الأربعاء، 20 فبراير 2013

كلمات في الوسطية الإسلامية ومعالمها



كتبهامصطفى الكومي ، في 21 ديسمبر 2010 الساعة: 14:00 م

كلمات في الوسطية الإسلامية ومعالمها
يوسف القرضاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى ىله وصحبه ومن اتبع هداه .
(أما بعد)
فإن مما يهلك الأمم الأمم وقوعها في أحد طريقين : طريق الغلو , وطريق الانحلال .
والغلو يعني : التشدد والتنطع والتعسير على عباد الله تعالى , وإيقاعهم في الحرج والشدة , وبتوسيع دائرة الواجبات والمحرمات عليهم , ورفض الرخص التي رخص الله لهم , ولهذا جاء في الحديث " إياكم والغلوفي الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في اليد " , "هلك المتنطعون" قالها ثلاثاً .
ومثل الغلو : التسيب والانحلال والانفراط بتضييع الأوامر والنواهي , واستحلال المحرمات , والتفريط فيالواجبات , وعدم الوقوف عند حدود الله . 
والخير كل الخير في المنهج الوسط , الذي يتجنب الإفراط والتفريط , أو الغلو والتقصير وهو ما دعا إليه القرآن الكريم , والسنة النبوية , حث عليه أمة الإسلام الراسخون في العلم .
 وهذا المنهج وحده ـ منهج الوسطية والاعتدال ـ هو حبل النجاة وسفينة الإنقاذ للأمة مما تعنيه من مآسي ومشكلات .
   ومن فضل الله علينا : ان وفقنا لهذا المنهج الأصيل , وثبتنا عليه . ومن فضله سبحانه : أن أصبح هذا النهج اليوم هو النهج الأول في التوجيه والتأثير , بعد أن كانفي بعض الأزمان موضع الاتهام والغمز .
وقد كتبت هذه الكلمات في بيان هذا المفهوم أو المصطلح , حتى لا يفسره كل من شاء بما شاء . وقد تفضل المركز العالمي للوسطية بالكويت بنشر طبعته الولى وها هي ذي دار الشروق تتولى هذه الطبعة لينتفع بها المسلمون في آفاق الأرض والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
الفقير إلى عفو ربه
يوسف القرضاوي
مقدمة
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه , والصلاة والسلام على خاتم رسله محمد الذي أرسله الله رحمة للعالمين , ونعمة على المؤمنين , كما قال الله تعالى :"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء107)وقال:"لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" (آل عمران164). ورضي الله عن آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
(أما بعد)
فقد كان من نعمة الله تعالى عليّ : أن هداني إلى تبني فكرة الوسطية , ومنهج الوسطية قديم , وهو منهج تلاءم مع فطرتي وعقلي , وانسجم مع فهمي للإسلام من ينابيعه الصافية , كما توائم مع منطق العصر , وحاجات الأمة فيه وعلاقتها بغيرها من الأممفي عصر تقارب الناس فيه حتى غدا العالم قرية واحدة . كما أنه المنهج الذي يعبر عن حقيقة الإسلام , وعن خيرية أمته و وسطيتها وشهودها الإيماني والحضاري على الناس .
وقد نذرت لهذا المنهج نفسي وعمري , وأعطيته فكري ووجداني , ودعوت إليه بلساني وقلمي : إذا حاضرت أو خطبت , وإذا فقّهت أو أفتيت , وإذا علّمت أو ربَّيت , فيكل آليات اتصالي بالناس : على المنبر في المسجد , أوفي قاعة المحاضرة , أو في حلبة التأليف , أو على شاشات الفضائيات , أو على الإنترنت .
وهذه صحائف كتبتها عن "الوسطية ومعالمها" راجيا أن يكون فيها بعض ما يعين على إشاعة هذا المفهوم وتصحيحه وتثبيته , بحيث تتجلى آثاره في حياة المسلمين :فهماً وعملاً وسلوكاً ودعوة .
وإني لأدعو الله تعالى أن ييسر لي فرصة شرح هذه المعالم ـ التي بينتها اليوم ـ شرحا يرد فروعها إلى أصولها , ويصلها بأدلتها من الكتاب العزيز , والسنة المشرفة , كما يربطها بالواقع الذي نعيشه , وبالعصر الذي يفرض علينا نفسه .".. وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" (هود88).
الدوحة في:محرم1428 هـ
يناير2007 م
الفقير إلى عفو ربه يوسف القرضاوي
مفهوم الوسطية
 من قديم تعرضت لبيان مفهوم " الوسطية" وخصائصها ومظاهر تجليها , وذلك في كتابي " الخصائص العامة للإسلام" باعتبار " الوسطية " من ابرز خصائص الإسلام , ويعبَّر عنها أيضا بـ "التوازن" أو"الاعتدال" , ونعني بها : التوسط أو التعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين , بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير , ويطرد الطرف المقابل , وبحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه , ويطغى على مقابله ويحيف عليه .
مثال الأطراف المتقابلة أو المتضادة : الربانية والإنسانية , الروحية والمادية , الأخروية والدنيوية , الوحي والعقل , الماضوية والمستقبلية , الفردية والجماعية الواقعية والمثالية , الثبات والتغير , وما شابهها .
ومعنى التوازن بينها : أن يفسح لكل طرف منها مجاله , ويُعطي حقه "بالقسط" أو "بالقسطاس المستقيم" , بلا وكس ولا شطط , وبلا غلو ولا تقصير , ولا طغيان ولا إخسار . كما أشار إلى ذلك كتاب الله بقوله " وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ"(الرحمن7ـ9). فالوسطية هي التي تقيم الوزن بالقسط , وبلا طغيان ولا إخسار .
عجز الإنسان عن إنشاء نظام متوازن
   وهذا التوازن العادل في الحقيقة أكبر من أن يقدر عليه الإنسان ؛ بعقله المحدود , وعلمه القاصر , فضلا عن تأثير ميوله , ونزعاته الشخصية , والأسرية والحزبية , والإقليمية والعنصرية , وغلبتها عليه من حيث يشعر أو لا يشعر .
   ولهذا يخلو منهج أو نظام يضعه بشر ـ فرد أو جماعة ـ من الإفراط أو التفريط , كما يدل على ذلك استقراء الواقع وقراءة التاريخ .
 إن القادر على إعطاء كل شيء في الوجود ـ ماديا كان أو معنوياـ حقه بحساب وميزان هو الله ؛ الذي خلق كل شيء فقدرَّه تقديرا , وأحاط بكل شيء خُبْرا, وأحصى كل شيء عَدَدا , ووسع كل شيء رحمة وعلما .
   ولا عجب أن نرى هذا التوازن الدقيق في خلق الله , وفيأمر الله جميعا , فهو صاحب الخلق والمر , فظاهرة التوازن , تبدو فيما أمر الله به وشرعه من الهُدى ودين الحق , أي :في نظام الإسلام ومنهجه للحياة , كما تبدو في هذا الكون الذي أبدعته يد الله فأتقنت فيه كل شيء .
ظاهرة التوازن في الكون كله 
   ننظر في العالم من حولنا فنجد الليل والنهار , والظلام والنور , والحرارة والبرودة , والماء واليابس , والغازات المختلفة , كلها بقَدَر وميزان وحساب , لا يطغى شيء منها على مقابله , ولا يخرج عن حدَّه المُقدَّر له .
   وكذلك الشمس القمر والنجوم و المجموعات الكونية فيفضاء الله الفسيح , إن كلاّ منها يسبح في مداره , ويدور فيفلكه , دون أن يصدم غيره , أو يخرج عن دائرته . وصدق الله العظيم إذ يقول :" إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر49) , "..مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ .." (الملك3) , "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" (40يس).
 والإسلام يريد من الأمة المسلمة : أن تعكس ظاهرة التوازن الكونية في حياتها وفكرها وسلوكها , فتتميز بذلك عن سائر الأمم.
   وإلى هذه الخصيصة البارزة يشير قوله تعالى مخاطبا أمة الإسلام :"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا .."(البقرة143) .
ووسطية الأمة الإسلامية إنما هي مستمدَّة من وسطية منهجها ونظامها , فهو وسط لأمة وسط . منهج الاعتدال والتوازن الذي سَلِم من الإفراط والتفريط أو من الغلو والتقصير .
من مزايا الوسطية وفوائدها
 ولقد كان من حكمة الله تعالى أن اختار الوسطية شعاراً مميزاً لهذه الأمة التي هي آخر الأمم , ولهذه الرسالة التي ختم بها الرسالات الإلهية , وبعث بها خاتم أنبيائه , رسولاً للناس جميعاً , ورحمة للعالمين .
الوسطية أليق بالرسالة الخاتمة
 فقد يجوز في رسالة مرحلية محددة الزمان والإطار : أن تعالج التطرف في قضية ما بتطرف مضاد, فإذا كان هناك مبالغة فيالدعوة إلى الواقعية قوَّمت بمبالغة مقابلة في الدعوة إلى المثالية . وإذا كان هناك غلو في النزعة المادية , رُدَّ عليها بغلو معاكس في النزعة إلى الروحية , كما رأينا ذلك في الديانة المسيحية وموقفها من النزعة المادية الواقعية عند اليهود والرومان , فإذا أدَّت الدعوة المرحلية دورها الموقوت , وحَدَّتْ من الغلو , ولو بغلو مثله , كان لابد من العودة إلى الحد الوسط , وإلى الصراط السوي , فتعتدل كفتا الميزان وهذا ما جاءت به رسالة الإسلام بوصفها رسالة عالمية خالدة .
 على أن للوسطية معنيَ أخرى تميز منهج الإسلام وأمة الإسلام وتجعلها أهلاً للسيادة والخلود .
أ ـ الوسطية تعني العدل
  فمن معاني الوسطية التي وصفت بها هذه الأمة فيالآية الكريمة ورتُبت عليها شهادتاه على البشرية كلها : العدل , الذي هو ضرورة لقَبول شهادة الشاهد فما لم يكن عدلاً , فإن شهادته مرفوضة مردودة , أما الشاهد العدل والحكم العدل فهو المرضي بين الناس كافة .
   وتفسير الوسط في الآية بالعدل ثابت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد روى الإمام أحمد والبخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلمـ فسر الوسط هنا بالعدل(1), والعدل والتوسط والتوازن عبارت متقاربة المعنى , فالعدل في الحقيقة توسط بين الطرفين المتنازعين أو الأطراف المتنازعة دون ميل أو تحيز إلى أحدهما أو أحدها . وهو بعبارة أخرى : موازنة بين هذه الأطراف بحيث يعطَي لكل منها حقه دون بخس ولا جَوْر عليه . ولا محاباة له , ومن ثم قال زهير في المدح :
همو وسط يرضي الأنام بحكمهم . . . إذا نزلت إحدى الليالي العظام
يصفهم بالعدل والقسط وعدم التحيز .
 وقال المفسرون في قوله تعالى :" قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ" (القلم28) , أي أعدلهم(2). يؤكد هذا الإمام الرازي في تفسيره بقوله :إن أعدل بقاع الشيء وسطه , لأن حكمه مع سائر أطرافه على سواء , وعلى اعتدال(3).
   ويقول المفسر أبو السعود : الوسط في الأصل اسم لما تستوي نسبة الجوانب إليه كمركز الدائرة , ثم استعير للخصال البشرية المحمودة , لكون تلك الخصال أوساطا للخصال الذميمة المكتنفة بها من طرق الإفراط والتفريط(4).
 فالوسط يعني إذن العدل والاعتدال . وبعبارة أخرى : يعني التعادل والتوازن بلا جنوح إلى الغلو ولا التقصير .
ب ـ الوسطية تعني الاستقامة
   والوسطية تعني كذلك استقامة المنهج , والبعد عن الميل والانحراف . فالمنهج المستقيم , وبتعبير القرآن :"الصراط المستقيم" هو ـ كما عبَّر أحد المفسرين ـ الطريق السوي الواقع وسط الطرق الجائرة عن القصد إلى الجوانب , فإذا فرضنا خطوطا كثيرة واصلة بين نقطتين متقابلتين , فالخط المستقيم إنما هو الخط الواقع في وسط تلك الخطوط المنحنية . ومن ضرورة كونه وسطا بين الطرق الجائرة : أن تكون الأمة المهدية إليه وسطا بين الأمم السالكة إلى تلك الطرق الزائغة (5).
ومن هنا علَّم الإسلام المسلم أن يسأل الله الهداية للصراط المستقيم كل يوم ما لا يقل عن سبع عشرة مرة , وهي عدد ركعات الصلوات الخمس المفروضةفي اليوم والليلة . وذلك حين يقرأ فاتحة الكتاب فيصلاته فيقول داعيا ربه :" اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5)صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ "(الفاتحة5ـ7) .
والإسلام وحده ينفرد بهذه المزية "الوسطية" دون غيره من الملل . جاء في التفسير المأثور التمثيل للمغضوب عليهم باليهود وللضالين بالنصارى(6) , والمعنى فيذلك : أن كلا من اليهود والنصارى يمثلون الإفراط والتفريط في كثير من القضايا , فاليهود قتلوا الأنبياء , والنصارى ألَّهوهم … اليهود أسرفوا في التحريم , والنصارى أسرفوا في التحليل , حتى قالوا : كل شيء طيب للطيبين … اليهود غلوا في الجانب المادي , والنصارى قصروا فيه … اليهود تطرفوا في اعتبار الرسوم في الشعائر والتعبدات , والنصارى تطرفوا فيإلغائها .
