الثلاثاء، 12 مارس 2013

الدبلير



كتبهامصطفى الكومي ، في 17 أغسطس 2010 الساعة: 09:33 ص


الدبلير في فن السينما هو الشخص الذي يقوم مقام البطل في الأعمال الخطرة التي لا يستطيع البطل أن يقوم بها أو ليضرب بدلا من البطل أو إذا تغيب البطل بسبب انشغاله بدور آخر من الممكن أن يقوم الدبلير بدوره و عادة يكون أجر الدبلير بسيط بالنسبة لمكاسب البطل ومن المؤسف أن ترى الدبلير يتمتع بمواهب وقدرات عالية ولكن لا يريد أن يستخدم هذه الإمكانيات أو يظهرها وهذا للأسف ما نراه في أداء حكومة مصر.
 
للإسف قامت الحكومة المصرية بدور الدبلير تحديدا بداية من انقلاب العسكر 1952 وذلك عندما قامت بمساعدة حركات التحرير الاشتراكية ـ تحديدا ـ نيابة عن الإتحاد السوفييتي بل وقامت بالحرب نيابة عنه أيضا في حرب اليمن لمناصرة الاشتراكيين ضد حكومة الإمام وقامت أيضا بإرسال جنودها إلى الكويت لمساعدة أمريكا في حربها المصطنعة ضد صدام .
 
وفي ملف فلسطين كان يمكن أن تستخدمه لخدمة مصالحنا واستخدام حماس كظهير يقف ضد أطماع إسرائيل التوسعية و لتأمين حدودنا وللضغط على أمريكا وإسرائيل لكن ما نراه أن حكومتنا أعطت ظهرها لحماس وأقبلت على إسرائيل بقلبها و أنأمريكا استخدمت مصر في الوساطة بين فتح وحماس من أجل الضغط على حماس وتمكين سلطة فتح المنهزمة في أول انتخابات عربية غير مزورة ـ وهي قوة إسرائيلية عميلة ـ لتضعها على رأس السلطة في فلسطين وتفضلها على قوة وطنية إسلامية وهي حماس أي أن الإستراتيجية المصرية تفضل تقوية إسرائيل على حساب أي قوة إسلامية في المنطقة وتضع ولائها الإسلامي خلف ظهرها وولائها للهيمنة الأمريكية في أعينها
 .
ويتكرر هذا المشهد في ملف السودان .الجنوب الذي يريد أن ينفصل عن الشمال وهو ضمن تحالف" أثيوبيا وإسرائيل وأمريكا يريد أن ينال من مياه النيل ويتحكم فيه و يعتبر مصر تتمتع بنصيب الأسد وهو تحالف معروف بتصريحاته حول تعديل اتفاقية مياه النيل وضرورة تخفيض حصة مصر من المياه . وبدلا من أن تقف مصر وراء توحيد السودان وإحاطة أثيوبيا بدول إسلامية وعربية قوية وموحدة إذ نجد حكومتنا ترحب بزيارة جون جارنج الهالك الذي أوقف مشروع قناة جونقلي التي كانت ستزيد حصة مصر من المياه ومازالت ترحب بحركته وتقف موقف غير مؤيد لمصلحة السودان في الوحدة وهو عين مصلحتنا أيضاً وقالت أنها على الحياد جعلت السودان وحيدة في مواجهة حركة التمرد الجنوبي وأصبحنا على وشك مواجهة قوة مسيحية جديدة تتحكم في مياه النيل بالإضافة إلى أثيوبيا أي أن مصلحتنا لا نستطيع المحاربة من أجل تحصيلها إذ لم توافق مشاريع أمريكا وإسرائيل.

وتتعدد المشاهد وتراه مرة أخرى في الصومال حيث رأت أمريكا مساندة شيخ شريف وحركته الإسلامية المعتدلة في مواجهة من تراه متطرفا على مثال طالبان . فلما كشفت الجماهير المساندة الأمريكية أصبحت المواجهة ضد شيخ شريف مع أكثر من فصيل وهنا أدركت أمريكا أنها أخطأت وأنها كان يجب أن تستعين بالدبلير ليقوم بما تريد وهنا أعلنت مصر عن مشروع حوار بين فصائل الصومال . وكان يجب أن تقوم مصر بدور أفضل من قبل ذلك بسنين طويلة حيث أن من مصلحة مصر أن تحوط منطقة منابع النيل بقوى إسلامية وعربية مستقرة وقوية حتى تضمن تدفق مياه النيل بدون محاولات تخفيضها من دول المنبع وهي قد بدأت بتصريحات الله أعلم متى تصبح واقعا لا نستطيع رده ولكنها أبت إلا أن تقوم بدور لمصلحة أمريكا لا لمصلحتنا.

رحم الله من قبلنا "محمد على" هذا الأمي كان يرى أن أمن مصر يبدأ من بلاد الشام ويمر بمنابع النيل حيث أرسل من يكتشفها وخلفه الخديوي إسماعيل في توسيع مملكته لتضم منابع النيل حتى وصلت إلى مشاكس في أوغندا. والفراعنة الوثنيين كانوا دائما يعرفون أن أمن بلادهم يبدأ من الشام فاحتلوه تارة وتعاهدوا معه تارة ويمر بتأمين منابع النيل فأقاموا صلات المودة ببلاد بونت وهي الصومال الكبير(الصومال وإقليم أوجادين المحتل من قبل أثيوبيا وجزء من شرق كينيا )وصلاح الدين كان يرى أن مصر والشام كجناحي طائر لا يستطيع أن يحلق إلا بهما معا . لقد كان الأقدمون أشد وطنية وإدراكاً لأمن ومصلحة بلادهم وهذا لأنهم كانوا ولائهم لهذا البلد ومصلحته وقراراهم مستقل ولا يمثلون مصالح أجنبية ولكنالتابع ليس له قرار أو هدف.

ليست هناك تعليقات: