الاثنين، 31 ديسمبر 2012

انتهاء صلاحية النخبة

  إن للمعارضة دور في مهم في الحياة السياسية وهي تعمل من خلال النقد البناء وتقديم النصح وكشف الأخطاء وتقديم الحلول البديلة في إثراء الحياة السياسية , فهي إن لم تكن في الحكم فهي تقدم خدمة جليلة للوطن في وقف تغول الأغلبية وتصحيح مسارها , كان يكفيها شرف هذه المهمة "مؤقتا" لتبقى محترمة في أعين الناس , غير أن النخبة أبت إلا أن تحكم , وليسقط الوطن في أزمات الفقر و الإفلاس و البطالة وليزداد الفقراء فقرا ولتذهب الديمقراطية إلى الجحيم .   لهذا ولغيره الشعب خذل النخبة العالمانية بعد أن اجتهدت في تقديم الدستور في أسوأ صورة وأقبح هيئة , فإن كان هذا عن سوء فهم وعدم استيعاب فهي نخبة لا تستحق الثقة و لا شرف تَحمُل الأمانة ولا تستحقه أيضا إن كان عن غش وتدليس وكذب على الشعب , فهي في الحالتين آثمة .
   عندما تفشل المعارضة العالمانية في نيل ثقة الشعب ثم تتجه إلى الخارج ـ الأجنبي العدو المتربص ـ  لكي يدعم توجهاتها فهذا دليل قاطع على أنه لا يمثل هذا الشعب ولكنه في الحقيقة مندوب المصالح الغربية في مصر  .  عندما تفتقد الحيلة في المسار الديمقراطي وتتحايل عليه بطلب وتحريض الجيش للتدخل في الحياة السياسية فهي توصم نفسها بعار الدكتاتورية وعدم القناعة بالديمقراطية وأنها تريد أن تحكم بأي شكل كان , حتى لو كان بالتبعية للقيادة العسكرية , وهو أيضا يدل على عدم أهليتها للقيادة بل بالذيلية و التبعية للقيادة العسكرية .
  لقد بدت النخبة صغيرة جدا وتعاني من المراهقة السياسية وهي ترفض الحوار مع الحكومة , وتملي شروطا لا تصب في مسيرة الديمقراطية ولا لمصلحة الشعب بل تريد العودة إل نقطة الصفر في مشهد ساذج جدا يذكرنا بطفولتنا عندما يغضب فريق لهزيمته ويريد إعادة "الماتش" من الأول وإلغاء النتيجة , هل هذه نخبة يمكن وصفها ببلوغ سن الرشد ؟!!!  ورفضها الحوار مع الحكومة هي استمرار لسياسة الإقصاء التي كانت تمارسها النخبة لكل ما هو إسلامي أو هو نوع من العزل السياسي الاستعلائي , وما بدا من النخبة سابقا من القبول بالتحالف مع الإخوان أيام النظام السابق يكشف حقيقة هذا التحالف ,أن النخبة كانت تتعامل مع الإخوان من منطلق أنهم ركوبة للوصول إلى السلطة فقد كانوا يعتبرون الإخوان مقاول أنفار واسع العدد , ألا يدل هذا على انتهازية وتسلقية هذه النخبة .
   عندما تزيف النخبة الوعي الشعبي بحقيقة الديمقراطية وبأن الأغلبية تحكم , فإذا بها تقلبها إلى مهزلة عبثية فتبث مع إعلاميها المرتزقة أن الأغلبية لا تحكم ولا تسيطر واخترعت فزاعة سيطرة الأغلبية , هل هذه نخبة تستحق ثقتنا أو أمانة المسئولية ماذا لو حصلت هي على الأغلبية ؟ هل الأقلية الإسلامية تحكم ؟!!!!!.   هل هناك معارضة عاقلة تقف موقفا معاديا لدين الشعب الذي تريد أن تحكمه وإن كان هذا غير معلنا فهو يظهر في سقطات ألسنتها وتبنيها مناهج تتصادم مع تعاليم دين هذا الشعب , ولأن هذه المعارضة في تكوينها الأغلب و الأعم من بني ماركس , وبني ماركس في معظم الشعوب التي حكمتها كان ارتباطها بدينها ارتباط هامشي بخيط رفيع جدا فسهل عليهم التخلي عن أديانها التي لم تشف غليلها ولم تحل مشاكلهم , ونخبتنا تريد أن تطبق نفس طريقة رفقائهم على شعب مصر المتمسك بدينه برباط شديد الذي يعلم أن دينه يتداخل في جميع مجالات حياته , ولهذا الشعب يأبى أن يكون طوع أمرها ـ إلا من التبس عليه الأمرـ  لذلك فإن هذه النخبة تلف حول رقبتها مشنقة سياسية ومجتمعية أيضا .  من عبط هذه النخبة أن تتهم الشعب بالجهل والأمية والفقر والعاطفية أنه تم استقطابه بالزيت و السكر وبمشاعره الدينية بعد فشلها في خمس محاولات انتخابية واستفتاءيه في الحصول على أغلبية  , فبدلا من استرضاء الشعب , فإذا هي تشتمه , في الوقت الذي صوتت فيه بعض الدوائر لصالح الإسلاميين لا تنطبق عليهم هذه الصفات كالمصريين في الخارج والنقابات المهنية وهيئات أعضاء نوادي التدريس , هذا الأمر يعكس مدى بعد هذه النخبة و انفصالها المرضي عن الشعب وتوجهاته وأن تأهلها لموقعها النخبوي جاء بالتعيين الولائي للنظام السابق لا عن جدارة وكفاءة .   يا لها من نكتة و نخبة هذه التي تقف في معسكر معادي وتنتظر تصويتا لصالحها , نخبة تبدي تعاطفا مع إسرائيل وتطالب بغلق الأنفاق لتضييق الحصار حول شعب شقيق لصالح شعب قد خاض في دماءنا واغتصب أراضينا, ثم تعمل على شيطنة فريق مقاوم بطل من شعب فلسطين ثم تدعي ولائها للأمة ولدين الأمة , والله لا يصدق هذا إلا شلة من السكرانين .ثم هي تؤكد فشلها الشعبي باتجاهها للعنف وتحريض أتباعها وتأجير بلطجية وتصبح متورطة في دم عشرة من الإخوان المسلمين دليل على يأسها من التأييد الشعبي .   وتكتمل النكتة بالتحالف مع الأقباط ضد الإسلاميين , ومع إباحية بعض الفنانين والمبدعين ضد شعب يحب التطهر و العفاف , ومع الفاسدين من فلول النظام السابق ضد الشعب الذين أذاقوه ويلات الفقر و المرض و الجهل و التزوير , ثم مع لصوص أعمال النظام السابق ضد الشعب الذي سرقوا ثرواته واستغلوا حاجاته واحتكروا مقوماته , أي مع الجاني ضد الضحية.   ألا يدل ذلك وغيره على انتهاء صلاحية هذه النخبة وأن التعاطي معها قد يصيبنا بالتسمم العقلي و الأخلاقي لهذا انصح بإعادة المنتج إلى دول المنشأ واستعادة فلوسنا وهويتنا.


موضوعات ذات صلة على صفحة .. العالمانية