   والإسلام يُعلَّم المسلم لأن يحذر من تطرف كلا الفريقين , وأن يلتزم المنهج الوسط , أو الصراط المستقيم , الذي سار عليه كل من رضي الله عنهم , وأنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
ج ـ الوسطية دليل الخيرية 
   والوسطية كذلك دليل الخيرية, ومظهر الفضل والتميّز , في الماديات والمعنويات . ففي الأمور المادية نرى أفضل حبات العقد واسطته , ونرى رئيس القوم فيالوسط والتباع من حوله … وفي الأمور المعنوية نجد التوسط دائما خيرا من التطرف .
 ولهذا قال العرب في حكَمهم :"خير الأمور الوسط" , وقال أرسطو: "الفضيلة وسط بين رذيلتين" . ومن هنا قال ابن كثير في قوله تعالى :"أمة وسطا"(البقرة143) . الوسط ههنا الخيار والأجود . كما يقال : قريش أوسط العرب نسبا ودارا , أي خيرها , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطا في قومه , أي أشرفهم نسبا. ومنه الصلاة الوسطى , التي هي أفضل الصلوات(7).
د ـ الوسطية تمثل الأمان 
   كما أن الوسطية تمثل منطقة الأمان والبعد عن الخطر , فالأطراف عادة تتعرض للخطر والفساد أكثر من غيرها , بخلاف الوسط فهو محمي ومحروس بما حوله وفي هذا قال الشاعر :
كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت . . . بها الحوادث حتى أصبحت طرفا
وكذلك شأن النظام الوسط , والمنهج الوسط , والأمة الوسط .
هـ ـ الوسطية دليل القوة
   والوسطية أيضا دليل القوة . فالوسط هو مركز القوة . . ألا ترى الشباب الذي يمثل مرحلة القوة بين ضعفين : ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة ؟! والشمس فيوسط النهار أقوى منها في أول النهار وآخره ؟!
و ـ الوسطية مركز الوحدة
   الوسطية تمثل مركز الوحدة ونقطة التلاقي . . . فعلى حين تتعدد الأطراف تعددا قد لا يتناهى , ويبقى الوسط واحد , يمكن لكل الأطراف أن تلتقي عنده ؛ فهو المنتصف , وهو المركز . وهذا واضح في الجانب المادي والجانب الفكري , والمعنوي على سواء .
   ومركز الدائرة في وسطها يمكن لكل الخطوط الآتية من المحيط أن تلتقي عنده والفكرة الوسط يمكن أن تلتقي بها الأفكار المتطرفة في نقطة ما ؛ هي نقطة التوازن والاعتدال . كما أن التعدد والاختلاف الفكري يكون حتميا كلما وجد التطرف , وتكون حدته وشدته بقدر حدة التطرف , أما التوسط والاعتدال فهو طريق الوحدة الفكرية ومركزها ومنبعها . ولهذا تثير المذاهب والأفكار المتطرفة من الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة الواحدة ما لا تثيره المذاهب المعتدلة في العادة .
لهذه المزايا والفوائد التي ذكرناها للوسطية : حرص الإسلام على أن تكون إحدى خصائصه العامة , وأن تتجلى في كل مقوماته بوضوح , كما يتبين لنا ذلك فيالصفحات التالية .
ــــــــــــــــــــــــــــــ   
(1)    رواه البخاري في أحاديث الأنبياء(3339), وأحمد في المسند (11271) , والترمذي في تفسير القرآن(2961(, عن ابي سعيد الخدري.
(2)    أنظر تفسير الطبري(12/193), وتفسير ابن كثير(4/521), وتفسير القرطبي(2/148).
(3)    انظر تفسير الفخر الرازي (4/108,109)المطبعة المصرية1357هـ (1935م).
(4)    تفسير أبي السعود(1/123)طبعة صبيح.
(5)    المصدر نفسه .
(6)    رواه أحمد في المسند(20351), وقال مخرّجوه : إسناده صحيح ورجاله ثقات رجال الصحيح غير صحابيه , ولا تضر جهالته , وأبو يعليفي المسند(13/101), والبيهقي في الشعب(4/61) , وقال الهيثميفي مجمع الزائد : رواه أبو يعلي وإسناده صحيح(1/206) .
(7)    تفسير ابن كثير (1/190) . 

ليست هناك تعليقات: