكم الشعب بالرغم من ذلك لم يعترض احد من القضاة ولكن أضرب بعض القضاة اعتراضا على الإعلان الدستوري من رئيس منتخب بل وقطع هذا الإضراب لإصدار حكم بتأجيل الطعن في التصرف في أموال أحد لصوص مبارك .
كل هذه الشواهد تؤكد على سبيل اليقين وباعتراف أحد القضاة الشرفاء "من الصالحون ومنا دون ذلك" يحتاج إلى تطهير من اجل كسر هذا الرباطية التي تحمي الفساد وإلا ستظل دائرة الفساد تعمل في عصر الثورة .

الخميس، 15 نوفمبر 2012

عمالة العالمانيين



   استلم العالمانيون حكم مصر من الاحتلال الانجليزي واستمروا في حكمها ونهبها وقهر أهلها حتى ظنوا أن مصر عزبتهم , وأن الشعب المصري المسلم لن يجرأ أن ينتزعها منهم , لكن لما قامت الثورة ولأول مرة يختار الشعب من يحكمه , فاختار من يمثل دينه وثقافته , ولفظ الغرباء المعتنقون لثقافة الشرق الشيوعي والغرب الليبرالي , تمرد العالمانيون على إرادة الشعب وظنوا أن التظاهرات الفئوية تسقط حكومة أو رئيس منتخب , لذلك لم اختار هذا العنوان تجنيا ولكن من يتابع تاريخ العالمانيين ويعرف توجهاتهم سيعرف مدى عمالتهم , وأنا اقصد بالعالمانيين كل من يعادي الإسلام كمنهج شامل للحياة .
   ظهور العالمانية كان مواكبا للاحتلال الغربي للمنطقة العربية الأمر الذي يؤكد أن النبع الذي يستقون منه الأفكار العالمانية كان غريبا وعدوا , وأن هناك صلة معقودة بين العالمانيين والاحتلال سابقا وبين أعداء الأمة حاليا , ويؤكد هذه العلاقة أن الاحتلال وأعوانه هو الذي مكن له بداية احتلال مواقعه في السياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام والتعليم واستخدمهم الاحتلال ووكلائهم الطغاة من بعده في تبرير المظالم وتعظيم دورهم المزعوم في التقدم والحريات .
  إن العالمانيين الآن مع فلول النظام البائد وبتمويل رجال الأعمال الفاسدين والأقباط ومن ورائهم الكنيسة التي كانت تؤيد النظام السابق حتى بعد انهياره اصطفوا جميعا لمحاربة المشروع الإسلامي ولو كانت حربهم هذه بمثل هذا الاصطفاف والقوة ضد نظام مبارك لسقط من عشرين سنة على الأقل , ولكنهم لم يفعلوا ولو استمر هذا النظام ما كانوا ليفعلوا لسبب واضح أن نظام مبارك كان عالماني وهم عالمانيين , كان يخدم إسرائيل وكذلك فريق منهم , كان الغرب يحتضن مبارك من قفاه راضيا غير مكره  وكذلك العالمانيين , يؤكد هذا أن كل العالمانيين بفريقيه الليبرالي والشيوعي الآن خدامين في صحف وفضائيات رجال أعمال مبارك النهيبة , وكل هذا يثبت أن الفريق العالماني الذي كان يرسم نفسه معارضا لنظام مبارك كان في الحقيقة مجرد ديكور للديمقراطية المزعومة في الفترة المخلوعة .
   هذا النفاق والتملق الذي رضعوه وأدمنوه  مع مبارك لو مارسوه مع الإسلاميين لأكلوا من فوقهم ومن تحت أيديهم ولكن أبوا إلا الحرب إتباعا لشياطينهم  ما يؤكد عمالتهم .
   ولو كان حبهم لمصر ككرههم للإسلام لكانت مصر الآن قوة عظمى , لكنهم ينفذون مخطط الإضعاف والإفقار ولهذا أتهمهم بالعمالة .
   لقد كان الأقباط أقرب لهم من الإسلاميين فلم يُحرم الأقباط من الوظائف في الجيش و الشرطة و الخارجية و القضاء و النيابة و الإعلام و الثقافة بينما حرم الإسلاميون من كل هذا لهذا أقول عن يقين أنتم وكلاء أعداءنا , دافعوا عن حقوق الأقباط والبهائيين والشواذ وعبدة الشيطان وحقوق الملحدين  ولم يدافعوا عن حقوق الإسلاميين في حرية التعبد لله بإغلاق المساجد أو حتى الدفاع عن دينهم .
 وهذا الهدم والإحباط الذي يمارسه إعلام العالمانيين الفلول يريد أن يجعلنا نيأس ونشعر أن الثورة لم تفعل لنا شيئا جديدا هو يصب في مصلحة الحرامية الذين نهبونا وفي مصلحة أعداءنا بالخارج التي لا تريد لمصر نهضة و لا قومة .
   العالمانيين كانوا دائما مستعدون لتمرير مخططات الغرب والدعاية ومباركة خطواتها , على سبيل المثال أراد الغرب أن يفصل جنوب مصر النوبي عن شمال مصر فنجد دار النشر ميريت تنشر المخطط  ورجل الأعمال ساويرس يمول بإهداء الكاتب حجاج أدول مروج الانفصال جائزة كبيرة(1)
