الاثنين، 18 فبراير 2013

الإمامة عند الخوارج والشيعة


كتبهامصطفى الكومي ، في 28 مارس 2011 الساعة: 12:15 م

 الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة(2)د/علي السالوس
وللخوارج رأي خاص في الإمامة :
 فالإمام لا يكون إلا باختيار حر من المسلمين ، وإذا اختير فليس يصح أن يتنازل أو يحكم . ويظل رئيسا للمسلمين ما دام قائما بالعدل مجتنبا للجور، ومن خرج عليه يجب نصب القتال معه، ولكن إذا غيّر السيرة وعدل عن الحق وجب عزله أو قتله. ولا يشترطون القرشية كما اشترط الجمهور، فللأمة أن تختار من تشاء ولو كان عبدا حبشيا . كما أن فرقة منهم وهي "النجدات " أجمعت على أنه لا حاجة بالناس إلى إمام وإنما عليهم أن يناصفوا فيما بينهم فإن رأوا أن ذلك لا يتم إلا بإمام يحملهم عليه فأقاموه جاز ، فإقامة الإمام في نظرهم ليست واجبة بإيجاب الشرع بل جائزة ، وإذا وجبت فإنما تجب بحكم المصلحة والحاجة . وفرقة أخرى منهم وهي " الشبيبية " أتباع شبيب بن يزيد الشيباني - " أجازوا إمامة المرأة منهم إذا قامت بأمورهم . وخرجت على مخالفيهم ، وزعموا أن غزالة أم شبيب كانت الإمام بعد قتل شبيب إلى أن قتلت "(45)
 أما الشيعة فهم على اختلاف فرقهم يرون وجوب وجود إمام، ولكن رأيهم في الإمامة يخالف ما ذهب إليه جمهور المسلمين .
 وأقربهم إلى الجمهور فرقة الزيدية ، اتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب . فبعد استشهاد الإمام الحسين ذهبت فرقة من الشيعة إلى أن الإمامة لا تكون إلا في أولاد فاطمة - رضى الله تعالى عنها، ويستوي في هذا أولاد الحسن وأولاد الحسين، ورأوا أن كل فاطمي عالم شجاع سخي خرج بالإمامة فهو إمام واجب الطاعة، وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ، فلما خرج زيد بن على في عهد هشام ابن عبد الملك بايعه هؤلاء .
 وكان من مذهب الإمام زيد جواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل ، فقال: " كان علي بن أبى طالب - - أفضل الصحابة ، إلا أن الخلافة فوضت، إلى أبى بكر لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها، من تسكين ثائرة الفتنة ، وتطييب قلوب العامة ، فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة كان قريبا . وسيف أمير المؤمنين على عن دماء المشركين من قريش وغيرهم لم يجف بعد . والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي، فما كانت القلوب تميل إليه كل الميل ، ولا تنقاد له الرقاب كل الانقياد فكانت المصلحة أن يكون القائم بهذا الشأن من عرفوه باللين والتؤدة والتقدم بالسن، والسبق فى الإسلام، والقرب من رسول الله - 000 وكذلك يجوز أن يكون المفضول إماما والأفضل قائم فيرجع إليه في الأحكام، ويحكم بحكمه في القضايا"(46)
 ولما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة منه، وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين، وإنما قال:" إني لا أقول فيهما إلا خيرا، وما سمعت أبى يقول في فيهما إلا خيرا، وإنما خرجت على بنى أمية الذين قاتلوا جدي الحسين". عندما سمعوا ذلك فارقوه، ورفضوا مقالته حتى قال لهم، رفضتموني، ومن يومئذ سمّوا رافضة (47) .
 فرق الزيدية منهم من يتفق مع ما ذهب إليه الإمام زيد ومنهم من خالفه، فالجارودية زعموا أن - - نص على الإمام علي بالوصف دون التسمية، وهو الإمام بعده، والناس قصروا حيث لم يتعرفوا الوصف، ولم يطلبوا الموصوف، وإنما نصبوا أبا بكر باختيارهم فكفروا بذلك (48)
  ولكن باقي فرق الزيدية ذهبوا إلى أن الإمامة شورى فيما بين الخلق ، وأنها تصح في المفضول مع وجود الأفضل، وأثبتوا إمامة الشيخين أبي بكر وعمر حقا باختيار الأمة حقا اجتهادا،واختلفوا في عثمان فمنهم من طعن، ومنهم من توقف(49) .
 أما الشيعة الإمامية فهم يرون أن الإمامة منصب إلهي يختار له الله بسابق علمه بعباده كما يختار النبي، ويأمر النبي بأن يدل الأمة عليه ويأمرهم باتباعه . ويقولون إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه بأن ينص على علي وينصب علما للناس من بعده ، وقد بلغ الرسول الكريم رسالة ربه، فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى لم يتبع المسلمون أمر الله تعالى ولا أمر نبيه  ، وتركوا ركنا من أركان الإيمان. ويرون أن النص بعد الإمام علي لابنه الحسن ثم للحسين ثم لابنه علي زين العابدين، ثم لابنه محمد الباقر، فابنه جعفر الصادق. وبعد القول بإمامة أبي عبد الله جعفر الصادق نرى منشأ أكبر فرقتين من فرق الشيعة هما الإسماعيلية والجعفرية الاثنا عشرية . والإسماعيلية جعلوا الإمامة بعده لابنه إسماعيل الأكبر، وافتراق هؤلاء فرقتين:
فرقة منتظرة لإسماعيل بن جعفر، مع اتفاق أصحاب التواريخ على موت إسماعيل في حياة أبيه. وفرقة: قالت كان الإمام بعد جعفر سبطه محمد بن إسماعيل بن جعفر حيث أن جعفر نصب ابنه إسماعيل للإمامة بعده فلما مات إسماعيل في حياة أبيه علمنا أنه إنما نصب ابنه إسماعيل للدلالة على إمامة ابنه محمد بن إسماعيل، وإلى هذا القول مالت الإسماعيلية الباطنية (50) .
 والإسماعيلية جعلوا الإمامة بعد إسماعيل لابنه محمد المكتوم، ومنهم من وقف عليه وقال برجعته بعد غيبته، ومنهم من ساق الإمامة في أئمة " مستورين " منهم ، ثم في " ظاهرين قائمين " من بعدهم، وقالوا: لن تخلو الأرض قط من إمام حي قائم. إما ظاهر مكشوف، وإما باطن مستور .
 فإذا كان الإمام ظاهرا جاز أن يكون حجته مستورا، وإذا كان الإمام مستورا فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين .
ومن مذهبهم أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، وكذلك من مات ولم يكن في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية (51) .
 أما الجعفرية الاثنا عشرية  وهم أكبر الفرق الإسلامية المعاصرة- فإنهم عقيدة خاصة في الإمامة أحب بيانها بشيء من التفصيل ، فأقول : يعتقد الجعفرية أن الإمامة كالنبوة في كل شيء باست، فالقول فيه مختلف،  ولذلك قالوا: (52) .
 1- إن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان بالاعتقاد بها، فمن لم يذهب مذهبهم في الإمامة فهم يجمعون على أنه غير مؤمن، وإن اختلفوا في تفسير غير المؤمن هذا: فمن قائل بكفره، إلى قائل بالفسق ،وأكثرهم اعتدالا أو أقلهم غلوا يذهب إلى أنه ليس مؤمنا بالمعنى الخاص وإنما هو مسلم المعنى العام، ما ليم كن مبغضا للأئمة وشيعتهم فضلا عن حربهم فهو يعد كافرا عند جميع الجعفرية (53) .
 2- الإمام كالنبي في عصمته وصفاته وعلمه :
فالإمام يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من سن الطفولة إلى الموت، عمدا وسهوا. كما يجب أن يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان !!
 ويجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال من شجاعة وكرم وعفة وصدق وعدل ومن تدبير وعقل وحكمة وخلق .
 أما علمه فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طرق النبي أو الإمام من قبله .
 وإذا استجد شيء لا بد أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه، فإن توجه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطئ فيه ولا يشتبه عليه، ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية، ولا إلى تلقينات المعلمين، وإن كان علمه قابلا للزيادة والاشتداد . وذهب بعضهم إلى أن أحد الملائكة كان يلازم الرسول – صلى الله عليه وسلم -ليسدده ويرشده ويعلمه، فلما انتقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى ظل الملك بعده، لم يصعد ليؤدي نفس وظيفته مع الأئمة بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - (54) .
3- لا بد أن يكون في كل عصر إمام هاد يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر وإرشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين وله ما للنبي من الولاية العامة على الناس لتدبير شئونهم وإقامة العدل بينهم،  ورفع الظلم والعدوان من بينهم، وعلى هذا فالإمامة استمرار للنبوة .
 4- الأئمة هم أولو الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم، وهم الشهداء على الناس ، وأبواب الله والسبل إليه والأدلاء عليه . فأمرهم أمر الله تعالى، ونهيهم نهيه . وطاعتهم طاعته ، ومعصيتهم معصيته، ووليهم وليه، وعدوهم عدوه، ولا يجوز الرد عليهم، والراد عليهم كالراد على الرسول ، والراد على الرسول كالراد على الله تعالى ، فيجب التسليم لهم،  والانقياد لأمرهم ، والأخذ بقولهم .
  ولذا فالجعفرية يعتقدون أن الأحكام الشرعية الإلهية لا تستقى إلا من  نمير ماء أئمتهم، ولا يصح أخذها إلا منهم، ولا تفرع ذمة المكلف بالرجوع إلى غيرهم ، ولا يطمئن بينه وبين الله تعالى إلى أنه قد أدى ما عليه من التكاليف المفروضة إلا من طريقهم .
  5 - ما دامت الإمامة كالنبوة فهي لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله، أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام من بعده ، وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق، فليس للناس أن يحكموا فيمن يعينه الله هاديا ومرشدا لعامة البشر، كما ليس لهم حق تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه، لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمل أعباء الإمامة العامة وهداية البشر قاطبة يجب ألا يعرف إلا بتعريف الله تعالى، ولا بتعينه .
 ويعتقدون كذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم - نص على خليفته والإمام في البرية من بعده،  فعين ابن عمه علي بن أبي طالب أميرا للمؤمنين وأمينا للوحي، وإماما للخلق في عدة مواطن، ونصبه وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم غدير خم. كما انه  بين أن الأئمة من بعده اثنا عشر نص عليهم جميعا بأسمائهم، ثم نص المتقدم منهم على من بعده .
  6 - الأئمة الاثنا عشر الذين نص عليهم الرسول -  صلى الله عليه وسلم - هم :-
 ا ) أبو الحسن علي بن أبي طالب ( المرتضى ) الذي ولد قبل البعثة بعشر سنوات، واستشهد سنة أربعين من الهجرة .
2 ) أبو محمد الحسن بن علي "  الزكي " ( 3 - 50 ) .
3 ) أبو عبد الله الحسين بن علي " سيد الشهداء " ( 4 - 61 ).
4 ) أبو محمد علي بن الحسين " زين العابدين " ( 38 - 95 ) .
5 ) أبو جعفر محمد بن علي " الباقر " ( 57 - 114 ) .
6 ) أبو عبد الله جعفر بن محمد " الصادق " ( 83 - 8 4 1 ).
7 ) أبو إبراهيم موسى بن جعفر " الكاظم " ( 8 2 1 - 83 1) .
8 ) أبو الحسن علي بن موسى " الرضا " (148-202 أو 203 ).
9 ) أبو جعفر محمد بن علي " الجواد " ( 195 - 225).
10) أبو الحسن على بن محمد " الهادي " ( 212 - 254) .
11) أبو محمد الحسن بن علي " العسكري " ( 232 - 0 6 2) .
12) أبو القاسم محمد بن الحسن " المهدي وهو الحجة في هذا العصر
ليملأ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا. قيل ولد
سنة256 هـ. وغاب غيبة صغرى سنة 260هـ. وغيبة كبرى
سنة 329هـ ، وسيظل حيا إلى يوم القيامة حتى لا تخلو الأرض
من حجة وإلا ساخت !!
 هذه هي عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في الإمامة،ولكن ما أدلتهم التي استندوا إليها؟ وما مدى صحة استدلالهم ؟ يحتاج هذا إلى بحث آخر.
 ولله تعالى الحمد في الأولى والآخرة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه .

الإمامة عند الجمهور الفرق المختلفة 
———————
(ا) من بينها مثلا : أمه يؤمه إذا قصده كما جاء الآية الكريمة الثانية من سورة المائدة ( ولا آمين البيت الحرام)- انظر مادة " أمم " في لسان العرب والقاموس المحيط .
(2) سورة البقرة: 124 .
(3) سورة الأنبياء : 73.
(4) سورة التوبة: 12 .
(5) سورة القصص:41
(6) تاريخ المذاهب الإسلامية1 / 21 .
(7) الملل والنحل 1 / 24 .
(8) انظر الرواية رقم 2374 بالجزء الرابع من مسند الإمام أحمد تحقيق وتخريج الشيخ أحمد شاكر، وانظر هذه الرواية سند صحيح آخر رقم 2999 ج 5 من المسند .
(9) المرج السابق ج2 رواية رقم 859 وهي صحيحة الإسناد. .
 (12) صحيح البخاري - كتاب المحاربين - باب رجم الحبلى ، وراجع المسند تحقيق شاكرج1 رواية رقم 391 قوله: تغرة أن يقتلان: أي خوف وقوعهما في القتل يحضنونا: يخرجونا. جذيلها المحكك : الجذيل تصغير جذل، وهو العود الذي = ينصب للإبل الجربي لتحتك به، وهو تصغير تعظيم، أي أنا ممن بستشفى الإبل الجربي بالاحتكاك بهذا العود، وقيل: أراد أنه شديد البأس صلب من الترجيب، وهو أن تعمد النخلة الكريمة ببناء إذا خيف عليها- لطولها وكثرة حملها- أن تقع. ( انظر المسند فقيه المزيد ).
(31) المسند ج6 رواية رقم 4380، وانظر كذلك ج7 رواية رقم 4832، ج4 الروايتين 5677و6121، ج13 الروايتين 7304 و7547 .
(32) مسلم- كتاب الإمارة  باب الأمر بالوفاء بيعة الخلفاء الأول فالأول.
(33) مسلم- كتاب الإمارة  باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع.
(34) انظر تاريخ المذاهب الإسلامية 1 / 93: 109 ، والفرق بين الفرق ص 210- 212.
(35) انظر ضحى الإسلام 3 / 209 ، ودائرة المعارف الإسلامية المجاد الرابع عشر ص 58، والمهدية في الإسلام ص 4-5 .
(36) روى البخاري أن الإمام عليا عندما أراد مبايعة الصديق رضي الله عنهما- أرسل إليه فجاءه ، فتشهد علي فقال: " إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله - - نصيبا، حتى فاضت عينا أبي بكر. فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله- -أحب إليّ أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير، ولم أترك أمرا رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يصنعه فيها إلا صنعته. فقال علي لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة . فلما صلى أبو بكر الظهر رقى على المنبر فتشهد، وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذي اعتذر إليه . ثم استغفر وتشهد علي ، فعظم حق أبي بكر، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكننا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا، فاستب علينا، فوجدنا في أنفسنا. فسر بذلك المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف ( كتاب المغازي باب غزوة خيبر). وروى مسلم أكثر من رواية تفيد ما سبق، وفي إحدى رواياته " ثم قام علي فعظم من أبي بكر، وذكر فضيلته وسابقته، ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه. فأقبل الناس إلى علي فقالوا: أصبت وأحسنت "( كتاب الجهاد- باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نورث ما تركناه صدقة ). واستبد بالأمر: إذا انفرد به من غير مشارك له فيه، وقول الإمام: ولكنك استبددت علينا بالأمر: أي لم تشاورنا في أمر الخلافة .
(37) في فتح الباري بعد الحديث عن الرواية السابقة قال ابن حجر: فقد صحح ابن حيان غيره من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر. وأما ما وقع في مسلم عن الزهري أن رجلا قال له: لم يبايع علي أبا بكر حتى ماتت فاطمة رضي الله عنهما قال: لا ولا أحد من بني هاشم . فقد ضعفه البيهقي بأن الزهري لم يسنده، وأن الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح. وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث. وحينئذ يحمل قول الزهري لم يبايعه علي في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده، وما أشبه ذلك فإن في انقطاع مثله عن مثله يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته، فأطلق من أطلق ذلك ، وبسبب ذلك أظهر على المبايعة التي بعد موت فاطمة لإزالة هذه الشبهة .
(38) انظر الملل والنحل1/25، وجاء في كتاب الاستخلاف " إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب فإن بر وعدل فذلك علمي به ورأيي فيه، وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب، والخير أردت ولكل امرئ ما اكتسب. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" ( الكامل للمبرد 1/8) .
(39) عبقرية الصديق ص 164 .
(40) الستة هم: علي وعثمان والزبير وطلحة وسعد بن أبى وقاص وعبد الرحمن وعبد الرحمن بن عوف. قال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم. فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي. ففال طلحة : قد جعلت أمري إلى عثمان . وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف .
(41) البخاري - كتاب الأحكام - باب كيف بايع الإمام الناس ، وراجع فتح الباري- كتاب المناقب- باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان رضى الله عنه .
(42) الشيعة معناها الأتباع والأنصار والفرقة ، ولكن غلب هذا الاسم على كل من يتولى عليا وأهل بيته حتى صار اسما لهم خاصا وجمعه أشياع وشيع .( انظر مادة " شيع " في القاموس المحيط ) وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم بمعناه اللغوي في عدد من آياته كقوله تعالى : ((ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا س شيعته وهذا من عدوه ( القصص آية15 ) .
وفي قوله عز وجل في سورة الأنعام ( الآية 159 ): (( إن الذي فرقوا دينهم وكالوا شيعا لست منهم في شيء )).
وقيل: إن ظهور هذا اللقب كان عام سبع وثلاثين من الهجرة ، وقيل بل بعد أن قبض معاوية على زمام السلطة ( انظر مختصر التحفة ص5 وروح الإسلام ص 313 ).وقال الدكتور طه حسين: الشيء الذي ليس فيه شك فيما أعتقد هو أن الشيعة، بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة عند  الفقهاء والمتكلمين ومؤرخي الفرق، لم توجد في حياة علي ، وإنما وجدت بعد موته بزمن غير طويل . وإنما كان معنى كلمة الشيعة أيام علي هو نفس معناها اللغوي القديم الذي جاء في القرآن ( علي و بنوه ص 173 ) وتحدث بعد ذلك ( ص 187-189 ) عن عودة الحسن من الكوفة إلى المدينة بعد الصلح مع معاوية . وعن مجيء وفد من أشراف الكوفة ومعاتبتهم له . وطلبهم إليه أن يعيد الحرب ، وموقفه منهم . وقال الدكتور طه حسين بعد ذلك : " وأعتقد أنا أن اليوم الذي لقى الحسن فيه هؤلاء الوفد من أهل الكوفة، فسمع منه ما سمع وقال لهم ما قال ورسم لهم خطتهم. هو اليوم الذي أنشئ فيه الحرب السياسي المنظم لشيعة علي وبنيه، نظم الحرب في المدينة في ذلك المجلس وأصبح الحسن له رئيسا، وعاد أشراف أهل الكوفة إلى من وراءهم ينبئونهم بالنظام الجديد والخطة المرسومة " ( ص 189 - 190 ) .
(43) هده البقية من الأباضية، هم أكثر الخوارج اعتدالا وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية تفكيرا ، فهم أبعدهم عن الشطط والغلو ولذلك بقوا ، ولهم فقه جيد، وفيهم علماء ممتازون ، ويقيم طوائف منهم في بعض واحات الصحراء الغربية ، وبعض آخر في بلاد الزنجبار . ويقولون عن مخالفيهم إنهم كفار نعمة لا كفار في الاعتقاد، وذلك لأنهم لم يكفروا بالله  تعالى ، ولكنهم قصروا في جنب الله عز وجل ( انظر ص 91 من الجزء الأول من تاريخ المذاهب الإسلامية ) كما يقيم طوائف منهم في عمان والجزائر وتونس.
 (44) الفرق بين الفرق ص45، واقرأه إلى ص67 للتعرف على الخوارج وآرائهم،  وراجع كذلك: الملل والنحل 1/114-138 والخطط للمقريزية 4/178-180، وفجر الإسلام 1/314و325، وتاريخ المذاهب الإسلامية 1/69-92. 
(45) الفرق بين الفرق ص65-66.
(46) الملل والنحل 1 / 155.
(47) الفرق بين الفرق ص25 ،ء وانظر الملل والنحل1 / 155 .
(48) انظر المرجع السابق ص2 2 . والملل والنحل 1/175-158.
(49) انظر الملل والنحل 1 / 159-162،والفرق بين الفرق ص24، وفرق الشيعة ص20-21 وص 55، والفصل في الملل والأهواء والنحل ص92-93 .
(51) الفرق بين الفرق ص 39 .
وتذهب المصادر الإسماعيلية التاريخية إلى أن إسماعيل مات خام  158 هـ أي بعد أبيه بعشر سنوات. ( انظر أساس التأويل 368) وجاء في دائرة المعارف الإسلامية عند الحديث عن الإسماعيلية "كان جعفر قد استخلف إسماعيل. ولكنه عاد فاستخلف ابنه الثاني موسى لأنه لقى إسماعيل ثملا. لكن الإسماعيلية لم يسلموا بنزع الإمامة من إسماعيل لأنهه كانوا يرون أن الإمام معصوم وأن شرب الخمر لا يفسد عصته، وأنه لا يجوز لله أن يأمر بشيء  ينسخه " .
(51) انظر الملل والنحل 1 / 192-191 .
(52) انظر أقوالهم في المراجع الآتية :-
عقائد الإمامية ص 65،80  أصل الشيعة وأصولها ص33،141 كشف المراد شرح تجريد الاعتقاد: المقصد الخامس: الإمامة ص 284 وما بعدها- بحار الأنوار:باب جامع في صفات الإمام وشرائط الإمامة 25/115،175 وباب أنه جرى لهم ( أي الأئمة) من الفضل والطاعة مثل ما جرى لرسول الله - - وأنهم في الفضل سواء نفس الجزء ص 352، 363 .
(53) ذكر الحلي  الملقب عند الجعفرية بالعلامة- بأن إنكار الإمامة شر من إنكار النبوة !! حيث قال:" الإمامة لطف الله عام، والنبوة لطف خاص  لإمكان خلو الزمان من نبي حي بخلاف الإمام.. وإنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص ( الألفين1/3). وعقب أحد علمائهم على هذا بأنه " نعم ما قال " وأضاف: وإلى هذا أشار الصادق بقوله عن منكر الإمامة هو شر الثلاثة، فعنه أنه قال: الناصبي شر من اليهودي. قيل: وكيف ذلك يا ابن رسول الله ؟ فقال: إن اليهودي منع لطف النبوة وهو خاص، والناصبي منع لطف الإمامة وهو عام( انظر حاشية ص43 المنافع يوم الحشر). وفي مصباح الهداية(ص61-62) ذكر المؤلف أن الإمامة مرتبة فوق النبوة !! وقال ابن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق: " اعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء. واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدا من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد " ( رسالته في الاعتقادات ص103) وقال المفيد:" اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض طاعته، فهو كافر ضال مستحق الخلود في النار"  (بحار الأنوار للمجلسي 32/390، والمجلسي ذكر قول المفيد لتأييد رأيه ).
(54) انظر أصول الكافي: باب ذكر الأرواح النبي في الأئمة(1/271-272) وباب الروح التي يسدد الله بها الأئمة(1/27 274) وهذا الباب فيه ستة أخبار منها عن طريق أبي عبد الله (( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان )) قال: خلق من خلق الله عز وجل من جبرائيل وميكائيل، كان مع رسول الله - - يخبره ويسدده، وهو مع الأئمة من بعد .
وفي الباب الأسبق ذكر أن روح القدس خاصة بالأنبياء، فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار إلى الإمام. وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو. والإمام يرى به. وفي الحاشية فسر الرؤية بقوله: يعني ما غاب عنه في أقطار الأرض وما في عنان السماء وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى !! وانظر بحار الأنوار(25/47-99)- باب الأرواح التي فيهم ( أي في الأئمة) وأنهم مؤيدون بروح القدس. وقال ابن بابويه القمي في رسالته (ص108-109): " اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة أنه موافقة لكتاب الله، متفقة المعاني، غير مختلفة، لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه " وهذا القمي صاحب كتاب " من يحضره الفقيه " . أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية . وقال المجلسي: " أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة (ع) من الذنوب الصغيرة والكبيرة. عمدا وخطأ ونسيانا، قيل النبوة الإمامة وبعدهما، بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله تعالى. ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد، فإنهما جوزا الاسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام "( بحار الأنوار:25/350-351).
 وقال الطوسي: " لا يجوز عليهم - أي على الأئمة السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله . فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه أو يسهوا عنه مما لم يؤد ذلك إلى الإخلال بكمال العقل. وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون ويغشى عليهم . والنوم سهو، وينسون كثيرا من متصرفاتهم أيضا، وما جرى لهم فيما مضى من الزمان " ( التييان4 / 165-166).
والطوسي يلقبونه بشيخ الطائفة، وهو صاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة.  

ليست هناك تعليقات: