الجمعة، 28 يونيو 2013

متى تتمصر المعارضة ؟


  في عصر مبارك كنا ننظر إلى الممارسة الديمقراطية في الدول المتحضرة على حقيقتها , ونقارن بينها وبين ممارسة مبارك المزيفة والمزورة للديمقراطية , كان هذا يجعلنا نقارن بين تقدمهم و تخلفنا وعرفنا أن سر تأخرنا و وفقرنا هو أن إرادتنا و حقنا في اختيار من يحكمنا قد سرقها مبارك و من كان قبله , كان هذا يجعلنا نتشوق للحياة الديمقراطية ونتمنى أن نتخلص من دكتاتورية مبارك , وهذا ما جعلنا ننضم مع كثير من شباب مصر لصفوف من يحارب هذا النظام ويعمل على تغييره , فلم نرفع حجر ولم نحرق مؤسسة ولم نطلق رصاصة كنا نؤمن أن الجهاد السلمي هو أكثر جدوى من أي عمل مسلح بالرغم من الاعتقال والتعذيب ومنعنا من تملك أي وسيلة إعلامية , خالفنا غيرنا واختاروا إما الجهاد المسلح أو الخطو في ظل النظام , ولكن تأكد لهم بعد تجربة مريرة حسن اختيارنا ومشوا على خطانا , ورأينا ممارسة المعارضة العالمانية وقتها في مصر , تأكد لنا أن كثير منها مجرد ورق ديكور يخدعوننا به ليظن المغفلين أننا نحيا حياة ديمقراطية سليمة , ولكننا لم نمل من المقارنة بين ديمقراطيتنا المزعومة وديمقراطية الشعوب التي سبقتنا وحتى بعد الثورة لم نمل من المقارنة مع الدول الديمقراطية المتحضرة التي رأينا فيها أن :

    ـ أحزاب المعارضة تنتقد بشدة أداء الحكومة وتقدم لها النصح أيضا وتتظاهر ضدها سلميا وتقترح حلول ليقوم بتنفيذها الحزب الحاكم , ولكن لا تطالب بإسقاطها طالما أنها ليس لديها أغلبية برلمانية , ولا تنقلب على المسار الديمقراطي ولا على أي شرعية إنتخابية ولا على إرادة الشعب , ولا تستدعي الجيش ليسلمها الحكم (1), وتعمل على تحسين صورتها أمام الجماهير لكي تنتخبها في المرة القادمة , و لا تتهرب من الانتخابات , ولا تحرض على العنف كلما اقترب موعد الانتخابات , ولا تحشد لإسقاط النظام طالما أن هناك آليه لتداول السلطة معروفة و سلمية وآمنة , فما الداعي لأن نتحارب كلما أردنا تغيير السلطة  , من يلجأ إلى آلية الثورة للتغيير بينما تتوافر آلية ديمقراطية و انتخابية قادرة على تداول السلطة يؤكد أن من يفعل ذلك قد كفر بالديمقراطية ,لماذا لا تحدث ثورة في الدول الديمقراطية لسبب بسيط أن لديهم آلية ديمقراطية لتداول السلطة , ومن ينقلب على إرادة الشعب الآن  لن يقبل إلا أن يستبد برأيه وسيعيد دكتاتورية مبارك مرة أخرى, ولأن أحزاب المعارضة لدينا عالمانية فهي تعرف أنها لن تكون مقبولة من شعب مسلم وتعرف أنها لم تحكم إلا من خلال الإنقلابات العسكرية أو تزوير الانتخابات أو إرهاب الدولة أو القفز على الحكم أو من خلال أحداث عنف وفوضى أو على دبابة المحتل .

   ـ أحزاب المعارضة التي تخسر الانتخابات تتقبل هذا بروح طيبة وتقوم بتهنئة الحزب الفائز , ولا تطلق أضغان الحقد و الحسد على الفائز , لأنها تعلم أن هناك شعوب ناضجة تراقب ردة فعلها والشعوب لا يعجبها شخصية الحاقد الحسود , عندما وقف الإخوان في مقدمة الصفوف في معركة الجمل كانت النخبة العالمانية تمدحهم وتثني عليهم خيرا , وعند أول نجاح للإخوان في أول انتخابات تشريعية وفشل أحزاب المعارضة العالمانية بدأت الحرب عليهم قبل أن يبدأوا في العمل أويحكموا على آدائهم وهذا دليل على أن للحقد والحسد هو المحرك لهذه الحرب ضد الإسلاميين ولو قامت المعارضة بربع ما تفعله الآن بمبارك لسقط مبارك من عشرين سنة على الأقل , ويؤكد هذا بعد أن فاز بالمركز الأول بالمرحلة الأولى في الانتخابات الرئاسية الدكتور مرسي طلبوا منه أن يتنازل لحمضين وهم لم يحكموا بعد على أداؤه .. اتقوا الله في مصر أيها الحاقدون . (2)


   ـ أحزاب المعارضة في الدول المتحضرة تحرص على استقلال الإرادة الوطنية و ترفض أي تدخل خارجي من أي دولة كانت , ولا تستغيث بقوى خارجية لتدعمها , ولا تتلقى أموال من الخارج فالقانون يجرم ذلك ويعتبره خيانة عظمى , ولكن أحزابنا تجلس علانية مع السفيرة الأمريكية وتطلب دعمها بل تتفاخر بهذا . (3)

   ـ وأحزاب المعارضة في الدول المتحضرة تحرص على احترام ثقافة ودين وتوجهات الشعب الذي تنتمي إليه , حتى ينتخبها , بينما المعارضة في مصر تريد فرض منهج وثقافة مستوردة من أعداء طالما أذلونا وحاربونا واحتلونا .. ويعملون بكل قوتهم لتشويه دين الشعب الذي من المفروض أنهم يطلبون أصواتهم , ويشوهونه و يصورونه للناس من زاوية المتشددين الغلاة بالرغم من قلتهم بالنسبة للمسلمين جميعا , ويخفون عن عمد زاوية الوسطية العريضة والواضحة والمقبولة من كل مصري .



ـ المعارضة تعمل على إنضاج الوعي و الممارسة السياسية , ولكن في مصر هي تعمل عكس ما تفعلة المعارضة في الدول المتحضرة فهي تستغل سذاجة بعض المصريين وأميتهم السياسية وحداثة ممارستهم للسياسية و تغسل أدمغتهم بمفاهيم سياسية مغلوطة مثل الرئيس اللي مايعجيناش نشيله بالمولوتوف أو أن الحرية أن تفعل ماتريد بلا حدود ولا قيود ولا مراعاة لحقوق الآخرين , في الوقت اللي كانوا متصالحين جدا مع نظام مبارك ولم يحرضوا أحد ضده وكان نقد مبارك خط أحمر و حد لا يتخطوه , لأنهم في الحقيقة كانوا جزء ديكوري من نظام مبارك لزوم الديمقراطية المزيفة المزورة .

ـ الأحزاب في الدول المتحضرة تلتزم أخلاقيا ولو ظاهريا لأنها تحافظ على سمعتها أمام الشعب الذي ينتخبها وهي لا تتعاطف مع المجرمين الذين أمروا بقتل الشعب كشفيق أو شارك في سرقته كالفلول , و لا يوجد سياسي وطني عاقل يضحي بسمعته بالسماح لأنصاره بتخريب مصرأو حرقها  لكنها خطة عميل ينفذ أجندة صهيوأمريكية هي اسقاط حكومة منتخبة ولا يهمه سمعته عند الشعب . (4)

   ـ الأحزاب في الدول المتقدمة ترفع مصلحة الوطن و الشعب فوق مصلحتها الخاصة , لكن في مصر تطلب إقالة وزراء ناشطين في خدمة الشعب وتريد حرمان الشعب من خدمتهم وعطاءهم لأن هذا يجعل فرصة نجاحهم في الانتخابات ضعيفة وتضعه شرطا جوهريا لخوض الانتخابات أي احزاب هذه وأي شعب يقبل هذا أو يصوت لحزب يريد حرمانهم من نشاط وزير ناجح واستبداله بوزير خامل .(5)

  ـ الأحزاب في الدول المتحضرة يبقى فيها اليسار يسار و اليمين يمين , لا يتحدان مع بعضهما ولكن في مصر يتحد العدوان ضد العدو المشترك لهما , وهذا يؤكد انهم لايريدون الحكم بواسطة الانتخابات ولا بإرادة الشعب في الصندوق , عندما يصطف الرأسماليون مع الشيوعيون وهما عدوان متضادان صفا واحدا ضد الإسلاميون ومعظم الإعلاميين شيوعيين يعملون لدى فضائيات الرأسماليين , وهذا يعني أن الهدف هو الإسلام ذاته .

ـ الأحزاب في الدول المتحضرة تعمل على تماسك المجتمع ووحدة أراضي الوطن ولا تنحاز إلى انفصاليين يريدون تقسيم الوطن , ولقد باركت أحزابنا محاولة بعض العملاء الذين صنعوا أعلام لبوسعيد و اعلنوا بورسعيد دولة مستقلة  وتكرر نفس الموقف في المحلة  أيضا, بل تم ضم عملاء أمريكا الإنفصاليون من النوبة إلى صفوف أحزابهم , وتحرض الأقباط ضد الإسلاميين .(6)

هذا بعض ما فهمناه عن الممارسة الديمقراطية في الدول المتحضرة ورغبنا أن نكون أحسن منهم , مع تحفظنا على بعض الممارسات التي لا تتفق مع شريعتنا وقيمنا .

لهذا لا أستطيع أن أصف ما تفعله أغلب أحزاب المعارضة بأنها ممارسة سياسية بل أستطيع أن أصفها بكل ارتياح بأنها عصابة مأجورة وكتيبة إجرام في حق الوطن تعمل لصالح رجال أعمال حرامية وفلول فاسدين ولصالح إسرائيل وأمريكا ودول خليجية تخشى أن تطولها شعلة الثورة , وما الأحزاب التي تصطف داخلها مجرد غطاء قانوني لأعمالها الإجرامية , وها يتفق مع السياسة الجديدة للدول الإستعمارية التي تفضل استراتيجية إفشال الدولة بدلا من محاربتها عسكريا بزرع العملاء داخل الدولة الهدف وإمدادهم بالمال والدعم الفني فقط دون إراقة قطرة دم واحدة من أبناء الدولة الإستعمارية وهذا يعد أقل تكلفة من الحرب المباشرة وأشد حفاظا لماء وجهها إذا ما أجبرها الجهاد المسلح على الخروج مهزومة , إن سبب هزيمة مبارك الأساسية هي أنه لا ينتمي إلى هذا الوطن ولكنه كان مجرد تابع وكنز استراتيجي لأعداء هذا الوطن ولهذا ستسقط هذه المعارضة لنفس السبب وسوف تظهر معارضة أخرى مصرية حقا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الجارديان :من السخرية دعوة المعارضة لتدخل الجيش فى العملية السياسية


(2)القوى الثورية تطالب مرسي بالتنازل لصالح صباحي


عماد جاد والسفيرة الامريكية والحشد للمظاهرات  ..   (3)


(4)المعارضة المصرية تتحالف مع فلول النظام السابق قبل‏30‏ يونيو

لهذه الأسباب تطالب جبهة الإنقاذ بإقالة الوزير النشيط باسم عودة! (5)





(6)حزب التجمع بستضيف مؤتمر للإنفصاليين النوبيين


الجمعة، 21 يونيو 2013

الدين والسياسة .. د/ يوسف القرضاوي


  • ·                     الحمد لله وكفى، وسلام على رسله الذين اصطفى، وعلى خاتم النبيين المجتبى، محمد وآله وصحبه أئمة الهُدى، ومن بهم اقتدى فاهتدى.
    (أما بعد)
    فهذا بحث كتبته عن "الدِّين والسياسة" استجابة لما طلبته مني الأمانة العامة للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، لأفتتح به الندوة التي سيعقدها المجلس في دورته السادسة عشرة في أوائل الشهر السابع تموز أو يوليو 2006م حول "الفقه السياسي للأقليات المسلمة في أوربا".
    وما كنت أحسب أن البحث سيطول معي إلى الحد الذي وصل إليه. ولكن هكذا كان، والخير فيما وقع.
    هذا وقد عرضته على إخواني في الندوة، ليصوِّبوني إذا أخطأت، ويردوني إلى الجادة إذا شردت، فليس في العلم كبير، وفوق كل ذي علم عليم.
    ولقد نظرت في البحث بعد ذلك مستفيدا من الملاحظات التي أبديت، ومن غيرها، ومن تأملاتي الخاصة، في تطوير البحث، وإعادة ترتيبه وتقسيمه، وقد قسمت البحث- أو قل: الكتاب بعد المقدمة؛ إلى خمسة أبواب، وكل باب منها يشتمل على أكثر من فصل، إلا الباب الأخير، وهو ما يتعلق بالأقليات والسياسة، فهو فصل واحد.
    الباب الأول: ويتكون من فصلين. يتعلق بتحديد المفاهيم، عن الدين والسياسة لغة واصطلاحا، ومفهموم السياسة عند الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وعند المتكلمين والفلاسفة، ثم عند الغربيين.
    والباب الثاني: عن العلاقة بين الدين والسياسة بين الإسلامييين والعلمانيين، فالإسلاميون يرون ضرورة الارتباط بين الدين والسياسة، لأدلة شرعية وتاريخية لديهم، منها فكرة شمول الإسلام. والعلمانيون يرون ضرورة الفصل بينهما، ويرتبون على ذلك نتائج وأثارا مهمة، تضر في نظرهم بالمجتمع والأمة، وهو أطول الأبواب وأهمها. وفيه أصلنا الأحكام والمبادئ الشرعية، ورددنا على الشبهات التي يثيرها العلمانيون.
    والباب الثالث: عن العلاقة بين الدين والدولة، عند الإسلاميين والعلمانيين، ويتكون من ستة فصول.
    والباب الرابع: حول العلمانية: أهي الحل أم المشكلة؟ ناقشنا دعوى العلمانية الإسلامية المزعومة، وفي هذا الباب فصلان.
    والباب الخامس: الأقليات الإسلامية والسياسة. ويتكون هذا الباب من فصل واحد.
    هذا وقد أمسى منهجي واضحا لكل قرائي، والحمد لله، فلا ألقي القول على عواهنه، ولا أقلِّد أحدا فيما أرى من رأي، لا من أئمتنا الأقدمين، ولا ممَّن اتخذهم الناس أئمة في عصرنا من الغربيين الذين غزت حضارتهم العالم، ومنه عالمنا الإسلامي.
    ومنهجي هو الاعتماد على النص الصحيح في ثبوته الصريح في دلالته، وربطه بالواقع المعيش- الواقع الحقيقي لا المتوهم - دون افتعال أو اعتساف، معتمدا أسلوب الموازنة والترجيح بالأدلة، رابطا النصوص الجزئية بالمقاصد الكلية للإسلام وشريعته.
    ولم أعتمد فيما كتبت إلا على آية محكمة، أو حديث صحيح، أو دليل شرعي معتبر، أو منطق عقلي سليم، مسترشدًا بأقوال من يُعْتَد بهم من العلماء، ليشدوا أزري، حتى لا أقف وحدي، لا على أن أقوالهم في ذاتها حجة، فلا حجة في قول البشر إلا قول محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رحمة، ومنحه العصمة، وهدى به الأمة.
    فإن كان ما كتبته صوابا، أو خيرا فمن الله وحده، إذ الفضل منه وإليه، وما كان من خطأ، أو شرود، أو قصور، أو تقصير، فمن نفسي ومن الشيطان، وأستغفر الله منه، وأسأله تعالى أن يهديني إلى تصويب نفسي، ولا يحرمني أجر المجتهد المخطئ؛ إذا حرمت من أجري المجتهد المصيب. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8].
    الدوحة في: ربيع الآخر 1427هـ - مايو (أيار) 2006م
    الفقير إلى عفو ربه
    يوسف القرضاوي

    ·                     الدِّين والسياسة.. تأصيل ورد شبهات
    ·                     الدِّين والسياسة.. تأصيل ورد شبهات
    ·                     الدِّين والدولة في الإسلام
    ·                     من حق الإسلام أن تكون له دولة
    ·                     الدولة الإسلامية وحقوق الأقليات
    ·                     الدولة الإسلامية وحقوق الإنسان

    ·                     العلمانية: هل هي الحل أو هي المشكلة؟
    ·                     دعوى العلمانية الإسلامية!!
    ·                     الأقليات الإسلامية والسياسة
    ·                     خاتمة
    ·                     إنكار فكرة (شمول الإسلام)
    ·                     السياسة عند الفقهاء
    ·                     السياسة عند الحكماء (الفلاسفة)
    ·                     السياسة عند الغربيين
    ·                     فصل الدِّين عن السياسة

الخميس، 20 يونيو 2013

النيل في أيدينا كيف ؟






   أثيوبيا هي أحدى الدول التابعة للقوى العالمية الصليبية و الصهيونية للسيطرة على العالم الإسلامي , وهي بالإضافة إلى سيطرتها على منابع النيل لكل من مصر و السودان فهي أيضا تسيطر على منبعي نهري جوبلى و شبيلي الصوماليين , وهي إذ اقدمت على هذه الخطوة في هذا التوقيت بعد أن وصلت القوى الإسلامية للحكم , والتفجير المفتعل للوضع الداخلي بعملاء الداخل لمريكا وإسرائيل  , وبهذا الحجم من حجز لمياه النيل يؤكد ضلوعها مع القوى العالمية لإسقاط الحكم الإسلامي وإفشال مصر , ومع ذلك فيمكننا أن نستعيد حقوقنا في نهرنا وزيادة فوقه إن نحن أحسنا استخدام القوة الناعمة , التي أصبح تأثيرها أقوى من الحرب العسكرية في نتائجها , وبداية لابد ان نتعرف على بعض نقاط الضعف و القوة و المعلومات المفيدة للعمل على هذا الملف .
  ـ أثيوبيا دولة حبيسة ليس لها مطل على البحر تحيطها من كل جانب الدول الإسلامية فيما عدا الغرب حيث يحيطها السودان وجنوب السودان وكينيا ومن الشمال السودان ومن الشرق أرتيريا وجيبوتي و الصومال ومن الجنوب الصومال  .
  ـ أثيوبيا تحتل إقليم أوجادين الصومالي ولها مشاكل حدودية مع إرتيريا .
  ـ أثيوبيا تحمل في جوفها قنبلة إذا عملنا على تفجيرها تفتتت أثيوبيا إلى ثمانية دويلات على الأكثر ولأربعة بحد أدنى , فهي من الناحية الدينية لديها أكثر من ديانة وأغلبية الشعب أرثوذكس بنسبة بنسبة 61% تقريبا والمسلمون بنسبة 33% تقريبا والباقي 6% أديان أخرى الكاثوليك والبروتستانت واليهود الفلاشا والوثنيين , يبلغ عدد السكان 83مليون تقريبا يتوزع على ثمانية عرقيات كانت لوقت قريب لكل عرقية ميليشياتها العسكرية الخاصة بها وكانت تتقاتل فيما بينها ومازال بعضها يحمل السلاح , عرقية الأورومو أكبر القوميات الإثيوبية بنسبة تفوق 35% , تليها الأمهره25% , ثم ذوو الأصول الصومالية 6 ـ 8%, وتأتي بعد ذلك قومية التيجراي التي ينتمي إليها رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوى ونسبتها 5 ـ 7%, وفي الشرق العفار وفي الشمال الغربي  بني شنقول بينما يحتوي إقليم جنوب إثيوبيا وحده علي عدة قوميات أشهرها السيداما 1.8 مليون نسمه والقرافـي 1.6 مليون والولاباشا 1.2 مليون والهديا 900 ألف نسمة.

  ـ أثيوبيا من ضمن أفقر عشر دول في العالم وتضاريس أرضها لايسمح لها بالتوسع في الزراعة .
 ـ أثيوبيا على علاقة قوية بإسرائيل وأمريكا والصين .
 ـ أثيوبيا تحكمها أقلية التجراي وحزبها الحاكم مكون من إئتلافات قومية ونظام شبه برلماني ولكنه يفتقد لكثير من الحريات ولديها بالإضافة إلى التناقضات العرقية و الدينية أيضا تناقضات أيدلوجية , وهناك اتهامات للحكومة بتزوير الانتخابات وأكثر الأقليات تتعرض للظلم و التضييق هم المسلمون .
ـ نسبة الأمية عالية جدا في أثيوبيا والشعب يتناول القات ـ النبات المخدرـ بكثافة  .
ـ اللغة الرسمية هي اللغة الأمهرية بالرغم أنها لغة الاقلية الأمهرية .
   في ضوء المعطيات السابقة يمكننا أن نقول إن محاولة أثيوبيا لتعطيش مصر بالرغم مما تعانيه أثيوبيا من مشاكل داخلية وخارجية يجعلنا نقول بكل ثقة أن أثيوبيا فتحت على نفسها أبواب جهنم .
والعمل مع اثيوبيا لابد له من إستراتيجية ترتكز على الآتي :
  ـ إن العالم لايعترف إلا بالقوة وإن لم تكن لنا قوة قاهرة تحمي حقوقنا فلن يحترمنا العالم بما فيهم أثيوبيا .
 ـ أثيوبيا تنسق مع إسرائيل وأمريكا و بقية دول النيل وهذا يعني أننا لا بد أن ننسق مع الدول العربية و الإسلامية وأن نحيي روح الإخوة والوحدة العربية و الإسلامية من أجل نتائج أفضل وأسرع  وهو ضرورة لمضاعفة قوتنا وخاصة دول الربيع العربي وتركيا وباكستان , ولا يجب أن نعول  دول العائلات المالكة الخليجية باستثناء قطر فهم لا يفكرون إلا في تثبيت عروش انظمتهم وعائلاتهم الحاكمة  ولذلك فقد لعبوا دورا في تطويق مصر وتعطيشها , لذلك  بل يجب محاولة إيصال روح الربيع العربي لها حتى يمكنها أن تكون ظهيرا لنا لاستعادة حصتنا المائية.

 ـ العمل من أجل السيطرة على تدفق مياه النيل يجب أن يكون طويل الأجل و إن لم ندرك نتائجه  تدركه أجيالنا القادمة .
 ـ إن ماحدث في أعالي النيل كان بسبب اننا كنا محكومين بنظم عالمانية تابعة للمشروع الصهيوامريكي فهي جزء منه ومفعول به ولم يكن فاعلا إلا بما يخدم مشروع التبعية للغرب أو الشرق , و يكفي وصف الإسرائيليين لمبارك بأنه كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل , كل النظم العالمانية التي حكمت مصر كانت مشغولة بتثبيت العالمانية وانشغلت عن دعم استقلال أرتيريا ودعم الجبهة الإسلامية المقاتلة بل تركت لإسرائيل الدور و الحرية في دعم جبهة أفورقي الشيوعية في حكم أرتيريا شيوعيا أفضل لهم من ان تحكمها إسلاميا هكذا كان يرى النظام العالماني العسكري المصري ولم تدعم استقرار الصومال الذي كان يمكن بإستقرارها السياسي أن تكون شوكة في حلق أثيوبيا , ولم تدعم السودان و وحدته بل عمل مبارك على تفتيت السودان الذي أعلن نظامه انحيازه للشريعة لقد كان نظام العسكر العالماني الذي حكم مصر جزء من المؤامرة الدولية على العالم الإسلامي إما بالمشاركة الفعالة أحيانا أو بالسكوت أحيانا أخرى ,  والآن بعد الثورة و بعد أن عاد للشعب المصري حقه في اختيار من يحكمه أصبح لابد ان تنتقل التبعية السياسية لمصلحة من أتى بالحكومة للحكم وهو الشعب المصري وإلا لفظها الشعب .
بماذا نضغط ؟
هناك عدة ملفات يمكننا أن نضغط بها على أثيوبيا منها على سبيل المثال :
الصومال
لقد عملت أثيوبيا لتحويل الصومال لدولة فاشلة ومنقسمة حتى لا يمكنها المطالبة بتحرير إقليم أوجادين الصومالي المسلم والذي يبلغ ثلث مساحة أثيوبيا تقريبا , فلو قمنا بعكس ما قامت به أثيوبيا بدعم حكومة صومالية إسلامية موحدة و قوية ودفعها بعد ذلك و مساعدتها لإستعادة إقليم أوجادين والتي ستنزع من  أثيوبيا ثلث مساحتها تقريبا , يمكن أن يكون ذلك ورقة ضغط كبيرة لدفع إثيوبيا للجلوس على مائدة المفاوضات وتقليل أضرار السد على مصر ولكن يجب ألا يكون جلوسنا للمفاوضات مانعا لاستمرار العمل لضمان وصول الماء إلينا بشكل كافي ومستمر لأجيال بعدنا  .



إرتيريا
أرتيريا بلد مسلم واللغة الرئيسية هي اللغة العربية لكن نظامها نظام شيوعي عميل لإسرائيل , على خلاف مع أثيوبيا حول حدودها ,كانت محتلة من قبل أثيوبيا وتخلصت منها حفاظا على أغلبية مسيحية معتبرة , العمل يتطلب دعم الحركات الإسلامية في أرتيريا لتصل إلى الحكم لإقامة دولة ونظام إسلامي يعمل معنا على تقويض مخططات أثيبوبيا للسيطرة على مياه النيل وتمكينه من تأمين حدوده وحصوله على كامل حدوده التي تسيطر عليها أُثيوبيا وحصار اثيوبيا بنظم إسلامية متعاونة ومتحدة مع بعضها البعض يجبرها على احترام جيرانها وحقوقنا في النهر .
العرقيات المختلفة
 إن اثيوبيا بسبب التعدد العرقي فيها لم تكن مستقرة سياسيا في تاريخها القديم أو الحديث على السواء واستدعاء هذا التاريخ من الصراعات العرقية الدينية ليس بالأمر الصعب , وفي هذا الزمن لا يوجد دولة تحتوي على عرقيات مختلفة في اللغة والدين والعادات و التقاليد إلا ويمكن تفتيتها وتقسيمها وإن كانت إسرائيل و أمريكا أستطاعت أن تفتت السودان إلى دولتين والعراق إلى سنة و شيعة و أكراد فلا يمكن أن يستعصى هذا على مصر وهي تعاني من محاولة للتدمير بالعطش ، ولهذا التفتيت دراسات خاصة تعرفها مراكز البحوث الإستراتيجية و أجهزة المخابرات  , والنجاح مع إحدى العرقيات في المطالبة بالاستقلال فإن هذا سيشجع قوميات أخرى للمطالبة بالاستقلال والأفضل البدء بالعرقيات الحدودية لأنه سيسهل إمداداها بالسلاح والعتاد , وهذا يعني أن كل القوميات مرشحة للعمل معها ماعدا قومية الأورمو التي تتوسط كافة القوميات و ليس لها حدود على خارج أثيوبيا , و المناخ السياسي الداخلي يرشح لهذا التقسيم بسبب سيطرة قومية التيجرا ـ وهي أقلية ـ على الحكم في أثيوبيا , سيكون الدور الأكبر على أجهزة المخابرات المصرية عليها أن تثبت لنا أن بطولاتها ليست مجرد أفلام و مسلسلات , وأن تغير استراتيجية تثبيت العالمانية للعمل مع مصلحة مصر خاصة بعد أن ثبت فشل العالمانية في مصر في الحفاظ على مصالح مصر وللعلم إن بعض أعضاء الحكومة الأثيوبية المسلمين هم عالمانيين و هم أكثر المتحمسين لتعطيش مصر  .
دولة إسلامية على حوض نهر النيل الأزرق 
لابد أن تتركز جهودنا على المدى الطويل عند تقسيم أثيوبيا , أن نوجد دولة إسلامية حول حوض نهر النيل الأزرق وهذا بالطبع يتضمن نيل عطبرة وهذا يشغل تقريبا خمس مساحة أثيوبيا الحالية لذلك لابد من أن تتركز الجهود الدعوية والعلاقات الثقافية و البعثات التعليمية في هذه المنطقة , التي لها ميزة أنها يحدها من الشمال والغرب السودان فهي يسهل الإتصال بها عبر الحدود السودانية وبالرغم أن هذه المنطقة توجد بها عدة قوميات إلا أن بها قومية مهمة لها طابع سوداني في الدين و العادات و التقاليد  هي قومية بني شنقول التي يبنى في أراضيها سد النهضة الحالي , وهي لها حركة تحرير فعليا يمكن مساعدتها وتحريكها للإنفصال, هذا سوف يساعد في تحريك عرقيات أخرى و أسلمة هذه المنطقة   .

الدعوة الإسلامية
بالطبع النظام العالماني الذي حكم مصر منذ ما قبل الاستعمار الإنجليزي لمصر لم يكن مشغولا أبدا ولا مهتما بنشر الإسلام في دول حوض النيل و لولا الانتشار الذاتي للإسلام في هذه الدول لما كان لنا فيها أي أقلية إسلامية معتبرة , ولو اهتممنا بنشر الإسلام في هذه الدول مع التركيز على أثيوبيا و حوض نهر النيل الأزرق كما ذكرنا قبل لأمكننا استبدال الحكومات ذات التوجه الصليبي إلى دول صديقة على الأقل لا تعمل ضدنا وقد كانت دولة اوغندا يحكمها عيدي أمين و لكن المؤامرات الدولية أبعدته عن الحكم لتستبدله بحكومة صليبية تعادينا بتصريح رئيسها الأخير "مصر يجب ان تتخلص من التصريحات الإستعلائية " , ويجب أن يكون للجماعات و الجمعيات الإسلامية الوسطية خاصة و الأزهر في مصر دور مركز على أمر الدعوة في دول النيل العشرة .
البعثات التعليمية
لقد كان للبعثات التعليمة من مصر إلى دول الغرب دور في كبير في زراعة الجسم الغريب المسمى بالليبرالية ثم الشيوعية دور كبير في حكم مصر حتى يمكننا ان نقول أن ماركس و العم سام مازالا يحكماننا حتى الآن , يمكننا أيضا أن نحكم هذه الدول بمبادئنا ومناهجنا وأن نربي فيهم حب مصر وأن نتوسع في هذا لأبعد الحدود وأن نركز في بعثاتنا التعليمية  على منطقة حوض نهر النيل الأزرق ثم أثيوبيا ثم بقية دول نهر النيل ولو أمكن إمداد هذه البلاد بالمدارس و المدرسين وإنشاء جامعة مصرية هناك سيكون له أثر كبير في التقارب الثقافي والسياسي .
الثقافة و الإعلام
لابد أن تكن لنا علاقات ثقافية وإعلامية مع مثقفي هذه الدول بل أزعم أنه لابد من تخصيص قنوات وإذاعات وصحف و مجلات بلغة دول حوض النيل ولو تعددت فضلا عن تعليم اللغة العربية في هذه الدول , واعتقد أن لدينا من يعملون في هذا المجال أكثر من مائتي ألف موظف في التلفزيون و الصحف الحكومية يمكنهم أن يبدأوا عملهم الذي  يتقاضون عليها أجر بلا عمل حقيقي , وكما أن لدينا مثقفين يعملون في مصر لصالح المشروع الصهيوامريكي للسيطرة علينا ثقافيا وسياسيا فلابد ان يكون لنا ايضا عملاء ثقافيين و إعلاميين من أجل بث روح الصداقة بيننا وبين بلاد النيل فضلا عن فضح مشروعات الهيمنة الغربية على الثروات المعدنية الأفريقية و على سوقها الاقتصادي .
العمل العسكري غير المباشر
يجب مساعدة كل العرقيات التي تريد ان تنفصل عن أثيوبيا تسليحا و تدريبا والبدء مع جبهة تحرير أوجادين ثم غيرها ممن يحمل سلاحا حاليا من أجل الانفصال أو من يريد ذلك مستقبلا بل يجب إغراء من يريد ان ينفصل ولم يشكل بعد مجموعة مسلحة بالإمداد بالسلاح والعتاد و التدريب طبعا بعد التأكد من جديته , و يمكننا الإستعانة بالجماعات الجهادية سواء في مصر أو خارجها في مساعدة المسلمين في أثيوبيا في جهادهم لاستقلال مناطقهم وإخوانهم الصوماليين في استعادة جزء من وطنهم المسلم وسنجد من يستجيب لذلك.
العمل العسكري المباشر
  قد نضطر للعمل العسكري المباشر إن لم يفلح كثيرا مما فات خاصة إذا اضيرت مواردنا المائية بشكل كبير ولكن لابد وأن نعمل حساب دول النيل العشرة فقد تقف بجوار اثيوبيا وتعادينا و هذا ليس في مصلحتنا , لذلك يجب أن يكون هذا آخر أدويتنا لمعالجة أضرار السد , وإن اضطررنا للضرب المباشر لأثيوبيا فلابد ان تكون ضربة مباشرة ومركزة على السد حتى تكون ردود أفعال دول النيل أقل حدة من أن تكون حرب موسعة يقتل فيها ناس كثر وإن كانت الظروف مواتيه فلابد من احتلال حوض النيل الأزرق والعمل على تحويله إلى إقليم إسلامي بالدعوة الإسلامية المباشرة أو تشجيع المسلمين في بقية اثيوبيا على الهجرة إليه وإنشاء المدارس العربية و الإسلامية  وجامعة وتركيز البعثات التعليمية من هذا الإقليم والنشاط الثقافي و الدعوي فيه أو احتلال أثيوبيا نفسها  .


هذا ما تيسر التفكير فيه ليعلم من قرأ أننا يمكن أن نصنع لأنفسنا خيرا و لعله ينفع أصحاب القرار .
موضوعات ذات صلة على صفحة ..أفكار لمصر 

السبت، 15 يونيو 2013

النيل و تاريخ من الغفلة


   كان للفراعنة القدماء بعد نظر استراتيجي في التعامل مع النيل , فجعلت تلويث النيل من كبائر الجرائم , وبالرغم من عدم إمكانية منع النيل من الوصول إلي مصر في هذا الزمان , إلا أنهم كانت لهم اتصالات مع بلاد بونت التي هي الآن تمثل هضبة الحبشة والصومال التي كانت ترسل إليها الهدايا بوفود رسمية لملكها وتتبادل التجارة معها , فضلا على اتصالات بممالك وسط افريقيا , والتواصل مع حضارة النوبة الجنوبية التي كانت تستوطن شمال السودان ووسطها وحكموها بعض الوقت , هذا يوضح أن الاستراتيجية المصرية القديمة كانت تعمل على إرساء علاقات حسن الجوار بين المصريين القدماء وجيرانهم في افريقيا وخاصة الذي يشتركون معهم في شريان الحياة .
   أما في العصر الإسلامي فقد كان أهم إنجاز للجضارة الإسلامية مع منابع النيل هو نشر الإسلام حول منابع النيل ولو استمر هذا الانتشار إلى العصر الحديث لأحدث ذلك فارقا كبيرا في التكوين الديموجرافي لدول منابع النيل الذي يمثل الإسلام فيها أقليه معتبرة يمكن التأسيس عليها لنشر الإسلام في هذه الدول , و قد انتشر الإسلام في حوض نهر النيل بدون قتال ولا فتح و لاغزو فيما عدا الفترة التي حكم فيها محمد علي والخديوي اسماعيل , ولو ترك الأمر على الطبيعة الذاتية للإسلام في الانتشار لكانت كل دول حوض النيل إسلامية ولكن موالاة حكام مصر للإنجليز ثم احتلالهم لمصر هو الذي أوقف هذا المد الإسلامي واستبدل بمد معادي للإسلام فمنع الإنجليز وصول التجار و الدعاة المسلمين إلى جنوب السودان والمناطق المتاخمة لحوض النيل في أٌثيوبيا حتى تحول الوثنيين إلى المسيحية بل تحول بعض المسلمين إلى المسيحية ايضا .
                                                
  بالرغم من أمية محمد علي إلا أنه كان ذا فهم أستراتيجي حيث قام بالخطوة الأهم وهي الوصول فتحا إلى منابع النيل والسيطرة عليها , حتى لا تظهر قوة ما تقوم بمنع وصول مياه النيل إلى مصر , وبالفعل كانت مساحات كبيرة من أثيوبيا تحت السيطرة المصرية بالإضافة إلى كل السودان وكل أرتيريا وجيبوتي وشمال أوغندا , والخديوي اسماعيل حاول السيطرة على أثيوبيا نفسها حاربها في معركتين لم يستطع فتحها بسبب وقوف أنجلترا معها وبقيادة قائد إنجليزي , و لكنه استطاع ان يحاصرها من البحر الأحمر ويحرمها من أن تكون لها ميناءا عليه ومنع عنها السلاح , حتى أن ملكها حينئذ أرسل إلى الخديوي إسماعيل يستسمحه بتمكينه من منفذ على البحر الأحمر , ولكن الخديوي أبى ذلك ولكن بعد إنهاء حكم إسماعيل بدأت  المؤامرات الدولية فقلصت سلطان مصر عن منابع النيل حتى وصلت إلى حدود مصر والسودان الحالية وأكمل هذا التقليص عبد الناصر حين قبل بفك وحدة مصر و السوادان وسعي لعمل وحدة مع سوريا بالرغم من ارتباط مصر و السودان بشريان حياة واحد وحضارة واحدة ومودة متبادلة .
  وفي عهد المخلوع استمرت المؤامرات الدولية لفصل الجنوب السوداني عن جنوبه ولم يحرك ساكنا وظل مشغولا بمحاربة الإسلاميين والتوسع في ضم أعضاء جدد في حظيرة العملاء وفريق كنز استراتيجي ليعمل لمصلحة القوى العالمية , وفب الوقت الذي كان مبارك يتبادل الأحضان و القبلات مع زعماء إسرائيل كانت إسرائيل وأمريكا تطوق مصر بقوة مسيحية إضافية لتكون عامل ضغط على كل من مصر و السودان, وتلاحظ أن بداية ظهور اتفاقية عنتيبي التي تحرم مصر من حقها الطبيعي في مياه النيل كان بعد خروج جنوب السودان للوجود  , بل وتم إلغاء مشروع قناة جونقلي في جنوب السودان والذي كان سيسمح لمصر من زيادة مواردها من مياه النيل إلى الثلث ويمنح جنوب السودان مساحات قابلة للزراعة بالإضافة إلى القضاء على مستنقعات من المياه الراكدة كانت تسببها الأمطار و تتسبب في انتشار الأمراض , وللأسف كان للكنيسة المصرية دور في تنصير جنوب السودان وظهور دولتهم للوجود كل هذا كان يحدث والمخلوع يغافلنا والإعلاميين المرتزقة يتلاعبون بنا و يصرفوننا عن أمن مصر الذي يسرق إلى عدو جديد يصنعونه هو حماس ليقضوا على أي دعم شعبي لها حماية لأمن إسرائيل .
   لقد كان لأثيوبيا بالون اختبار للحالة المصرية في حكم المخلوع مبارك حين أقدمت على بناء سد تيكيزي عام 2009 الذي لم يعترض ولم نسمع لإعلام بني صهيون المستوطن في مصر صوتا و همسا , عرفت بعدها أثيوبيا أنها يمكنها أن تفعل أكثر في مصر و شعبها فمخلوعها مشغول بجمع الثروات وتوريث المحروس ومحاربة الإسلاميين .
   أثيوبيا لا تحارب مصر فقط في منابعها ولكن هي قوة إقليمية مسيحية وممثلة القوى الدولية للسيطرة على العالم الإسلامي فهي أيضا تحتل اغتصابا منابع نهري جوبلى وشبيلي الصوماليين اللذان ينبعان من أرض أوجادين الصومالية التي استولت على المنابع أبان الاحتلال الإيطالي للمنطقة ولم تعيدها إلى الصومال بالرغم من خوض الصومال حربين مع أثيوبيا لاستعادة أراضيها لكن أمريكا و اسرائيل كانتا تساعدان أثيوبيا بكل قوة حتى تظل القوة الأثيوبية المسيحية مسيطرة على منابع أنهار لكل من مصر و السودان والصومال , وعملت أثيوبيا على تفتيت دولة الصومال وتحويلها إلى دويلات متحاربة حتى لا يمكنها المطالبة بإقليم أوجادين الي يحتل ثلث مساحة اثيوبيا تقريبا .

بالرغم من طول فترة الغفلة وما ترتب عليه من تهديد بقاء مصر أو فناءها , إلا أن مصر كانت دائما تفيق من غفوتها وتقهر أعدائها وتعيد لمصر حيويتها و حضارتها و قوتها أصلب مما كانت عليه , ودائما مصر لاتهزم من الخارج ولكن من الداخل , عندما يقفز على حكمها عملاء كالعُبيدين اليهود الأصل الذين نسبوا أنفسهم للفاطميين وقبلوا بدخول تحالف مع الصليبين ضد صلاح الدين فكانت هي القاصمة لحكم العبيديين  ثم النصر الكبير على أيد المصريين بقيادة صلاح الدين على الصليبيين واستعادة المسجد الأقصى للمسلمين بعد 90عاما من الاحتلال , والهزيمة الداخلية  تأتي عندما يتصارع على حكمها أقزام كما حدث أيام المماليك ثم قيد الله لمصر أن تنتصر على التتار ويخلصوا الأمة الإسلامية من شرورهم  بقيادة القائد سيف الدين قطز , فهكذا مصر لاتهزم من الخارج و لكن من الداخل عندما يتصارع على حكمها أذيال العالمانية من اليسار و الليبرال وفرق الكنز الإستراتيجي رافضين الإرادة الشعبية يعيثون في الأرض فسادا لتنتهز أثيوبيا الفرصة لتنقض على مياه النيل قاصدة تعطيشنا , ولكن سنة التاريخ تأبى أن يتم ذلك لأثيوبيا  وإرادة المولى قبل كل ذلك وإن كان العالمانيين الذين حكمونا كانوا يأبون النصر إلا على المستضعفين في الأرض من الإسلاميين , فلعل إرادة الله تريد الخير لمصر كي يأتي الإسلاميين للحكم ليحققوا الإنتصار على كل طامع في خير مصر لتتحقق سنة التاريخ على أيديهم انشاء الله وسوف أذكر في المقال القادم أوراق الضغط وسيناريوهات الحل إنشاء الله .
موضوعات ذات صلة على الصفحة .. أفكار لمصر

الخميس، 13 يونيو 2013

إسرائيل والنيل



   لقد استطاعت إسرائيل أن تطوق مجرى النيل بدول تعادينا وموالية لإسرائيل , تضمن لها تصويتا لصالحها في المجالس الدولية والتسبب في المشاكل لمصر في حالة التفكير في تحرير فلسطين , في حين كانت النظم العالمانية التي تحكم مصر مشغولة بتثبيت العالمانية ـ الجسم الخبيث في الجسد المصري ـ ومحاربة الإسلام وقيمه وأهله , وبالرغم من التحالف الإسرائيلي الأثيوبي حيث استخدمت إسرائيل قواعد عسكرية جوية و بحرية أثيوبية لضرب مصر في حرب 67 إلا أن عبد الناصر لم يحرك ساكنا تجاه هذه العدواة من الجانب الاثيوبي في الوقت الذي يفخر به عملاء الشيوعية الناصرية بأن ناصر محرر الأمم الأفريقية ويروجون أكاذيب عن أن عبد الناصر استغل علاقته بهيلاسلاسي لمصلحة مصر والحقيقة أنه كان مع كل من كان ضد الإسلام و المسلمين .

   إستراتيجية إسرائيل وحليفتها أمريكا هي نقل الحرب من الحدود المصرية إلى حدود أخرى مع دول مجاورة لننصرف عن عداوتها وأن نشترك في حروب داخلية وخارج حدودنا وتحويل مصر إلى دولة فاشلة ولعل عبد الناصر كان ينفذ خطتها حينما ذهب يحارب في اليمن و الكونغو لنصرة النظم الشيوعية بهذه الدول إستجابة لأوامر روسيا الشيوعية حينئذ , وترك الساحة خالية لتلعب إسرائيل منفردة في ارضنا وأرض من كان يجب ان يكونوا حلفائنا , بالطبع هذا سيعطي إسرائيل عمرا أطول .
   العمل مع دول النيل يتطلب فضح إسرائيل و ممارساتها ودورها في إشعال الحروب والإستفادة من وراء ذلك وطمعها في ثروات الدول الأفريقية , فضلا عن تاريخها مع المسلمين و العالم ومع المسيحية وهذا يتطلب إنتاج افلام و ثائقية و روائية وابحاث تاريخية عن إسرائيل ودورها في محاولة قتل المسيح و الأنبياء عموما , وطمعها في الثروات المعدنية الأفريقية يكفي أنها حققت أكبر أستفادة من علاقاتها مع أفريقيا حيث استغلت مناجم الماس لمصلحتها حتى تكاد تكون محتكرة لهذه التجارة في أفريقيا .
    بالتأكيد إسرائيل وأمريكا تعمل على تكريس سياسة الهيمنة "العولمة" في أفريقيا لذلك يجب ان يتركز عملنا مع دول النيل على عكس سياسة كل من إسرائيل و امريكا وهو دعم سياسة الاستقلال السياسي والإقتصادي و الثقافي و التعاون بين دول النيل بما يجمعمهم من مصالح مشتركة , وهذا يتطلب تدعيم العمل بالديمقراطية ورفض تدخلات الهيمنه الصهيوأمريكية واستغلال مواردها وثرواتها المعدنية لصالح دولها , ويلاحظ أن إسرائيل تقدم خدمات وخبرات زراعية على الاخص لتكريس الاقتصاد الزراعي في افريقيا لصرفها عن تصنيع ثرواتها المعدنية لتكون هذه الثروات وقودا لمصانع الغرب .
   إذا أردنا أن نأخذ مكان إسرائيل في أفريقيا لابد من تقديم خدمات للدول الافريقية تفوق تلك التي تعطيها إسرائيل للدول الأفريقية ومنها تصدير السلاح ـ وهذا يتطلب تفوقا في هذا الجانب على إسرائيل ـ والخبرات الفنية في كافة المجالات وزيادة البعثات التعليمية إلى مصر .
   إسرائيل بالتنسيق مع أثيوبيا أقامت نظاما شيوعيا يحكم أرتيريا وساعدت أسياس أفورقي ليكون حاكما أبديا لأرتيريا المسلمة العربية والتي لم تنضم لا إلى الجامعة العربية ولا منظمة التعاون الإسلامي وفعلت نفس استراتيجية عبد الناصر في مناصرة التنظيمات التحررية الشيوعية على حساب الإسلامية منها و الوطنية لمحاولة طمس معالم الثقافة الإسلامية لهذه الشعوب التي قد تدفعها لمعادة إسرائيل لصالح الحق الفلسطيني في أرضه , ولا ننسى دور إسرائيل في تمزيق السودان وفصل جنوبها عن شمالها وإثارة الحرب لتعطيل مشروع قناة جونقلي التي كانت سترفع نصيب مصر من الماء إلى ثلث إيردات النهر ومازالت إسرائيل تحرك الأمور في جنوب السودان للتسبب بمزيد من الضرر لمصر و السودان .

   ولا يمكننا فصل ما تفعله إسرائيل في أعالي النيل عما تفعله في داخل مصر من إثارة ضد االحكومة المنتخبة الحالية وهي أول حكومة إسلامية فبالرغم من أن نظام مبارك الكنز الاستراتيجي لإسرائيل كان سببا في العديد من المشكلات التي جعلت الفساد و المرض و الفقر و الجهل مستوطن دائم في الشخصية المصرية وبعد نجاح الثورة و نجاح الإخوان في أول انتخابات برلمانية فإذا بالتيارات العالمانية تستذئب فجأة على أول حكومة منتخبة وهي لم تبدأ العمل بعد , في الوقت الذي كانت كل التيارات العالمانية ترعي في حظيرة مبارك كالقطط السمان المدللة إلا قليلا ممن كان مطرودا من الحظيرة .
   يجب استخدام كل أرواق الضغط على إسرائيل بما في ذلك حماس والمعابر والأنفاق والجماعات الجهادية في سيناء وتوجيهها ضد إسرائيل بل يجب مساعدة سوريا لينتصر ثوارها و يجب أن يملء غياب نظام الأسد إسلاميين نكاية في إسرائيل وملء الجنوب اللبناني ببديل عن الحزب الشيعي بحزب إسلامي سني .

   من الواضح ان إسرائيل وحليفتها أمريكا لن تتركنا نحصل على ماء النيل بسهولة وسوف تظل تعمل على تعطيشنا وهذا يجعلنا نطرح سؤالا هل الحصول على مياه النيل يمر عبر إزالة إسرائيل أولا أم عبر تفتيت أثيوبيا  ؟ وهذا ما سنجاوب عليه لاحقا .