الاثنين، 22 أبريل 2013

السلطة المطلقة للقضاء "الخلل العظيم"



   كانت السلطة التنفيذية قبل الثورة تسيطر على القضاء من خلال الإغراءات بالمال ومتعة بالمناصب و بالحصانة تمتد لسبعين سنة , وفي نفس الوقت بسيف مسلط بالإحالة للصلاحية في يد وزير العدل , وبعد انتخاب محمد مرسي رئيسا للجمهورية وقرار وزير العدل بالتنازل عن سلطة الإحالة للصلاحية لمجلس القضاء الأعلى وبعد تأكيدات الدستور باستقلال القضاء ,  أصبح القضاء مستقلا تماما وفعلا عن أي سلطان وصار صاحب سلطة مطلقة لا يراقبها ولا يحكمها أي سلطة أخرى , وثبتت صحة المقولة "السلطة المطلقة مفسدة مطلقة".. وبالرغم من وضوح تورط العديد من القضاة في جرائم فساد واستيلاء على مال عام و صدور أحكام خالفت صحيح الدستور و القانون وتعيين أبناءهم , وقد وقع هذا تحت عين و إذن مجلس القضاء الأعلى الذي لم يحرك ساكنا ولم يحيل أحد من هؤلاء المتورطين بوضوح إلى الصلاحية وبدت سوءة السلطة المطلقة فور ولادتها و اتضح بجلاء فساد المنظومة الخالية من أي رقابة أو محاسبة.  
   لقد كانت أكبر خدعة تلك التي روج لها النظام البائد أن "القضاء يطهر نفسه بنفسه " والتي كان الغرض منها سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء ومنع أي تدخل من السلطة التشريعية التي هي ممثل أعلى سلطة في الدولة "سلطة الشعب" ـ بعد سلطان الله تعالى وشريعته ـ في شئون السلطة القضائية .
   وبالرغم أنه لا توجد سلطة في مصر إلا وهي محكومة ومراقبة بسلطة أخرى أعلى منها أو أدنى , إلا أن الأوضاع الجديدة بعد الثورة أفرزت سلطة انفردت بالسلطة المطلقة هي السلطة القضائية , وارجوا ألا يحدثني أحد عن سلطة الضمير فتلك سلطة باطنية لا يطلع عليها إلا الله وهي لم تمنعهم من هذه المخالفات الفجة , والبشر يحتاجون إلى سلطة ظاهرة تراقب وتحاسب من يخطئ .
   والرقابة على السلطات أحد أهم مبادئ النظام الديمقراطي السليم , فالسلطة التشريعية مراقبة من القضاء من خلال المحكمة الدستورية , والسلطة التنفيذية مراقبة من السلطة التشريعية , والسلطة التشريعية و التنفيذية كلاهما مراقب ومحكوم بالسلطة الأعلى هي سلطة الشعب من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية , فمن يراقب أو يحكم السلطة القضائية ؟؟؟؟ الجواب لا أحد  !!!!
   هذا هو الخلل العظيم الذي أفرزته الأوضاع الجديدة بعد الثورة و بعد الانتخابات الرئاسية و بعد الدستور , ولهذا رأينا بوضوح مجلس القضاء الأعلى يحصن القضاة الخارجين على القانون بتلقي الأموال والاستيلاء على المال العام وعلى نصوص القانون والدستور , وهذه الجرأة الناتجة من السلطة المطلقة التي لم نراها من قبل تفسر لنا سر هذا الانقلاب القضائي على كل موازين العدالة حتى أنها حلت أول مجلس شعب منتخب انتخابات حرة نزيهة في حين أنها لم تستطع في ظل سيطرة النظام البائد أن تحل مجلس شعب مزور أو تحاكم الفاسدين , ولو كانت هذه السلطة طاهرة حقا كما يدعي رئيس ناديها لما قامت هذه الثورة التي لم يعترفوا بها ويريدون وئدها حية ترزق .
  لهذا أرى أنه لابد من مراقبة السلطة القضائية وتقييد غلواءها وسلطتها المطلقة  من خلال ممثل السلطة الأعلى للشعب وهي السلطة التشريعية بمجلسي النواب و الشورى بأن ينتخبوا من بين أعضاء السلطة القضائية أغلب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء ولمدة محددة ويحق لهم محاسبته و حله في حالة عدم قيامه بواجباته المنوط بها وكذلك حق المجلس في الإحالة للصلاحية ورفع الحصانة عن القاضي المخالف , وهذا لا يعد تقليل من استقلال القضاء لأن الاستقلال لا يعني السلطة المطلقة التي ليس عليها رقيب أو حسيب ولن يستطيع المجلس تخطي القوانين المنظمة لهذه الرقابة لأن الشعب عيونه مفتحة لأي عبث بالقضاء يؤثر على استقلاله . 

موضوعات ذات صلة على صفحة.. القضاء