   أرادت إسرائيل ألا يقام مشروع نوويي في مصر فتجد جريدة الشروق تنشر لمحمد المخزنجي مقالا يدعو لهدف إسرائيل في بقاء مصر خارج معسكر التكنولوجيا النووية (2)
  قامت هوليود وصهاينتها بتشويه كل عربي وإسلامي بأفلامها فاتبعها عادل إمام و وحيد حامد و غيرهم وقاموا بتشويه كل عربي و مسلم أليس هذا يعمل لحساب هؤلاء بعضهم أولياء بعض .
رغبة إسرائيل في التخلص من غزة يتبناها حزب التجمع يحرض الشعب المصري(3) ضد حماس بل ويطالب الحكومة المصرية بغزو غزة (4)بعد أن انتصرت على انقلاب حركة فتح كما ذكر ذلك الكاتب حسين كروم.
    أراد الغرب أن يفتت لحمة الوحدة الإسلامية والعربية فعمل إعلامهم على شيطنة العرب فتجد صحافة العالمانيين  يوميا تفيض بغضا في السعودية و قطر والجزائر وتجد الكاتب جمال الغيطاني يكتب رواية "الزيني بركات" ليبث الكراهية بين مصر وتركيا وتنتجها القناة الرابعة الفرنسية كمسلسل تلفزيوني وتفيض كتاباتهم بشيطنة العرب (5)
  أراد الغرب أن نظل تحت قهر حكم عالماني عسكري مستبد فنجد الكاتب د مصطفى كامل السيد يطالب المجلس العسكري بوضع حد للرغبة الشعبية في أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع بجريدة الشروق وغيره كثير يطالب المجلس العسكري بأن يكون له دور في حماية العالمانية و لا ننسى محاولات يحي الجمل و ووثيقة علي السلمي قطب حزب الوفد الليبرالي .
  أراد الغرب أن نظل في معسكر التخلف الاقتصادي والضعف العسكري والجهل العلمي فخير من مارس هذا وكرسه وكلائهم من العسكر وخير من روج لهم وساندهم ومدح حكمهم وبرر مظالمهم هم العالمانيين , فلم تنهض أي دولة عربية ولم تخرج من هذه الدائرة في ظل حكم العالمانيين .
كان المحتل يعمل جاهدا على إقصاء الإسلام والإسلاميين من مواقع الصدارة في كل شيء , وقد فعل ولكن بعض الأعمال لم ينجزها قبل أن ينصرف فجاء وكيله عبد الناصر فنزع الأزهر من استقلاله وضمه إلى البيض الفاسد الذي يرقد تحت جناحه , وألغى المحاكم الشرعية وسجن واعتقل الإسلاميين بعد أن أقصاهم من كافة المراكز المؤثرة في المجتمع وأفسح للشيوعيين كافة مجالات الإعلام وفنون التأثير ومازالوا وارثيها حتى الآن وأقصى كل من كان له توجها إسلاميا ومنهم على سبيل المثال الكاتب المعروف علي أحمد باكثير (6)أقاله من رئاسة المسرح لأنه ألف رواية يفضح فيها اليهود *, ثم أعطى سيناء هدية لإسرائيل والقدس وفلسطين فوق البيعة بعد أن تخلى عن دور مصر الحضاري القيادي .
بالطبع العالمانيين لم يعملوا "ببلاش" ولكن كان الثمن في انتظار كل من أبدى كرهها أو تهميشا للدين في حياته وفي المجتمع من وظائف في الثقافة و الإعلام والتعليم والقضاء والخارجية والجيش والشرطة وفي المؤسسات السياسية والاقتصادية , في الوقت الذي أقصي كل من بدا عليه علامات التدين الحق .
لقد كان حشدهم يوم الجمعة  12/10/2012 سببا رئيسيا في تراجع النائب العام وتمرده على قرار رئيس الجمهورية وتمسكه بمنصبه الذي يحمي من خلاله قوى الفساد التي وقفت ضد الثورة وضد إرادة وحق الشعب في اختيار من يحكمه وينيب عنه .
  لماذا لا نرى انتخابات حزبية كالتي رأيناها في انتخابات حزب الحرية و العدالة أو حزب النور ؟ لسبب بسيط أن زعماء الأحزاب يتعاملون مع الحزب كعزبة , والعزبة لا تعمل انتخابات فهي ملك من يمولها وبالطبع الأعضاء لا يمولون ولكن يأكلون فقط ويصفقون فليس لهم حق الانتخاب , أذكر أن بعض الأحزاب الورقية أيام النظام البائد كان يعمل وليمة فتة باللحمة فإذا جاء الفقراء وجدوا العزومة عبارة عن مؤتمر يزأر فيه زعيم الحزب لمطالب الغلابة فإذا سألوا على الفتة كان الرد بعد الاستماع إلى خطبة الزعيم وتصوير الجموع التي أتت على لحم بطنها للاستماع إلى خطبة الزعيم .
لقد  رصدت وثائق ويكيليكس طابورا خامسا يرتاد باب السفارة الأمريكية يطلب الأجرة و ويتلقى التعليمات (7) ولا نجد من يحقق و يبحث ورائهم من زوار الفجر الذين كان الإسلام وحده هدفهم وشغلتهم .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   حجاج أدول يحصل على حائزة من ساويرس http://www.masress.com/shorouk/539903

