السبت، 23 مارس 2013

الحرية ميكس كل شيء و العكس



   الحرية الآن تمارس بطريقة تعكس تاريخ من التضليل والتزييف والإرهاب الحكومي والإقصاء , كان يمارسه النظام البائد , الذي كان يجمع حوله جنود مختارون على الفرازة من بين سارقي العرق من أبناء الذوات أتباعهم وأنصارهم وكلاب تعوي على كل شريف يعمل من أجل الإصلاح , في الوقت الذي كانوا يدعون أنهم يحكمون بالديمقراطية و الإرادة الشعبية ,  نرى ورثتهم الآن يقعون في نفس هذا التناقض الفاضح لأغراضهم ومقاصدهم وفي هذا المقال عرض لبعض المطالب ونقيضها التي تتخبط فيها المعارضة .
   كانت المعارضة تطالب بسقوط حكم العسكر وتعارض خروجهم الآمن من السلطة و وتقليدهم النياشين والآن يطالبون بعودة حكم العسكر لماذا ؟ لأن الغرض لم يكن حياة ديمقراطية ولا أن الشعب مصدر السلطات و لكن الغرض هو الارتزاق الحرام تحت أي حكم يعطيهم هذا الرزق الحرام .
   البرادعي يصف الدستور الجديد بالعنصري والإخواني ثم يستفيد منه وبقيد نفسه في نقابة المحامين ليستفيد من الحصانة التي يعطيها دستور الإخوان لمكاتب المحامين .
   جبهة ما يسمى الإنقاذ  تطالب الرئيس بحل هذه الحكومة و تعيين وزراء آخرين محايدين ـ يقصدوا منهم ـ بينما من وقت قريب كانوا ينقدونه بأنه ليس من حقه تعيين وزراء بحسب نص الدستور الجديد , ثم , في الوقت الذي ينتقده البعض أن الوضع لم يتغير ولم يفي بوعوده ويطالبونه بتنفيذ وعوده .. كيف سينفذ وعوده بوزراء من أحزاب تعمل على إفشاله؟ .. لقد أعمى الطمع في السلطة السياسيين وأفقدهم المنطق و العقل .
   طالبوا بإقالة النائب العالم ولما أقاله قالوا هذا تعد على الدستور ثم قالوا هذا دستور إخواني عنصري وفي نفس الوقت يطالبون بتنفيذ الدستور الإخواني العنصري على النائب العام الجديد بإقالته وتنفيذ طريقة الدستور الجديد .
طالبوا بالقصاص لدم الشهداء ومنهم شهداء إستاد بورسعيد فإذا بهم يذهبون إلى شعب بورسعيد يؤججون النار لتلتهم مزيد من الشهداء ويحرضون على العنف والإرهاب وتتلوث أيديهم بدماء شهداء الاتحادية العشرة والآن يحرضون على قتل الإخوان بجريمة أنهم تنافسوا معهم في انتخابات نزيهة كان الحكم فيها عسكر مبارك الذي يميل إليهم وإلى عالمانيتهم .
  كانوا يقولون أن الإسلاميين سيعوقون حركة السياحة أهم مورد للدخل القومي (10%) ثم يقومون هم بإثارة العنف والإرهاب ويقتحمون الفنادق ليعوقوا مورد من أهم موارد الدخل , لماذا ؟ لأنهم ليس غرضهم مصلحة الشعب من السياحة و لكن غرضهم إفشال الإسلاميين ولو على حساب مصلحة الشعب.
  إن أكثر الحركات المعارضة هي حركات شيوعية متدثرة بأسماء كالناصرية و الاشتراكية و العدالة الاجتماعية , هذه التجمعات لم تؤسس حزبا ولم تدخل الانتخابات ثم تلوم الإسلاميين على فوزهم وتعاقبهم بهذا العنف والإرهاب لماذا لأنهم يعرفون جيدا أن الشعب لن يريدهم حتى المتحزب منهم دخل متخفيا تحت عباءة الإخوان و الليبراليين , حزب الكرامة تحالف مع الحرية و العدالة وحزب التجمع مع المصريين الأحرار.
   عندما يتحد العدوين اللدودين الشيوعية مع الرأسمالية فهذا معناه أن الذي جمع بينهما هو العداء المشترك للإسلام وجشع السلطة , فضلا عن أن هذا التحالف بين لنا زيف الشعارات التي يحملها كل فريق فلا العدالة الاجتماعية دعوي حقيقية يتبناها الشيوعيين  حين يتحالفون مع أعداء العدالة الاجتماعية من الرأسماليين الليبراليين ولا الديمقراطية يؤمن بها الليبراليين حقيقة حينما يتحالفوا مع أعداء الديمقراطية من الشيوعيين ولكنها أصبحت شعارات وأقنعة يتجملون بها أمام الناس تخفي حقدا على الإسلام وطمع في السلطة , أكد هذا جنوح الفريقين إلى العنف والإرهاب وقد كانوا من قبل يدينون عنف بعض الإسلاميين الذي كانوا يمارسونه بسبب حالة انسداد سياسي وتزوير ممنهج لإرادة الشعب , ولكن الآن الفرصة متاحة لكل الفرقاء لخوض انتخابات برقابة وإشراف وحصر مباشر ومشترك للنتائج بين كل الفرقاء المشتركون في العملية الانتخابية فاللجوء إلى العنف ليس له تبرير إلا الحقد و الغيظ ومن ثم تعويق مسيرة البناء .
   إن أهم تناقض وقع فيه العالمانيين بطرفيه الليبرالي و اليساري هو هذا الخنوع والمهادنة التي كانوا يمارسونها أيام النظام السابق أو أقول الجبن و الخوف بالرغم من جنوح المظالم التي كانت سائدة في النظام السابق حتى غرق معظم الشعب في محيط من الجهل و الفقر و المرض , بينما الآن لو بذلوا عُشر هذه المعارضة في عصر مبارك لسقط مبارك من عشرين سنة , و في الوقت الذي كان يجب أن نفرح فيه بتحقيق أول مطالب الثورة ببرلمان منتخب بطريقة ديمقراطية حرة ونزيهة وأول رئيس مدني أزاح حكم العسكر بعد ستين سنة هزائم مرة وأول دستور , لكنهم أبو أن يفرح الشعب بهذا الإنجاز لأنه لم يضعهم على السلطة , وكيف يضعهم الشعب وقد كانوا يهادنون السلطة ويأكلون على موائدها , ألم يصرح بعض شرفاء المعارضة بأن أحزابهم كانت في الحقيقة فروع للحزب الوطني , ألم يرى الشعب تحالفهم مع فلول الحزب الوطني الآن ضد الإسلاميين , ألم يرى الشعب أن المعارضة ما كانت إلا ديكورا لزوم الديمقراطية التي يدعون أنهم يحكمون بها ـ زوجة حمدين كانت رئيسة جهاز محو الأمية تحت قيادة سوزان وبنته تعمل الآن مذيعة عند عمود من أعمدة الحزب الوطني محمد أبو العينين, صلاح عيسى كان رئيس تحرير صحيفة القاهرة تحت رئاسة و زير الثقافة , كم واحد منهم سجن أو اعتقل أو صودرت أمواله لكن الشعب كان يرى أن الإخوان والإسلاميين كانوا على رأس كل من دفع غرامة المعارضة الحقيقية.
لن تنتهي التناقضات لأن النية فاسدة .
ولكن لماذا هذه التناقضات في المواقف ؟ لأن كلا الفريقين اليساري و الليبرالي يبحث عن مصلحته  هو , كل يريد أن يشرع لنفسه و طبقته هو , ويرفضون أن يكون الله حكما بينهم بشريعته , لأنه رب الأغنياء و الفقراء والحكام و المحكومين , يشرع لمصلحة البشر جميعا بعدله و رحمته " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ".

موضوعات ذات صلة على صفحة .. العالمانية