الجمعة، 26 أبريل 2013

تونس تسبقنا في الثورة وتطهير القضاء

  مع تقديري لتونس ودورها السباق في تفتح زهور الربيع العربي , إلا أني ما زالت أستنكر على المصريين تأخرهم في الثورة على الظلم والفساد , وإن كان لتونس شرف السبق فلابد أن يكون لمصر سبق الإبداع والإصلاح , فليس طبيعيا أن تسبقنا تونس في كل مرة , وهاهي تسبقنا في أهم ملف إصلاحي ملف القضاء وتبدع فيه خير إبداع وتسلك فيه سنة حسنة , فليس من الطبيعي أن يكون للقضاء سلطة مطلقة لأنها مفسدة مطلقة ومحاسبة القضاء وضبط سلطته من خلال مجلس النواب لا يؤثر على استقلال القضاء , فقد قرر مجلس نواب تونس  تشكيل هيئة قضائية  تضم عشرة قضاة منتخبين وخمسة معينين بصفاتهم , وخمسة من غير القضاة , وتحديدا من أساتذة الجامعة والمحامين , ستتولى الهيئة الإجراءات الخاصة بتأديب القضاة وتنقلهم بين المحاكم- بصورة آلية عند اعتماد الدستور الجديد الذي يتوقع المصادقة عليه نهائيا في يوليو المقبل , لتتشكل بعد ذلك هيئة دائمة , بالطبع لا أدعو إلى استنساخ الفكرة ولكن أهم ما في الفكرة هي أن تونس أدركت بعين ثاقبة ضرورة الرقابة على القضاء من أعلى سلطة في الدولة وهي الشعب من خلال مجلس نوابه , ولكن أدعو إلى إعادة النظر فيما خلفته التطورات الأخيرة بعد أن رفعت السلطة التنفيذية يدها تماما من أي سلطة على القضاء وما أكده الدستور وترتب عليه أن صار القضاء صاحب سلطة مطلقة بلا رقيب ولا حسيب , بينما السلطة التشريعية مراقبة من القضاء من خلال المحكمة الدستورية , والسلطة التنفيذية مراقبة من كل من السلطة التشريعية و القضائية , بل وكلا السلطتين التشريعية و التنفيذية مراقبة من الشعب من خلال الانتخابات البرلمانية و الرئاسية , وبعد رفض مجلس القضاء الأعلى رفع الحصانة عن قضاة متهمين أو حتى محاسبتهم , وما فعل ذلك إلا بعد حصوله على السلطة المطلقة ,  لذلك أرشح أن يكون مجلس القضاء الأعلى منتخبا من خمسة عشرة عضوا خمسة يختارهم القضاة وخمسة يختارهم كل من مجلسي النواب والشورى من بين أعضاء الهيئة القضائية وخمسة من أساتذة الجامعة الحقوقيين والمحامين , ويكون لهم كل اختصاصات مجلس القضاء الأعلى .

  كنت دائما أسأل نفسي عن هذا التناقض بين موقف القضاء قبل الثورة وبعدها , عندما كانت  له مواقف تنم عن عدالة وتقدير للقانون , مثل حكم الدستورية العليا بوجوب أشراف القضاء على كل اللجان الفرعية في الانتخابات وحكم الإدارية العليا بمنع تصدير الغاز لإسرائيل وحكمهم بالبراءة لبعض الإسلاميين خاصة الإخوان الأمر الذي اضطر النظام المخلوع إلى تحويلهم للمحاكم العسكرية , هذا وغيره جعلني أتساءل ما الذي غير القضاء كل هذا التغيير ؟ هل هناك جهة ما تمسك عليهم فضائح وتضغط عليهم ؟ قلت جائز .. أو خوفهم على مصالحهم التي اكتسبوها من النظام المخلوع ؟ قلت ممكن .. ولكن ما أجبت عنه بتأكيد هو السلطة المطلقة , هذه التي أفرزتها الأوضاع الجديدة بعد الثورة , فالسلطة مطلقة مفسدة مطلقة , جعلتهم فوق كل السلطات بما في ذلك سلطة الشعب وسلطة الرئيس نفسه أضف إلى ذلك خوفهم على مصالحهم وخوفهم من المسائلة القانونية عن فسادهم ورغبتهم في استمرار كل هذه الميزات التي لم تمنح لأي موظف في الدولة كما منحت لهم , لذا حان الوقت لكي نعدل ونصلح ونطهر .  

موضوعات ذات صلة على صفحة.. القضاء