(2)   محمد المخزنجي يكتب عن البرنامج النووي المصري بأنه ضرب من الجنون http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=410722

(4)   حزب التجمع يحرض الحكومة المصرية على غزو غزة و التخلص من حماس http://today.almasryalyoum.com/printerfriendly.aspx?ArticleID=73246
(5)عبد المنعم سعيد رئيس تحرير الأهرام السابق يندد باختراق مزعوم لحماس لحدود مصر ويتغاضى عن اختراقات إسرائيلية وقتل الجنود المصريين على الحدود http://www.ahram.org.eg/The-Writers/News/1927.aspx
(6)علي أحمد باكثير
(7) قائمة بالصحفيين والسياسيين ونشطاء حقوق الإنسان الذين تلقوا تمويلا من السفارة الأمريكية والتي نشرها موقع ويكيلكس

الخميس، 18 أكتوبر 2012

شاهد على أحداث التحرير 11/10/2012


بعد أن حكمت المحكمة ببراءة رجال أعمال الحزب الوطني المتورطين في موقعة الجمل ذهبت يوم الخميس الماضي 11/10/2012 إلى ميدان التحرير بعد صلاة المغرب بقليل وقابلت بعض الإخوان الذين أعرفهم في الميدان وسط جمهور عريض من الشعب المصري .. هتفنا ضد النائب العام وطالبنا بضرورة تطهير القضاء.  لم يعجب هذا بعض الشيوعيين, وحاول بعضهم الهتاف لإسقاط الإخوان لكن أفرادًا من الشعب أسكتوهم وحصلت مشادات أخرجت ما كان يضمره بعض الشيوعيين وخرجت من أفواههم تهديدات كمثل" اللي ها نشوفه بكره من الإخوان هنا ها نطلع دين أمه" استفز ذلك بعض الشباب فكانت النتيجة طردهم من الميدان, سمعت التهديد ولم أعر له أهمية ولكن عندما عدت إلى الفيس بوك وجدت التهديدات للإخوان تملأه .. ولم آخذها على محمل الجد.
 ذهبت يوم الجمعة بعد الصلاة مصطحبا زوجتي وابنتي الصغيرة .. درت حول "الصينية" أي قلب الميدان, وحول المنصة فلم أقابل أحدًا من الإخوان أعرفه أبدا.. عرفت أن الإخوان لم يأتوا بعد وكان الميدان يموج بمختلف التيارات فضلا عن الشعب.. كانت الهتافات تدور حول إقالة النائب العام وتأييد مرسي في قراره وتطهير القضاء, اتصلت بالإخوان الذين أعرفهم قالوا إنهم في الطريق, ذهبت لنأكل وصليت العصر ثم خرجت من المسجد القريب من الميدان في شارع باب اللوق فوجدت أثرًا لمشادات, وشخصًا له لحية خفيفة منزويًا يكاد يبكي يقول "مش معقول شوية عيال زي دول يطردونا من الميدان " عرفت أنها  كانت معركة.. دخلت الميدان فوجدت العديد من الرايات الحمراء للاشتراكيين الثوريين والحزب الشيوعي الثوري والحزب الشيوعي المصري تلتف حول المنصة, تأكدت أن الشيوعيين قد تعاركوا مع جموع الشعب التي رفضت الشتائم والإهانات لمرسي والإخوان, علمت أنه قد حصلت مشادات في الميدان وتأكدت أن الإخوان لم يأتوا بعد. عزمت على الخروج من الميدان والعودة للبيت طالما أن الإخوان لم يأتوا, وأثناء ذلك بدأ قذف الطوب نحوي أنا وزوجتي وابنتي.. أسرعنا الخطى.. لم أعرف من الذي يقذف الطوب.. أسرعت في اتجاه المترو طلبت من زوجتي أن تذهب خوفا على ابنتي, وعدت أنا لأعرف من يقذف الطوب. اتصلت مرة ثانية بمن أعرفه من الإخوان فعرفت أنهم يتجمعون عند المتحف ثم الذهاب إلى دار القضاء العالي, عزمت على التوجه إلى المتحف من ناحية قصر النيل ومن خلف مبنى الحزب الوطني المحترق ثم ميدان عبد المنعم رياض إلى المتحف.  بالفعل وجدت الإخوان وعرفت أنهم يتجمعون للذهاب لدار القضاء العالي ويرفضون المشاركة في قذف الطوب الدائر في الميدان. كان البعض مصطحبا أسرته والبعض قد أعادهم إلى البيت تحسبا لتطورات الأحداث, ولكني أصررت أن أعرف من يقذف الطوب ودخلت الميدان.. أول ما قابلني بعض أفراد الشعب قد أمسكوا بلطجيا بعد أن أوسعوه ضربا يعترف بأنه تلقى مائة جنيه ليشترك في ضرب الإخوان من سيارة سوداء لا يعرف من بداخلها, دخلت الميدان فوجدت قذف الطوب قد انتهى وأن أصحاب الرايات الحمر قد طردوا من الميدان إلى شارع طلعت حرب ولكنهم يواصلون قذف الطوب ليدخلوا الميدان مرة أخرى. حاولت التعرف على واحد من الإخوان الذين أعرفهم يشترك في قذف الطوب نحو الشيوعيين فلم أتعرف على أحد. قلت إذا كان الإخوان متجمعين عند المتحف فمن يقذف هؤلاء إلا الشعب المصري الذي يرفض الشيوعيين ببذاءاتهم وأفكارهم المعوجة, وإن كان من بينهم بعض الإخوان ممن استفزتهم بذاءات الشيوعيين. ووجدت أنصار حمدين قد طُردوا أيضا إلى شارع باب اللوق وكانت تدور بينهم مشادات وبين أفراد من الشعب حول اليوم وضرورة التكاتف حول أهداف الثورة التي من بينها إقالة النائب العام وتطهير القضاء, ولكن إصرار حمدين على توجيه الشتائم لمرسي والإخوان كان يستفز الشعب ضدهم ويحول بينهم وبين دخول الميدان حتى أن البعض كان يقابل هتافات حمدين المستفزة بهتاف "أيد واحدة "كان حمدين يرد "إيدكم وسخة "  وكان الشعب يهتف ضد النائب العام فيقابلهم أنصار حمدين بهتاف بسقوط الإخوان.. كان المتظاهرون يرفعون أعلام مصر بينما كان الشيوعيون والتيار الشعبي يرفعون أعلامهم الخاصة, لم يكن في الميدان 6 ابريل واستغربت من عدم تواجد السلفيين بالرغم من تصريح قادتهم بضرورة الضغط لإقالة النائب العام, فهمت هنا أنهم يقصدون: "على الإخوان والشعب أن يضغطوا لإقالة النائب العام" , تأكدت أن الإخوان لا يريدون مواجهة بدليل تجمعهم عند المتحف, واصطحابهم لزوجاتهم وأبنائهم, عدت ووقفت معهم عند المتحف وقبيل المغرب بقليل تجمعنا في مسيرة وذهبنا إلى دار القضاء العالي, وعلمنا أن الشيوعيين أحرقوا أوتوبيسين للإخوان بعد أن غادر الشعب والإخوان الميدان, ورفضت القيادات الميدانية أن نتحرك لإنقاذ الأوتوبيسات, وفي الثامنة مساءًا غادرنا, ولكن كثيرًا من أفراد الشعب ظلوا واقفين عند دار القضاء يرددون الهتافات ضد النائب والقضاء.
  عرفت وتأكدت أن الشعب يكره الشيوعيين لذلك أصر على طردهم من الميدان, ولا غرابة في ذلك فالشيوعيون أنفسهم يعرفون كراهية الشعب لهم ولذلك يتخفون وراء رايات وأسماء مختلفة, فهم يتخفون تحت الاشتراكية والناصرية والعدالة الاجتماعية ويتوزعون تحت قيادات متعددة مرة تحت حمدين باسم حزب الكرامة, ثم لفظ الحزب الذي أسسه بعد أن ظن انه في غنى عنه واستقال تحت زعم أنه قيادة شعبية لا يحتاج إلى حزب يدعمه ثم آخراً التيار الشعبي, وحزب التجمع التقدمي بقيادة رفعت السعيد الذي استقال منه البدري فرغلي بعد أن فضح الحزب قائلا إنه فرع للحزب الوطني ولا نستغرب فقد كان حزب التجمع ممثلا في حكومة العسكر, وكلا الحزبين دخل انتخابات مجلس الشعب السابقة متخفيا تحت قائمتي حزبين كبيرين, دخل حزب الكرامة تحت قائمة الحرية والعدالة, ثم تنكر له بعد أن أكل في بيته  وحضر مؤتمرات الحرية والعدالة الانتخابية ووزعت لهم دعاية عليها صورهم دون أن يدفعوا مليما واحدا, وها نحن نرى حمدين يتنكر ويتهم الإخوان, وكمال أبو عيطة يتهم الإخوان بأن لهم ميليشيات.. وتخفى حزب التجمع تحت قائمة المصريين الأحرار ولولا تخفيهم ما فاز منهم أحد, ولا ننسى تصريحات سامح عاشور وهو يطالب العسكري بإلحاح للتدخل لتشكيل اللجنة الدستورية رافضا نتائج الانتخابات, ويقف محاميا عن النائب العام بعد أن قام بتمثيل دور المدافع عن الشهداء أمام قضاة مبارك, وتدخل المجلس العسكري لإنقاذ سامح خليل زعيم الاشتراكيين الثوريين من ضرب الشعب له في الإسكندرية.

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

فضيحة الشيوعيين


        


بعد أن حكمت المحكمة ببراءة رجال أعمال الحزب الوطني المتورطين في موقعة الجمل ذهبت يوم الخميس 11/10/2012 إلى ميدان التحرير بعد صلاة المغرب بقليل قابلت بعض الإخوان الذين أعرفهم في الميدان وسط جمهور عريض من الشعب المصري هتفنا ضد النائب العام وطالبنا بضرورة تطهير القضاء لم يعجب هذا بعض الشيوعيين أتباع حمدين حاول بعضهم الهتاف لإسقاط الإخوان لكن أفراد من الشعب أسكتوهم وحصلت مشادات أخرجت ما كان يضمره بعض الشيوعيين وخرجت من أفواههم تهديدات كمثل" اللي ها نشوفه بكره من الإخوان هنا ها نطلع دين أمه" استفز ذلك بعض الشباب فكانت النتيجة طردهم من الميدان , سمعت التهديد ولم أعر له أهمية ولكن عندما عدت إلى الفيس بوك وجدت التهديدات للإخوان تملئه ولم آخذها على محمل الجد , ذهبت يوم الجمعة بعد الصلاة مصطحبا زوجتي وابنتي الصغيرة لففت الصينية وحول المنصة فلم أقابل احد من الإخوان أعرفه أبدا عرفت أن الإخوان لم يأتوا بعد وكان الميدان يموج بمختلف التيارات فضلا عن الشعب كانت الهتافات تدور حول إقالة النائب العام وتأييد مرسي في قراره وتطهير القضاء , اتصلت بالإخوان الذين أعرفهم قالوا أنهم في الطريق , ذهبت للإفطار أنا وزوجتي وابنتي وصليت العصر ثم خرجت من المسجد القريب من الميدان في شارع باب اللوق وجدت أثر لمشادات وأحد أفراد الشعب ملتحي لحية خفيفة واقفا على جنب يكاد يبكي يقول "مش معقول شوية عيال زي دول يطردونا من الميدان " عرفت أنها  كانت معركة , دخلت الميدان وجدت العديد من الرايات الحمراء للاشتراكيين الثوريين والحزب الشيوعي الثوري والحزب الشيوعي المصري تلتف حول المنصة , تأكدت أن الشيوعيين قد تعاركوا مع جموع الشعب المصري التي رفضت الشتائم و الاهانات لمرسي والإخوان , علمت أنه قد حصلت مشادات في الميدان وتأكدت أن الإخوان لم يأتوا بعد عزمت على الخروج من الميدان والعودة للبيت طالما أن الإخوان لم يأتوا بعد , وأثناء ذلك رأيت قذف الطوب قد بدأ نحوي أنا وزوجتي وابنتي أسرعنا الخطى , لم أعرف من الذي يقذف الطوب أسرعت في اتجاه المترو طلبت من زوجتي أن تذهب هي خوفا على ابنتي رؤى , وعدت أنا لأعرف من يقذف الطوب اتصلت مرة ثانية لمن أعرفه من الإخوان عرفت أنهم يتجمعون عند المتحف ثم الذهاب إلى دار القضاء العالي , عزمت على التوجه إلى المتحف من خلف موقع البناء أمام هيلتون ثم خلف مبنى الحزب الوطني المحترق ثم ميدان عبد المنعم رياض ثم المتحف بالفعل وجدت الإخوان عرفت أنهم يتجمعون للذهاب لدار القضاء العالي ويرفضون المشاركة في قذف الطوب الدائر في الميدان كان البعض مصطحبا أسرته والبعض قد أعادهم إلى البيت تحسبا لتتطور الأحداث  , ولكني أصررت أن أعرف من يقذف الطوب ودخلت الميدان أول شيء قابلته بعض أفراد الشعب قد أمسكوا ببلطجي بعد أن أوسعوه ضربا يعترف بأنه تلقى مائة جنيه ليشترك في ضرب الإخوان من سيارة سوداء لا يعرف من بداخلها , ثم دخلت الميدان وجدت قذف الطوب قد انتهى من الميدان وأن أصحاب الرايات الحمر قد طردوا من الميدان إلى شارع طلعت حرب ولكنهم يواصلون قذف الطوب ليدخلوا الميدان مرة أخرى حاولت التعرف على أي أحد من الإخوان الذين أعرفهم يشترك في قذف الطوب نحو الشيوعيين فلم أتعرف قلت إذا كان الإخوان متجمعون عند المتحف فمن يقذف هؤلاء إلا الشعب المصري الذي يرفض الشيوعيين ببذاءتهم وأفكارهم المعوجة , وإن كان من بينهم بعض الإخوان ممن استفزتهم بذاءات الشيوعيين ووجدت أنصار حمدين قد طردوا أيضا إلى شارع باب اللوق وكانت تدور بينهم مشادات وبين أفراد من الشعب حول اليوم وضرورة التكاتف حول أهداف الثورة التي من بينها إقالة النائب العام وتطهير القضاء , ولكن إصرار حمدين على توجيه الشتائم لمرسي والإخوان كانت تستفز الشعب ضدهم وتحول بينهم وبين دخول الميدان حتى أن البعض كان يقابل هتافات حمدين المستفزة بهتاف "أيد واحدة "كان حمدين يرد "إيدكم وسخة "  وكان الشعب يهتف ضد النائب العام فيقابلهم أنصار حمدين بهتاف لسقوط الإخوان ظنا منهم أن المتواجدين أمامهم كلهم إخوان وبينما كان الشعب ومن بينهم من الإخوان يرفعون أعلام مصركان كل الشيوعيون ومنهم التيار الشعبي يرفعون أعلامهم الخاصة فقط , لم يكن في الميدان 6 ابريل واستغربت من عدم تواجد السلفيين بالرغم من تصريح قادتهم بضرورة الضغط لإقالة النائب العام , فهمت هنا أنهم يقصدون : "على الإخوان والشعب أن يضغطوا هم لإقالة النائب العام ونتفرج نحن وننتظر توزيع الغنائم" , تأكدت أن الإخوان لا يريدون مواجهة بدليل تجمعهم عند المتحف , واصطحابهم لزوجاتهم وأبنائهم , عدت ووقفت معهم عند المتحف وقبيل المغرب بقليل تجمعنا في مسيرة وذهبنا إلى دار القضاء العالي , وعلمنا أن الشيوعيين أحرقوا أوتوبيسين للإخوان بعد أن غادر الشعب والإخوان الميدان , ورفضت القيادات الميدانية أن نتحرك لإنقاذ الأتوبيسات , وفي  الثامنة مساءا غادرنا , ولكن كثير من أفراد الشعب ظل واقفا عند دار القضاء يرددون الهتافات ضد النائب والقضاء .
  عرفت وتأكدت أن الشعب يكره الشيوعيين لذلك أصر على طردهم من الميدان , ولا غرابة في ذلك فالشيوعيين أنفسهم يعرفون كراهية الشعب لهم لذلك فهم يتخفون وراء رايات وأسماء مختلفة فهم يتخفون تحت الاشتراكية والناصرية والعدالة الاجتماعية ويتوزعون تحت قيادات متعددة مرة تحت حمدين باسم حزب الكرامة ثم لفظه الحزب الذي أسسه بعد أن ظن انه في غنى عنه واستقال تحت زعم انه قيادة شعبية لا يحتاج إلى حزب يدعمه ثم آخراً التيار الشعبي , وحزب التجمع التقدمي بقيادة رفعت السعيد الذي استقال منه البدري فرغلي بعد أن فضح الحزب قائلا إنه فرع للحزب الوطني ولا نستغرب فقد كان حزب التجمع ممثلا في حكومة العسكر , وكلا الحزبين قد دخل انتخابات مجلس الشعب السابقة متخفيا تحت قائمتي حزبين كبيرين , دخل حزب الكرامة تحت قائمة الحرية والعدالة , ثم تنكروا لهم بعد أن أكلوا في بيوتهم  وحضروا مؤتمرات الحرية والعدالة الانتخابية و وزعت لهم دعاية عليها صورهم دون أن يدفعوا مليما واحدا , وها نحن نرى حمدين يتنكر ويجرح ويتهم الإخوان  , وكمال أبو عيطة الآن يتهم الإخوان بأن لهم ميلشيات , وتخفى حزب التجمع تحت قائمة المصريين الأحرار ولولا تخفيهم ما فاز منهم أحد , ولا ننسى تصريحات سامح عاشور بإلحاح يطالب العسكري ضرورة أن يتدخل لتشكيل اللجنة الدستورية رافضا نتائج الانتخابات , والذي وقف الآن محاميا عن النائب العام بعد أن قام بتمثيل دور المدافع عن الشهداء أمام قضاة مبارك  , وتدخل المجلس العسكري لإنقاذ سامح خليل زعيم الاشتراكيين الثوريين من ضرب الشعب له في الإسكندرية.

موضوعات ذات صلة على صفحة .. العالمانية

الخميس، 27 سبتمبر 2012

دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين

لا تفوّت رسالة المدونة هذه!

دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين

كتبهامصطفى الكومي ، في 27 سبتمبر 2012 الساعة: 13:03 م


 دستور الوحدة الثقافية                                                                                                    
محمد الغزالي
مقدمة
   هذا كتاب يتعرض لحاضر المسلمين ومستقبلهم، ويشارك فى إنعاشهم من الغيبوبة الطويلة التى ألمت بهم! إنها إغماءة مقلقة حقا، ظنها أعداء الإسلام بوادر موت، ولكننا خبراء بأمتنا وتاريخها وكبواتها ونهضاتها، ومن أجل ذلك قررنا اعتراض العلل المؤذية ومتابعة جراثيمها هنا وهناك حتى تعود العافية ونستأنف نشاطنا العتيد.. ملهم هذا الكتاب وصاحب موضوعه الأستاذ الإمام حسن البنا ، الذى أصفه ويصفه معى كثيرون بأنه مجدد القرن الرابع عشر للهجرة.. فقد وضع جملة مبادئ تجمع الشمل المتفرق، وتوضح الهدف الغائم، وتعود بالمسلمين إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم، وتتناول ما عراهم خلال الماضى من أسباب العوج والاسترخاء بيد آسية ، وعين لماحة ، فلا تدع سببا لضعف أو خمول.. وعملى كان تأصيل هذه المبادئ وشرحها على ضوء تجاربى المستفادة خلال أربعين عاما فى ميدان الدعوة ، قضيت بعضها مع الإمام الشهيد ، وبعضها مع الرجال الذين رباهم ، وبعضا آخر مع مؤمنين أحبوا دينهم ، وجاهدوا فى سبيله ، وقاوموا ببأس شديد جميع القوى التى أغارت عليه وحاولت إطفاء نوره ، وتنكيس رايته.. إن الظروف التى بدأ فيها حسن البنا دعوته ما تزال قائمة مع خلاف طفيف حينا وكثيف حينا آخر. وهذه الظروف تنشأ من منبعين رئيسين: الاستعمار العالمى الذى اكتسح بتفوقه المدنى والعسكرى كل شبر من أرض الإسلام ، وحاول أن يغير معالمها جملة وتفصيلا لمصالحه الخاصة.. والمنبع الآخر ـ وهو الأخطر والأخبث يجئ من الأدواء التى استشرت فى الكيان الإسلامى نفسه ، نتيجة فساد عام فى أحواله المادية والأدبية ، العلمية والعملية ، الفردية والاجتماعية ، التربوية والسياسية.. والواقع أن الاستعمار العالمى انحدر إلى أقطار فقدت القدرة على الحياة الصحيحة ، واسترق جماهير كان نسبها إلى دينها أبعد شىء عن الصدق ، وقطَّع أوصالا كانت ميتة أو شبه ميتة. كان قلب العالم الإسلامى مذهولا أو مشلولا، والروس يمزقون جناحه الشرقى فى التركستان وسيبيريا. وكان قلب العالم الإسلامى مذهولا أو مشلولا ، والأمريكان يشنون حرب إبادة على مسلمى الفليبين وكان هذا القلب على بلائه وعنائه ، وأجنحته الغربية تهشِّم وتستذل. ثم أطبق الظلام على أرضه جمعاء ، واستفاقت عناصر المقاومة بعد ما فقدت الأمة الكبيرة كل شىء تقريبا ، وتوزعت جهود المقاومين على جبهات عديدة مضنية. كان ذلك فى مبادئ القرن الرابع عشر وأواسطه ، ولا ريب أن الأخلاف العانين كانوا يحصدون ثمرات انحراف قديم ، وإسفاف غبرت عليه أيام كالحة! ومن الخطأ القول بأن حسن البنا أول من رفع راية المقاومة فى هذا القرن الذليل. لقد سبقه فى المشرق العربى، والمغرب العربى، وأعماق الهند وإندونيسيا، وغيرهما، رجال اشتبكوا مع الأعداء فى ميادين الحرب والسياسة والتعليم والتربية، وأبلوا بلاء حسنا فى خدمة دينهم وأمتهم. وليس يضيرهم أبدا أنهم انهزموا آخر الأمر، فقد أدوا واجبهم لله ، وأتم من بعدهم بقية الشوط الذى هلكوا دونه.. إن حسن البنا استفاد من تجارب القادة الذين سبقوه ، وجمع الله فى شخصه مواهب تفرقت فى أناس كثيرين. كان مدمنا لتلاوة القرآن يتلوه بصوت رخيم ، وكان يحسن تفسيره كأنه الطبرى أو القرطبى ، وله مقدرة ملحوظة على فهم أصعب المعانى ثم عرضها على الجماهير بأسلوب سهل قريب.. وهو لم يحمل عنوان التصوف ، بل لقد ابعد من طريقة كانت تنتمى إليها بيئته. ومع ذلك فإن أسلوبه فى التربية وتعهد الأتباع وإشعاع مشاعر الحب فى الله كان يذكر بالحارث المحاسبى وأبى حامد الغزالى… وقد درس السنة المطهرة على والده الذى أعاد ترتيب مسند أحمد بن حنبل ، كما درس الفقه المذهبى باقتضاب فأفاده ذلك بصرا سديدا بمنهج السلف والخلف. ووقف حسن البنا على منهج محمد عبده وتلميذه صاحب المنار الشيخ محمد رشيد رضا و وقع بينه وبين الأخير حوار مهذب. ومع إعجابه بالقدرة العلمية للشيخ رشيد، وإفادته منها، فقد أبى التورط فيما تورط فيه. ولعله كان أقدر الناس على رفع المستوى الفكرى للجماهير مع محاورة لبقة للابتعاد عن أسباب الخلاف ومظاهر التعصب.. وقد أحاط الأستاذ البنا بالتاريخ الإسلامى ، وتتبع عوامل المد والجزر فى مراحله المختلفة ، وتعمق تعمقا شديدا فى حاضر العالم الإسلامى ، ومؤامرات الاحتلال الأجنبى ضده… ثم فى صمت غريب أخذ الرجل الصالح يتنقل فى مدن مصر وقراها ، وأظنه دخل ثلاثة آلاف قرية من القرى الأربعة الآلاف التى تكون القطر كله.. وخلال عشرين عاما تقريبا صنع الجماعة التى صدعت الاستعمار الثقافى والعسكرى ، ونفخت روح الحياة فى الجسد الهامد.. ثم تحركت أمريكا وإنجلترا وفرنسا ، وأرسلت سفراءها إلى حكومة الملك فاروق طالبين حل جماعة الإخوان المسلمين. وحلت الجماعة وقتل إمامها الشاب الذى بلغ اثنتين وأربعين سنة من العمر، وحملته أكف النساء مع والده الشيخ الثاكل إلى مثواه الأخير، فإن الشرطة كانت تطاردنا ـ نحن المشيعين ـ حتى لا نقترب من مسجد " قيسون " الذى بدأت منه الجنازة!! وتحدثت مع ولده "سيف الإسلام " حديثا لم أنسه!! كان الابن المفزع مغيظا لأن الجسد قطِّع لحما فما تنضام القطع بعضها إلى بعض إلا "بالشاش " ثم بالكفن ولولا ذلك لتبعثرت.!! تذكرت قول الشماخ يرثى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقد طعنه علج طعنة مزقت أمعاءه، وجعلت الدم يخرج ممزوجا بالطعام. جزى الله خيرا من أمير وباركت يد الله فى ذاك الأديم الممزق فمن يسع أو يركب جناحى نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يُسبق قضيت أمورا ، ثم غادرت بعدها بوائج فى أكمامها ، لم تُفتق يعنى أن عمر خلف بعد مماته دواهى كانت على عهده كامنة ، ولم تتحرك إلا بعد ما ولى.
* * *
ولست فى موطن رثاء للإمام، ولا تأريخ لحياته. إننى هنا أعرض المبادئ التى كان يجمع الناس عليها، والأسلوب الناجح الذى أحدث به يقظة إسلامية عظيمة. فإن الظروف التى بدأ فيها جهاده لا تزال قائمة لم يتغير منها إلا الشكل! الاستعمار السياسى هو هو وإن اتخذ ضغطه أسلوبا غير مباشر ، ومادام الختل واللف يغنيان فلا معنى للمصارحة وما تستتبعه من إثارة! والاستعمار الثقافى دائب على سرقة القلوب والقيم ، واجتياح العقائد والشرائع وحيله كثرت وتشعبت حتى بات يخاف على الأجيال المقبلة! واضمحلال العقل الإسلامى واضح فى أغلب ميادين الفقه! وعدد كبير من المشتغلين بفقه العبادات أو المعاملات يحسن النقل التقليدى أكثر مما يحسن الوعى والاجتهاد ، ويغلب عليه ضيق الأفق ولزوم مالا يلزم أما الفشل فى شئون الدنيا فأمره مخجل حتى إن ما نأكله من طعام أو ما نأخذه من دواء أو ما نرتديه من لباس يصنعه لنا غيرنا وأما صناعات السلاح وما يحمى الشرف ويصون الإيمان فشىء لا ناقة لنا فيه ولا جمل ، كما يقول العرب الأقدمون. لقد بدأ حسن البنا عمله من الصفر ، وشرع دون ضجيج يحى الإسلام المستكن فى القلوب ، ويوجهه للعمل ويكفى الإمام الشهيد شرفا أنه صانع الشباب الذين نسفوا معسكرات الإنجليز على ضفاف القناة ومازالوا بهم حتى أغروهم بالرحيل! ويكفيه شرفا أنه صانع الشباب الذين ما اشتبكوا مع اليهود فى حرب إلا ألحقوا بهم الهزيمة وأجبروهم على الهرب… إن ذلك هو ما جعل الاستعمار مصرا على معاداة هذه المدرسة ، وإلحاق الأذى بها حيثما ظهرت.. لقد بدأت العمل مع حسن البنا وأنا طالب فى الأزهر ، من خمس وأربعين سنة تقريبا ، والحالة العامة يومئذ جديرة بالتسجيل: الحكم منفصل عن العلم ، وهو انفصال مبكر فى تاريخنا للأسف ، كما أشرت إلى ذلك فى بعض كتبى. والتعليم قسمان مدنى ودينى ، وهو عمل استعمارى بارع لضرب الدين والدنيا والتعليم الدينى منقسم على نفسه ، فالفقهاء شىء، والمتصوفة شىء آخر. والمتصوفون فرق لها رايات وشارات مختلفة. والفقهاء توزعوا على المذاهب الأربعة ، ويرفض أحدهم الصلاة وراء الآخر إلا مضطرا. ثم نشب خلاف زاد الطين بلة بين هؤلاء جميعا وبين أهل الحديث. ودخلت الوهابية المعركة باسم أنصار السنة ، فاستعرت الحرب بينها وبين هذه وتلك. وولدت الأحزاب السياسية بعيدة عن الهوس الدينى جاعلة الوطنية شعارها ، وانقسمت هذه الأحزاب بين ضالع مع القصر الملكى ومؤيد للتيار الشعبى. ثم تسللت الشيوعية مستغلة الفقر السائد ، وعارضة ما لديها من فنون الإغراء.. وظهر مستغلون فى مجال العمل السياسى ، وآخرون يقصرون نشاطهم على العمل الاجتماعى وحده وسط هذا البلاء والتمزق الشامل كان حسن البنا يدعو إلى الإسلام دينا ودولة، ويتخلص بلباقة من الآصار الموروثة والأهواء الوافدة. كان يحارب التقاليد الغبية بنفس العزم الذى يحارب به الغزو الفكرى. وأشهد أنه محق ذاته فى مرضاة الله وبذل النصح للعامة والخاصة ، وكان يضن بالدقيقة من يومه أن تضيع فى غير مصلحة الإسلام والمسلمين.. والأصول العشرون التى وضعها والتى أشرحها هنا ليست الكلمة الأولى والأخيرة فى الطرق الثقافية لخدمة الأمة الإسلامية.. إنها مقترحات ـ وأصطنع هنا أسلوب حسن البنا ـ مقترحات مجربة للم الشمل ، وعلاج العثرات ، فمن كان لديه أحسن فليعرضه ، أو نقد فليذكره ، ولنتعاون جميعا على إعلاء كلمة الدين والنصح لهذه الأمة. المسلمون الآن عبء ثقيل على الإسلام ، وهم لا يستحقون الحياة إلا إذا أنصفوا الوحى النازل بين ظهرانيهم ، وخلصوه من تخليطهم وجهلهم المعيب قرنا بعد قرن.
قد تملكنى ـ وأنا أؤلف هذا الكتاب ـ شعور بأنه لا قداسة إلا للوحى الأعلى ، ولا مكانة إلا للرجال الذين أحسنوا الفقه فيه والعمل به حيث أقامهم القدر.. يجب أن تغربل الأفكار والمذاهب والأعراف والتقاليد التى سادت تاريخنا ، فقدمها لا يعطيها حق البقاء! والاحترام للحق وحده! لما قرأت كلمة الشخص الذى قال فى مجلس معاوية: أمير المؤمنين هذا، فإن هلك فهذا ـ يعنى يزيد ـ فمن أبى فهذا ـ يشير إلى سيفه ـ قلت : منافق مرتزق ، يطلب دنيا لنفسه ولقبيلته! والفقيه الذى يصور الشريعة من خلال هذه الكلمة ليس أحسن حالا منه إن الفلك قذف بعدة قرون ميتة أمام الحكم العباسى ، وقذف بعدة قرون هالكة أمام الحكم التركى.. فما ذنب الإسلام حتى يحمل المخلفات الثقافية والسياسية لهذه القرون؟ وقد شاء الله أن أعد كتابى هذا فى مطالع القرن الخامس عشر الهجرى وأعداؤنا يحفرون لنا القبور التى تطوينا ، وأمتنا ـ عفا الله عنها ـ لا تزال تتعثر فى تفاهاتها. إن الإسلام يجب أن يبقى وأن يقود.
    فالحق عندنا وحدنا ، وعلينا أن ندرك نفاسة ما أكرمنا الله به ، وأن نحسن نفع أنفسنا ونفع الناس به. هناك تحديات تواجه الدعوة الإسلامية ، بل تواجه الرسالة الإسلامية ذاتها ، أقلها من الخارج وأكثرها من الداخل!! نعم فإن الآفات التى تنخر فى الكيان الإسلامى أشبهت الأمراض المتوطنة وقد ألحقت به معاطب مخوفة ، ثم انتهت به خواتيم القرن الرابع عشر الهجرى إلى حال تسوء الصديق وتسر العدو.. عندما تعرض المذاهب العلمانية برامجها السياسية والاقتصادية تحسن التفاهم مع الطبيعة البشرية ، وتحسن تقديم الحكم بريئا من نزوات الاستبداد الفردى ، وتقديم المجتمع بعيدا عن شهوات الشح والأثرة والتظالم البغيض. أما نحن فماذا نقدم للناس؟ شورى هى حبر على ورق ، وتراحم هو حديث منابر ، وشعائر توقف فيها نبض الحياة ، فلا هى حب لله ولا هى حنان على الناس إننا منتمون إلى الإسلام ومنكرون له فى آن واحد ، منتمون له بالميراث وخارجون عليه ماديا وأدبيا ولست أتحامل على الجيل المعاصر ، ولا على الجيل الذى سبقه. إن موجة الجزر بدأت قبل ذلك ، ثم شدت فى انسحابها الأجيال المتأخرة إلا قليلا ممن تشبث بالحق فى مصادره المعصومة ، واستمات كيما تبقى أعلام الإسلام قائمة…
قلت لصديق يحدثنى عن التاريخ الإسلامى : اسمع يا أخى ، إن الأمويين والعباسيين والعثمانيين لم يقدموا صورة صادقة للخلافة الإسلامية ، وتتفاوت نسبة الدمامة فى الصورة التى قدموها تفاوتا يسيرا! وقد عد أئمتنا عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس بعد الراشدين الأربعة ، ثم ماذا؟ ملك عضوض يعمل لنفسه ولله معا ، وعمله لله هو الغطاء الذى يدارى به نهمته إلى الجاه والمال. قد وجد من كان عمله لله أرجح، ثم بدأ هذا الصنف يقل حتى انفرد بالسلطان من لا يعمل إلا لنفسه وحسب. سبحان الله إن الإنسان الكبير الذى قال: "ابغونى فى ضعفائكم! هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم؟ " قامت باسمه نظم تستهلك الشعوب وتفتات على الجماهير ، وتزدرى كل ذى رأى ، وتسجن أئمة الدين أو تقتلهم كما يسجن المجرمون ويقتل السفاحون!! هل تنجح دعوة للإسلام سنادها الداخلى هذا المجون؟ بل هل يبقى الدين نفسه ، مع تلك الأوضاع المقلوبة والحقوق المغصوبة؟ اسمع يا أخى أنا لا أعتبر التتار هم مسقطى الخلافة فى بغداد، إن الخلافة أسقطتها من قبل قصور مترعة بالإثم متخمة بالملذات الحرام أنا لا أعد الصليبيين هم مسقطى دولتنا فى الأندلس ، إن المترفين الناعمين هم الذين أنزلوا راية الإسلام عن هذه الربوع الخضرة ، إن ملوك الطوائف فى الأندلس لم يكونوا أبناء شرعيين لطارق بن زياد ، ولا لغيره من الأبطال الذين باعوا لله أنفسهم فأورثهم الأرضين. إننا نحن قبل غيرنا العقبة الأولى أمام دين عظيم إن التحدى الأولى يجئ من داخل أرضنا ثم تجئ من بعده تحديات الأعداء التقليديين. وقد نقلت فى بعض ما كتبت حديثا يجب أن نتدبره مثنى وثلاث ورباع ، عن ثوبان ـ رضى الله عنه ـ أن النبى - صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إن الله زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتى سيبلغ ملكها ما زُوى ـ جُمع ـ لى منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ـ معادن الأرض وثرواتها ـ وإنى سألت ربى لأمتى ألا يهلكها بسنة عامة ـ قحط شامل ـ وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ـ أجنبيا ـ فيستبيح بيضتهم. وإن ربى قال: يا محمد إنى إذا قضيت قضاء فإنه لا يردّ! إنى أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة! وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم مَن بأقطارها أو مِن بين أقطارها ـ يعنى أهل القارات المعمورة ـ حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، ويسبى بعضهم بعضا " . والحديث ظاهر فى أن مصائبنا من أنفسنا قبل أى شىء ، وأنها تجىء ابتداء من فساد الحكم كما قال عليه الصلاة والسلام فى نهاية هذا الحديث. "وإنما أخاف على أمتى الأئمة المضلين " ـ أى الحكام الفاسدين. فإذا وقع ذلك فى دار الإسلام فينبغى أن ننظر إلى ما وراء هذه الدار لنرى مسافة الخلف بيننا وبين غيرنا ممن لا يدين ديننا. عن المستورد القرشى ـ رضى الله عنه ـ أنه قال عند عمرو بن العاص : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ يقول : تقوم الساعة والروم أكثر الناس فقال له عمرو: أبصر ما تقول قال: أقول ما سمعت من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال عمرو: لئن قلت ذلك ، إن فيهم لخصالا أربع. إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين وضعيف ويتيم. وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك الحق أن هذا وصف رصين أمين لأقطار كثيرة وراء دارنا ، أعنى دار الإسلام. وقد أسأل نفسى: إذا كان المرء يبيت فى دمشق أو بغداد أو استامبول عواصم الخلافات الثلاث الكبرى غير آمن على ماله أو دمه ، ويبيت فى لندن أو باريس أو واشنطن مستريح الطرف والقلب ، فمن يعطيه ربك قيادة الإنسانية ، ويقر الأمور فى يده ؟! قال لى محدثى: أنت غضبان، وفى أحكامك قسوة أو حيف! دعك من الكلام فى عوج الحكام ، وحدثنا عن التحديات التى تعترض الدعوة الإسلامية فى الخارج.. قلت: أنا أحب علاج العلل من جذرها ، وما ذكرت قصة الحكم إلا لأنها نموذج للانحراف عن الخط الإسلامى ، وإلا فالانحراف أصاب أغلب التقاليد الاجتماعية التى تؤثر فى أخلاقنا ومسالكنا. قال لى: لننظر إلى التحديات الخارجية! قلت: لعل أول هذه التحديات جهلنا بالآخرين! إننا لم نكلف أنفسنا مد البصر إلى ما وراء حدودنا مع أننا أصحاب دعوة عالمية. نعم لم نحاول أن نعرف كيف يفكر أو كيف يعيش اليهود والنصارى وغيرهم فى بلادهم ، وما هى الأطوار النفسية والاجتماعية التى تمر بهم؟ والغريب أن القوم هم الذين تعرفوا علينا ودرسوا بلادنا وخبروا شئوننا ، وكشفوا حتى عما فى تربتنا من معادن وفى برنا وبحرنا من خيرات. إن علماء المشرقيات أو المستشرقين نقبوا فى تراثنا الماضى ، وفى واقعنا المعاصر ، ومنذ عدة قرون وهم دائبون فى البحث ، ونحن مغرقون فى الجهل حتى عرفونا معرفة استيعاب. أما نحن فقابعون فى أماكننا لا ندرى ماذا يحدث فى أوربا ، ثم ماذا يحدث فى أمريكا واستراليا بعد اكتشافهما. ولا ندرى ما ثورات التحرر التى وقعت فى انجلترا وفرنسا وغيرهما. ولا ندرى ما يخطط اليهود لمستقبلهم ومستقبل الدنيا معهم. ولا ندرى أدوار الصراع بين الدين والعلم فى الغرب ، والصدع الذى أصاب الكنيسة فى هذا النزاع الوحشى. ومن المضحك أن "نلسون " وهو يطارد نابليون فى البحر الأبيض المتوسط رسا بأسطوله فى الإسكندرية ، وسأل محافظ الثغر عن قائد الحملة المنتظرة؟ ودهش المحافظ الساذج ، ونفى علمه بنية الفرنسيين ، وتساءل: هل يجرؤ أحد على التعرض لأملاك السلطان؟ إن الموظف الكبير لا يدرى شيئا عما يقع فى دنيا الناس! وهو مثل الجماهير قد تفق فى حلق الشارب وإنماء اللحية ، وتحسب أنها استكملت عرى الإيمان بالوفاء للشكل ، والمحق للموضوع. إن تربية اللحية لا وزن لها مع انعدام تربية النفس والعقل ، ومع فراغ القلب واللب..! وأمر آخر ساء موقفنا فيه جبرا هو عدم إفادتنا من العلم المادى الذى وثب وثبات فسيحة فى اكتشاف أسرار الفطرة وإحسان تطويعها لمطالب الناس. بدأ هذا العلم مسيرته المظفرة بعدما قهر كهنوت الكنيسة ، وتجاوز العجز الإسلامى فى بلاده الهاجعة!! العقل الإنسانى وحده أخذ يتحسس طريقه فى البحث والدرس حتى نجح، ثم أغراه النجاح فطفر من أفق إلى أفق حتى غزا الفضاء. ص _01 ص
صحيح أنه استفاد من إشراقة الإسلام الأولى حين غمرت حضارته الدنيا، ومؤرخو الحضارة الإنسانية يؤكدون ذلك. ولكن المسلمين نسوا وظيفتهم، ورسالتهم، واستطاع الجهلة فى بلادهم أن يملكوا أزمة السلطة، فما الذى يربط العالم بهم؟ لقد انطلق العلم وحده وترك طابعه الذكى على كل ما حولنا. واستيقظ اليهود والنصارى قبل فوات الفرصة، واصطلحوا مع المدنية الجديدة كى ينتفعوا بها فى تحقيق مآربهم. ووصلنا نحن بعدما تحرك القطار، فإذا أعداء الأمس يتحركون ومعهم تفوق علمى ساحق ليحتلوا أرضنا، ويفرضوا طابعهم عليها. وشرع المسلمون يستجدون المعرفة الجديدة ليدعموا بها وجودهم المدنى والعسكرى ، وهم يطرقون أبواب المجهول ، علهم يعودون بشىء!! وجرح نفسى أن سمعت مفتيا فى إحدى الإذاعات يقول: إن تعلم اللغات الأخرى يجوز للضرورة ، هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية. كأن تعلم اللغات محظور أصلا ، وما يباح إلا للضرورة! قلت إن ابن تيمية ليس جاهلا ليقول هذا الكلام ، كيف ونبينا مرسل للعالمين ولغات الناس لا حصر لها؟ وعدت إلى كتاب "ابن تيمية": (اقتضاء الصراط المستقيم فى مخالفة أصحاب الجحيم) فرأيت الرجل فى واد ، والمفتى فى واد آخر.. رأيت ابن تيمية يكره انحلال الشخصية العربية ويرفض أن يتكلم الرجل بكلام بعضه عربى وبعضه أعجمى اعتزازا بجنسية أخرى ، كما تلمح ذلك فى بعض ضعاف الشخصية الذين ينسون عروبتهم وتغلب عليهم رطانات أخرى. وشتان بين القضيتين! إن لبس الحق بالباطل ما يجىء إلا من هذا القصور الفقهى. وتعلم اللغات الأخرى واجب لمنافع دينية ودنيوية لا حدود لها ، وليس ذلك بداهة على حساب اللغة القومية! والناس يعرفون ذلك فى كل قارة ، ولكن التدين المغشوش يفسد البداهة ويمسخ الفطرة.. وكأن القدر ـ ازدراء لهذا التدين ـ أبى إلا أن تكون النهضة العقلية العارمة بعيدة عنه ، ولا نقول: منكرة له.. على أن التحدى الأعظم للإسلام كله هو فى يقظة كل القوى المعادية له، وتبييتها النية على اغتياله! أجل لقد صحت اليهودية والنصرانية والشيوعية والوثنية ، وتملكتها رغبة مجنونة للقضاء على هذا الدين وانتهاز ما يسود بلاده من غفلة وفرقة لتوجيه الضربة الأخيرة. ولو قدرت على استنصات المسلمين فى المشارق والمغارب، وبعث شعورهم العازب، لصرخت فى آذانهم: احذروا : الإسلام فى خطر!! إن خصوم الدين الحق يتمتعون بقوى مدنية وعسكرية هائلة، ويرسمون سياساتهم فى أناة وذكاء، يرسمونها على قدر كبير من البرود والثقة.. وما أظن العالم يساوى شيئا إذا جحدت الخلائق ربها وأرخصت حقه ونسيت لقاءه.. وأماتت هذا الإسلام الجريح وأنكرت عليه حق الحياة!! ولا أعرف للبقاء فى الدنيا معنى إذا حدث ذلك! وأعود إلى ما ذكرت آنفا. إن تحديات الدعوة الإسلامية تجىء ـ قبل أى زحف خارجى ـ من داخل أرضه ، وسوف تتلاشى هذه التحديات كلها يوم يعتنق المسلمون الإسلام ، ويدخلون فيه أفواجا ، حكاما وشعوبا. لقد ألفت هذا الكتاب عارضا فيه تجاربى ـ وهى حصيلة معاناة مرة إلى جانب توجيهات رجل موفق لا شبيه له فى تأليف الهمم والألباب وتحشيد الشيوخ والشباب لخدمة الإسلام ومد أشعته فى كل أفق.. أسأل الله ذا الجلال والإكرام أن ينفع به، وأن يجعله فى موازين الحسنات ، وأن يغفر لى ما قدمت وما أخرت. إنه أهل التقوى وأهل المغفرة.
محمد الغزالى القاهرة أول المحرم سنة 1 ص 01 هـ أول القرن الخامس عشر الهجرى
الدائرة الإسلامية

موضوعات ذات صلة على صفحة .. إسلاميات