الأربعاء، 15 يوليو 2009


الدبلير
الدبلير في فن السينما هو الشخص الذي يقوم مقام البطل في الأعمال الخطرة التي لا يستطيع البطل أن يقوم بها أو ليضرب بدلا من البطل أو إذا تغيب البطل بسبب انشغاله بدور آخر من الممكن أن يقوم الدبلير بدوره و عادة يكون أجر الدبلير بسيط بالنسبة لمكاسب البطل ومن المؤسف أن ترى الدبلير يتمتع بمواهب وقدرات عالية ولكن لا يريد أن يستخدم هذه الإمكانيات أو يظهرها وهذا للأسف ما نراه في أداء حكومة مصر.
ففي ملف فلسطين كان يمكن أن تستخدمه لخدمة مصالحها وتأمين حدودها وللضغط على أمريكا وإسرائيل لكن ما نراه أن أمريكا استخدمت مصر في إجراء حوار بين فتح وحماس من أجل الضغط على حماس وتمكين سلطة فتح المنهزمة في أول انتخابات عربية غير مزورة وهي قوة إسرائيلية عميلة لتضعها على رأس السلطة في فلسطين وتفضلها على قوة وطنية إسلامية وهي حماس أي أن الإستراتيجية المصرية تفضل تقوية إسرائيل على حساب أي قوة إسلامية في المنطقة وتضع ولائها الإسلامي خلف ظهرها وولائها للهيمنة الأمريكية في أعينها .
ويتكرر هذا المشهد في ملف السودان .الجنوب الذي يريد أن ينفصل عن الشمال وهو ضمن تحالف " أثيوبيا وإسرائيل وأمريكا " يريد أن ينال من مياه النيل ويتحكم فيه و يعتبر مصر تتمتع بنصيب الأسد وهو تحالف معروف بتصريحاته حول تعديل اتفاقية مياه النيل وضرورة تخفيض حصة مصر من المياه . وبدلا من أن تقف مصر وراء توحيد السودان وإحاطة أثيوبيا بدول إسلامية وعربية قوية وموحدة إذ نجد حكومتنا ترحب بزيارة جون جارنج الهالك الذي أوقف مشروع قناة جونقلي التي كانت ستزيد حصة مصر من المياه ومازالت ترحب بحركته وتقف موقف غير مؤيد لمصلحة السودان في الوحدة وهو عين مصلحتنا أيضاً وقالت أنها على الحياد جعلت السودان وحيدة في مواجهة حركة التمرد الجنوبي وأصبحنا على وشك مواجهة قوة مسيحية جديدة تتحكم في مياه النيل بالإضافة إلى أثيوبيا أي أن مصلحتنا لا نستطيع المحاربة من أجل تحصيلها إذ لم توافق مشاريع أمريكا وإسرائيل.
وتتعدد المشاهد وتراه مرة أخرى في الصومال حيث رأت أمريكا مساندة شيخ شريف وحركته الإسلامية المعتدلة في مواجهة من تراه متطرفا على مثال طالبان . فلما كشفت الجماهير المساندة الأمريكية أصبحت المواجهة مع أكثر من فصيل وهنا أدركت أمريكا أنها أخطأت وأنها كان يجب أن تستعين بالدبلير ليقوم بما تريد وهنا أعلنت مصر عن مشروع حوار بين فصائل الصومال . وكان يجب أن تقوم مصر بدور أفضل من قبل ذلك بسنين طويلة حيث أن من مصلحة مصر أن تحوط منطقة منابع النيل بقوى إسلامية وعربية مستقرة وقوية حتى تضمن تدفق مياه النيل بدون محاولات تخفيضها من دول المنبع وهي قد بدأت بتصريحات الله أعلم متى تصبح واقعا لا نستطيع رده ولكنها أبت إلا أن تقوم بدور لمصلحة أمريكا لا لمصلحتنا .
رحم الله من قبلنا محمد على هذا الأمي كان يرى أن أمن مصر يبدأ من بلاد الشام ويمر بمنابع النيل حيث أرسل من يكتشفها وخلفه الخديوي إسماعيل في توسيع مملكته لتضم منابع النيل حتى وصلت إلى مشاكس في أوغندا. والفراعنة كانوا دائما يعرفون أن أمن بلادهم يبدأ من الشام فاحتلوه تارة وتعاهدوا تارة ويمر بتأمين منابع النيل فأقاموا صلاتهم ببلاد بونت وهي الصومال الكبير (الصومال وإقليم أوجادين المحتل من قبل أثيوبيا وجزء من شرق كينيا) وصلاح الدين كان يرى أن مصر والشام كجناحي طائر لا يستطيع أن يحلق إلا بهما معا . لقد كان الأقدمون أشد وطنية وإدراكاً لأمن ومصلحة بلادهم وهذا لأنهم كانوا ولائهم لهذا البلد ومصلحته ولا يمثلون مصالح أجنبية.والتابع ليس له قرار او هدف.