الثلاثاء، 12 مارس 2013

فرائض غير الزكاة


كتبهامصطفى الكومي ، في 16 سبتمبر 2010 الساعة: 14:12 م

 العدالة الاجتماعية في الإسلام
الشهيد سيد قطب
سياسة المال في الإسلام
فرائض غير الزكاة
..ومع ذلك فالزكاة ليست وحدها حق المال …
وإنا لنلحظ شبه تواطؤ بين من يتحدثون عن الزكاة في هذه الأيام , على اعتبارها الحد الأقصى الذي يطلبه الإسلام دائماً من رؤوس الأموال ! لذلك ينبغي أن نكشف هذا التواطؤ الذي يتعمده رجال الدين المحترفين ؛ كما يتعمده من يريدون إظهار النظام الإسلامي بأنه غير صالح للعمل في عصر " الحضارة"!
إن الزكاة هي الحد الأدنى المفروض في الأموال , حين لا تحتاج الجماعة إلى غير حصيلة الزكاة فأما حين لا تفي , فإن الإسلام لا يقف مكتوف اليدين , بل يمنح الإمام الذي ينفذ شريعة الإسلام , سلطات واسعة للتوظيف في رؤوس الأموال ـ أي الأخذ منها بقدر معلوم ـ في الحدود اللازمة للإصلاح . ويقول بصريح الحديث :"إن في المال حقاً سوى الزكاة"(1) .
ودائرة "المصالح المرسلة" "وسد الذرائع" دائرة تشمل تحقيق كافة المصالح للجماعة , وتضمن دفع جميع الأضرار .
ونحن نكتفي في بيان حدودها بما ورد عنهما في كتاب :"الإمام مالك"للأستاذ الشيخ "محمد أبو زهرة" أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة.
والمصالح المرسلة : " إن المصالح التي ليس لها نص خاص يشهد لنوعها بالاعتبار تسمى المصالح المرسلة , وكونها أصلاً فقهياً موضع اعتبار بين الفقهاء , وقد ادعى القرافي أن الفقهاء جميعا أخذوا بها واعتبروها دليلاً في الجزئيات , وإن أنكر أكثرهم كونها أصلاً في الكليات وقد قال في ذلك :
" المصلحة المرسلة , غيرنا يصرح بإنكارها , ولكنهم عند التفريع تجدهم يعللون بمطلق المصلحة , ولا يطالبون أنفسهم عند الفروق والجوامع بإبداء الشاهد لها بالاعتبار , بل يعتمدون على مجرد المناسبة , وهذا هو المصلحة المرسلة ".
" وسواء أصحت تلك الدعوى أم لم تصح , فمن المؤكد أن اعتبار المصالح التي لا يشهد لها نص خاص بالاعتبار ـ نظر العلماء إليها يختلف , فإن لم يكن في أصل الأخذ , فعلى الأقل في مقدار الأخذ كما يحسب القرافي.
"وقد انقسمت أقوال العلماء في ذلك إلى أربعة أقسام :
"(القسم الأول) الشافعية ومن نحا نحوهم , وهؤلاء لا يأخذون بالمصالح المرسلة التي لا يوجد شاهد من الشارع باعتبارها , لأنهم لا يأخذون إلا بالنصوص , والحمل عليها بالقياس الذي يكون أساسه وجود ضابط يضبط ما بين الأصل والفرع ,أي ما بين المنصوص عليه , والملحق به , وإن سايرنا القرافي فإننا نقول : إنه يندر أن يأخذوا بمصلحة مرسلة من غير قياس .
"(القسم الثاني) الحنفية ومن شاكلهم ممن يأخذون بالاستحسان مع القياس , فإن الاستحسان مهما يكن قولهم فيه لا يخلو من اعتماد على المصالح المطلقة , ولو أنصفنا الحقيقة لقلنا : إن مجيء المصالح في استنباطهم أكثر من الشافعية , وإن كان القدر في ذاته قليلاً , حتى تحسب تلك المصالح أصلاً من أصولهم لندرة اعتمادهم المجرد عليها.
