السبت، 26 سبتمبر 2009

الأوراق المخفية


كل دولة لها مصالح مع دول العالم تعمل من أجل تحصيلها و لكي تحصل على مصالحها تستخدم ما يسمى أوراق ضغط وهي عادة تكون مصالح لدول أخرى . وأكثر ما يلفت النظر شطارة إسرائيل في استخدام أوراق الضغط فمثلا إسرائيل وافقت على توقيف مؤقت لبناء المستوطنات مقابل أن تصعد امريكا الضغط على إيران لتجميد المشروعات النووية . ولعبت مع روسيا باستخدام تقليل مساعداتها لجورجيا مقابل تقليل روسيا لدعمها لإيران وسوريا. بالطبع يعد هذا مكسب كبير لإسرائيل فهم يعرفون ما هي الأوراق التي يلعبون بها ولو لم يكن يملكون ورق ضغط اخترعوه أو صنعوه محليا ليحصلوا على ما يريدون .قلت ياليت الحكام العرب يتعلموا من إسرائيل لكن هنا يبدر سؤال هل تملك مصر أو الدول العربية أوراق ضغط للحصول على ما تريد ؟

طبعا سؤال صعب وغالبا ما يتبادر إلى الذهن أن النفط هو سلاح الضغط الأهم على إسرائيل وأمريكا وأوربا؟ وكأنه هو السلاح الوحيد الذي نملكهولكننا نملك أسلحة كثيرة نستطيع أن نضغط بها على أمريكا وأوربا وإسرائيل ونلعب بها ونحصل بها على ما نريد أو حتى جزء من مصالحنا الضائعة ومن هذه الأوراق :

ـ الزيادة السكانية : فمن المعروف أن أوربا وأمريكا تدعم ماديا سياسات تنظيم الأسرة في بعض البلادالعربية مثل مصر والمغرب وذلك لأنهم يرون خطورة الزيادة السكانية على ميزان القوى بين الشرق والغرب وبشكل أكبر علىربيبتهم إسرائيل . فإذا تم استخدام سياسات التنمية البشرية و رفع مستوىالمهارات العلمية والعملية للسكان وتجاهل سياسات تقليل عدد السكان وزيادة القوة العسكرية يمكن استخدامها كورقة ضغط في التعامل معمعسكر الغرب ولكن الملاحظ أن دولنا العربية تقوم بإخلاص في تنفيذ سياسات تقليل السكان بدون الحصول على مصالح "مساعدات مثلا أو تكنولوجيا أو لوقف الدعم لإسرائيل "

ـ الهجرة الغير مشروعة لأوربا: معسكر الغرب يصرخ من الهجرة الغير شرعية ويطلب من دولنا العربية أن تتعاون من أجل وقف هذه العملية وأيضا دولنا العربية تتعاون مجانا .

ـ السوق العربية :إقامة السوق العربية أو الإسلامية المشتركة يمكنها أن تحد من صادرات أوربا لدولنا العربية وهو يمثل خطورة على اقتصاد أوربا وتنمية لاقتصاد الدول العربية ولذلك أوربا تعمل لإفشال قيام هذه السوق مع إن مجرد التلميح لإقامة هذه السوق يمكن أن يستخدم كورقة ضغط ولكن حكوماتنا مشكورة تنصاع بدون مقابل .

ـ القوة العسكرية : لاشك أن تنامي القوةالعسكرية هي أكبر ورقة ضغط يمكن استخدامه للحصول على مصالحنا وإيران كمثل واضح وكذلك إسرائيل فالملاحظ أن كلا الدولتين تستخدم قوتها العسكرية لفرض واقع إقليمي وتحقيق مصالح كبيرة من وراء استخدام القوة العسكرية كورقة ضغط لكن واقعنا يدل على عكس ذلك أن دولنا العربية تستخدم قوتها العسكرية المحدودة فقط من أجل تثبيت نظام الحكم والتحرش بالدول الشقيقة .

ـ التركيز على التصنيع : خاصة تصنيع الواردات و الخامات المحلية فهذا الذي أدى للنجاح الاقتصادي لدول مثل كوريا وماليزيا وتركيا ولكن للأسف دولنا العربية خاصة المقترضة تنفذ سياسات البنك الدولي وهي تصب في مصلحة الدول الغربية ولا تحقق نمو اقتصادي حقيقي .انظر كيف تستخدم اليابان والصين تقدمها الاقتصادي في الضغط على أمريكا وأمريكا تصرخ من تنامي كل من حصة الدولتين في السوق الأمريكية .

ـ الحفاظ على البيئة:أوربا تريد من الدول العربية أن تستقبل الصناعات الملوثة للبيئة في بلادنا مثل صناعة الاسمنت والحراريات ونحن نقبل بلا مقابل . كان يمكن أن نقبل بشرط تملكنا لهذه المشروعات ولكن قبلنا بملكية المعسكر الغربي لهذه المشروعات الملوثة للبيئة في بلادنا وصارت هي تحصل على المكاسب بينما نحن نحصل على التلوث بل صارت تحتكر صناعة الأسمنت في بلادنا وتتحكم في أسعاره . وكذلك لما رأت أوربا خطورة أنفلونزا الطيور على الطيور المهاجرة من أوربا وخطورتها على البيئة الأوربية فرضت علينا سياسات مكافحة المرض بدون مقابل ولم نستخدم هذه الورقة في الحصول على أي مصلحة.

ـ عقدة الذنب: استخدمت إسرائيل حادث الهلوكست المشكوك في حقيقة أرقامه والعداء للسامية في الضغط على أوربا وخاصة ألمانيا في الحصول على مساعدات اقتصادية وعسكرية ونحن يمكن أن نستخدم الحروب الصليبية والهجمة الاستعمارية المستمرة من بداية القرن الماضي وفوبيا الإسلام في الحد من إعلام الكراهية ونبذ الآخر الذي تستخدمه آلة الإعلام الغربية والصهيونية ضدنا ولكن صار إعلامنا مجرد كورال يردد وراء سيمفونية الإعلام الغربي إلا قليلا.

ـ الحالة الدينية : لاشك أن أوربا وأمريكا تخاف من تنامي الصحوة الإسلامية في بلادنا وتعطي حكوماتنا المساعدات المالية والعسكرية من أجل الصد عن سبيل الله وحكوماتنا تنصاع مختارة مناجل بقائها في الحكم وهذا لأنها تعتبر نفسها حارسة للعلمانية ومشروع الحداثة بل والحضارة الغربية في بلادنا .ومع ذلك لو سلمنا أن هذه الحكومات حريصة على تقدم بلادنا اقتصاديا وعسكريا لكان ينبغي لها أن تستخدم تلك الفزاعة الإسلامية من اجل تحقيق مصالحنا في التقدم الاقتصادي والعسكري ولكن هذا لم يحدث ولن يحدث وذلك أن من مقتضيات حراسة المشروع الحضاري الغربي هو تكريس الفقر والتخلف والضعف .

وتتعدد أوراق الضغط ولكن الذين هم مفوضون ليلعبوا لنا في الحقيقة يلعبون علينا .