"(القسم الثالث) الغلاة في الأخذ بالمصالح , حتى قدموا المصلحة على النص في معاملات الناس , واعتبروها مخصِصة له , بل اعتبروها مخصصة للإجماع , أي أن العلماء إذا أجمعوا على أمر بنص , ووجد مخالفاً للمصلحة في بعض وجوهه قدم اعتبار المصلحة , واعتبر ذلك تخصيصاً , وقد قال هذا القول الطوفي.
"(القسم الرابع) المعتدلون , وهم الأصح بصراً , وأولئك اعتبروا المصالح المرسلة في غير موارد النص المقطوع به , وأولئك أكثر المالكية .
" وكان مالك في أخذه بالمصالح المرسلة أصلاً مستقلاً متبعاً لا مبتدعاً.
1ـ "فقد وجد أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقولون بأمور من بعده لم تكن على في عهده , فجمعوا القرآن الكريم في المصحف , ولم يكن ذلك في عهد الرسول , لأن المصلحة تقاضتهم ذلك الجمع , إذ خشوا أن ينسى القرآن بموت حفاظهم , وقد رآهم عمر رضي الله عنه يتهافتون في حرب الردة , فخشي نسيان القرآن بموتهم فأشار على أبي بكر بجمعه في المصحف , واتفق الصحابة على ذلك وارتضوه .
2ـ "اتفق أصحاب الرسول من بعده على حد شارب الخمر ثمانين جلدة , مستندين في ذلك إلى المصالح , أو الاستدلال المرسل , إذ رأوا الشرب ذريعة إلى افتراء وقذف المحصنات , بسبب الهذيان .
3ـ "واتفق الخلفاء الراشدون على تضمين الصناع , مع أن الأصل أن أيديهم على الأمانة , ولكن وجد أنهم لو لم يضمنوا لاستهانوا بالمحافظة على أمتعة الناس وأموالهم , وفي الناس حاجة شديدة إليهم , فكانت المصلحة في تضمينهم , ليحافظوا على ما تحت أيديهم ؛ ولذلك قال علىّ في تضمينهم :"لا يصلح الناس إلا ذاك ".
4ـ "وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يشاطر الولاة الذين يتهمهم في أموالهم , لاختلاط أموالهم الخاصة بأموالهم التي استفادوها بسلطان الولاية , وذلك من باب المصلحة المرسلة أيضاً لأنه رأى في ذلك صلاح الولاة , ومنعهم من استغلال سلطان الولاية لجمع المال . وجر المغانم من غير حل .
5 ـ "وحكى عنه ـ رضي الله عنه ـ أنه أراق اللبن المغشوش بالماء تأديباً للغاش , وذلك من باب المصلحة العامة , لكيلا يغشوا الناس .
6ـ " وقد نقل عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في قتله لأن المصلحة تقتضي ذلك , إذ لا نص في الموضوع , ووجه المصلحة أن القتيل معصوم , وقد قتل عمداً , فإهداره داع إلى خرم أصل القصاص , واتخاذ الاستعانة والاشتراك ذريعة إلى السعي بالقتل , إذا عُلم أنه لا قصاص فيه , فإن قيل : هذا أمر بدعي , وهو قتل غير القاتل , لأن كل واحد لا يعد قاتلاً بمفرده , قيل في رد ذلك إن القاتل : الجماعة من حيث الاجتماع , فقتلها كلها قتل كالقاتل بمفرده , إذ القتل مضاف إليها كإضافته إلى الشخص الواحد , فنزل الأشخاص المجتمعون لغرض القتل منزلة الشخص الواحد , وقد دعت إلى المصلحة , إذ فيه حقن الدماء , وصيانة المجتمع …
"ومن ملاحظة المصلحة في المسائل العامة أنه إذا خلا بيت المال , أو ارتفعت حاجات الجند , وليس فيه ما يكفيهم , فللإمام أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافياً لهم في الحال , إلى أن يظهر مال في بيت المال , أو يكون فيه ما يكفي , ثم له أن يجعل هذه الوظيفة في أوقات حصاد الغلات , وجنى الثمار , لكيلا يؤدي تخصيص الأغنياء إلى إيحاش قلوبهم . ووجه المصلحة أن الإمام العادل لو لم يفعل ذلك لبطلت شوكته , وصارت الديار عرضة للفتنة وعرضة للاستيلاء عليها من الطامعين فيها , وقد يقول قائل : إنه بدل أن يقوم الإمام بفرض هذه الوظيفة يستقرض لبيت المال , وقد أجاب الشاطبي فقال :"الاستقراض في الأزمات , إنما يكون حيث يرجى لبيت المال دخل يُنتظر , وأما إذا لم ينتظر شيء , وضعفت وجوه الدخل بحيث لا يغني , فلا بد من جريان حكم التوظيف" .
الذرائع :"الذريعة معناها الوسيلة . ومعنى سد الذرائع رفعها , ومؤدى الكلام أن وسيلة المحرم محرمة , ووسيلة الواجب واجبة , فالفاحشة حرام , والنظرة إلى عورة الأجنبية حرام , ولأنها تؤدي إلى الفاحشة ؛ والجمعة فرض , فالسعي لها فرض , وترك البيع لأجل السعي فرض أيضاً ؛ والحج فرض والسعي إلي بيت الله الحرام وسائر مناسك الحج فرض لأجله .
"والأصل في اعتبار سد الذرائع هو النظر في مآلات الأفعال , وما تنتهي في جملتها إليه , فإن كانت تتجه نحو المصالح التي هي المقاصد والغايات من معاملات بني الإنسان بعضهم مع بعض كانت مطلوبة بمقدار يناسب هذه المقاصد , وإن كانت لا تساويها في الطلب . وإن كانت مآلاتها تتجه نحو المفاسد , فإنها تكون محرمة بما يتناسب مع تحريم هذه المفاسد , وإن كان مقدار التحريم أقل في الوسيلة .
"والنظر في هذه المآلات لا يكون إلى مقصد العامل ونيته , بل إلى نتيجة العمل وثمرته , وبحسب النية يثاب الشخص أو يعاقب في الآخرة وبحسب النتيجة والثمرة يحسن الفعل , أو يقبح , ويطلب أو يمنع , لأنها الدنيا قامت على مصالح العباد , وعلى القسطاس والعدل ,وقد يستوجبان النظر إلى النتيجة والثمرة دون النية المحتسبة , والقصد الحسن فمن سب الأوثان مخلصاً لله سبحانه وتعالى فقد احتسب نيته عند الله في زعمه , ولكنه سبحانه وتعالى نهى عن السب إن أثار ذلك حنق المشركين , فسبوا الله تعالى , فقد قال تعالت كلماته :" وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ .." (الأنعام108)فهذا النهي الكريم كان الأمر الملاحظ فيه هو النتيجة الواقعة , لا النية المحتسبة . ونرى من هذا المنع فيما يؤدي إلى الإثم , أو إلى الفساد , لا يتجه إلى النية المخلصة فقط , بل إلى النتيجة المثمرة أيضاً , فيمنع لنتيجته , وإن كان الله قد علم النية المخلصة .
"وقد يقصد الشخص الشر بفعل المباح , فيكون آثماً فيما بينه وبين الله , ولكن ليس لأحد عليه سبيل , ولا يحكم على تصرفه بالبطلان الشرعي , كمن يرخص في سلعته , ليضر بذلك تاجراً ينافسه , فإن هذا بلا شك عمل مباح , وهو ذريعة إلى إثم هو الإضرار بغيره وقد قصده ؛ ومع ذلك لا يحكم على عمله بالبطلان بإطلاق , ولا يقع تحت التحريم الظاهر الذي ينفذه القضاء , فإن هذا العمل من ناحية النية ذريعة للشر , ومن ناحية الظاهر قد يكون ذريعة للنفع العام والخاص , فإن البائع بلا شك ينتفع من بيعه , ومن رواج تجارته , ومن حسن الإقبال عليه , وينتفع العامة من ذلك الرخص , وقد يدفع إلى تنزيل الأسعار .
"فمبدأ سد الذرائع لا ينظر فقط إلى النيات والمقاصد الشخصية كما رأيت , بل يقصد مع ذلك على النفع العام أو إلى دفع الفساد العام , فهو ينظر إلى النتيجة مع القصد أو إلى النتيجة وحدها.
"وقد ثبت أصل الذرائع بالقرآن والسنة . أما القرآن فقوله تعالى :" وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ..". فيروى أن المشركين قالوا : لتكفن عن سب آلهتنا أو لنسب إلهك . وقوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا .."(البقرة104) ,لأن قصد المسلمين كان حسناً ,ولكن اليهود اتخذوه ذريعة إلى شتمه عليه السلام .
"أم السنة فإن أقوال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفتاوي أصحابه فيها كثير , منها كفه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن قتل المنافقين , لأنه ذريعة إلى قول الكفار : إن محمداً يقتل أصحابه .
"ومنها أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى المقرض عن قبول الهدية من المدين حتى يحسبها من دينه , وما ذاك إلا ليتخذ ذلك ذريعة إلى تأخير الدَّين لأجل الهدية , فتكون ربا , فإنه يعود إليه ماله , وقد اكسب الفضل الذي آل إليه بالإهداء .
" ومنها أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى أن تقطع الأيدي في الغزو لئلا يكون ذريعة إلى اتجاه المحدود إلى المحاربين فيفر إليهم ؛ ولمثل ذلك لا تقام الحدود في الغزو حتى لا تدفع حرارة الضرب إلى الضلال , وهو منه قريب .
" ومنها أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وَرَّثوا المطلقة طلاقاً بائناً في مرض الموت , حيث يتهم بقصد حرمانها من الميراث , وإن لم يثبت قصد الحرمان , لأن الطلاق ذريعة.
"ومنها أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الاحتكار , وقال : "من احتكر فهو خاطيء"(2) فإن الاحتكار ذريعة إلى أن يضيق على الناس , وكل ما يعد ضرورياً لهم , ولهذا لا يمنع من احتكار ما لا يضر الناس كأدوات الزينة ونحوها , مما لا يدخل في الضروريات ولا الحاجيات .
"ومنها أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ منع المتصدق شراء صدقته ولو وجدها تباع في السوق , سدا لذريعة العود فيما خرج عنه لله ولو بعوضه . وإن المتصدق إذا منع من أخذ صدقته بعوضها , فأخذها بغير عوض أشد منعاً , وإن في تجويز أخذها بعوض ذريعة إلى التحايل على الفقير بأن يدفع إليه صدقة ماله , ثم يشتريها بأقل من قيمتها ؛ ويرى المسكين أنه قد حصل له شيء من حاجته , فتسمح نفسه بالبيع .
"وهكذا كثرت الآثار الواردة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه , وقد ساق بن القيم في "إعلام الموقعين" نحو تسعين شاهداً من الآثار , ثبت فيها النهي سداً للذرائع .
"ولقد عدت الذرائع في شرائع الإسلام نصفها".
*    *    *
مبدأ المصالح المرسلة , ومبدأ سد الذرائع , عند تطبيقها في محيط أوسع , يمنحان الإمام الذي ينفذ شريعة الله سلطة واسعة لتدارك كل المضار الاجتماعية , بما في ذلك "التوظيف" في الأموال . رعاية للصالح العام للأمة وتحقيق العدالة الاجتماعية الكاملة .
فمبدأ حق الملكية الفردية في الإسلام , لا يمنع تبعاً لهذا أن تأخذ الدولة نسبة من الربح أو نسبة من رأس المال ذاته . على أن تظل قاعدة النظام الإسلامي مرعية . وهي أن تكون للناس ملكياتهم الخاصة , واستثماراتهم الخاصة , مقيدة بطرق التنمية المشروعة . وأن يكون التوظيف في الأموال الخاصة . بقدر الضرورة . بقدر الضرورة الطارئة حتى لا تستوحش قلوب الناس , ولا تفتر همتهم , ولا يقل اهتمامهم بتنمية الثروة وتحسين الإنتاج .. وقبل ذلك كله , وأهم من ذلك كله أن تبقى لهم طمأنينتهم على أرزاقهم , وألا يصبحوا عبيداً للدولة يخشون إن هم نصحوها أو عارضوها قطع أرزاقهم . فالمسلم ـ كل مسلم ـ مكلف أن يراقب الحاكم , وأن يكفه عن الانحراف عن شريعة الله .. فأنى له هذا إذا كان رزقه ليس في يده . ولا مال له إلا ما يسمح له به ؟!
وبيان هذا ضروري , لكشف هذا التواطؤ الذي يبدو في تركيز القول كله حول الزكاة , كأنما هي كل حق المال في الإسلام , وكشف أولئك المحترفين الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً . وما يأكلون في بطونهم إلا النار ! وكشف أولئك الذين يصغرون من شأن الضمانات في النظام الإسلامي , ويقولون بعدم كفايتهم , ليقولوا بعد ذلك بعدم كفاية النظام الإسلامي للحياة الحديثة !
وكله رجم وافتراء , وجهل بحقيقة الإسلام , ونظام الإسلام , وبالواقع التاريخي الذي سجله هذا النظام …
*    *    *
وبعد فنحن لا نكتب هنا عن " النظام الاقتصادي في الإسلام" حتى نلم بكل جوانب هذه النظام . إنما نحن نكتب عن "سياسة المال" فيما يتعلق بموضوع "العدالة الاجتماعية".. وحقيقة أنه لا يمكن فصل جانب عن جانب في المنهج الإسلامي الشامل المتكامل للحياة ؛ ولكن طبيعة الموضوع الذي يعالجه هذا الكتاب لا تسمح بالتوسع أكثر من هذا في عرض تفصيلات "النظام الاقتصادي الإسلامي".
فنكتفي إذن بالقول بان القواعد الأساسية لهذا النظام تتلخص في :
1ـ قيامه على أساس قاعدة " الاستخلاف المشروط".. فالله سبحانه هو الخالق المالك لكل ما في الأرض من أقوات وأرزاق وأموال .. وقد استخلف في الأرض "الإنسان" كجنس ـ على شرط أن يتصرف في هذا الملك بشريعة الله . فأيما خروج على هذا الشرط فهو مبطل للتصرف , ناقض لعهد الاستخلاف.
2ـ أن الاستخلاف عام .. ولكن الأفراد يحصلون على حق "الملكية الفردية" مقابل "عمل" .. ومن يملّكهم الشارع ـ سبحانه وتعالى ـ قسماً معيناً من المال .. ويحوط هذا الحق بكل الضمانات , التي تجعل الفرد عزيزاً كريماً مطمئناً على رزقه كي يتفرغ للقيام بواجبه في رقابة تنفيذ شريعة الله .
3ـ أن الملكية الفردية ـ مع قاعدة هذا النظام ـ مقيدة بشروط في وسيلة التملك ووسيلة التنمية ووسيلة الإنفاق . تتحقق بها مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة . وتمنع من طغيان الفرد أو طغيان الجماعة ..
4ـ أن التكافل ـ مع الاحتفاظ بقاعدة الملكية الفردية ـ هو قاعدة الحياة في الأمة المسلمة . وهذه القاعدة تفرض تكاليف ذكرناها على الملكية الفردية , مبينة في الشريعة . وفيها الكفاية تماماً لتحقيق هذا التكافل العام.
5 ـ أن العدالة الاجتماعية تتحقق عن طريق هذا النظام بأفضل مما تتحقق في أي نظام من صنع البشر فيه الخطأ والصواب .

الشهيد سيد قطب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) الترمذي   (2)مسلم وأبو داود والترمذي .
العدالة الاجتماعية في الإسلام
الشهيد سيد قطب

ليست هناك تعليقات: