الثلاثاء، 12 مارس 2013

الكورة وأفعالها


الكورة وأفعالها

كتبهامصطفى الكومي ، في 29 يونيو 2010 الساعة: 21:05 م



                                                                   
 منذ أربعة ألاف سنة كتب افلاطون في كتابه عن الجمهورية أن صفوة المجتمع وأشرافها هم فقط الذين يصدرون القوانين والقرارات وعندما سأله أحد تلاميذه قائلا وماذا إذا اعترضت العامة على القوانين والقرارات قال بالنص " نلهيهم بالألعاب الرياضية والولائم الشعبية"وقال مثل ذلك ميكافيلي في كتابه الأمير ثم جاء في عصرنا الحالي جون سمارانش مؤسس الألعاب الأولمبية وقد سأله احد وزراء أمريكا لماذا تناضل من أجل تأسيس هذا الاتحاد فقال ما معناه "إن بين طبقات الشعب وكذلك بين الشعوب صراعات وأحقاد وهذه المباريات تصرف الناس عن هذه الصراعات وتفرغها في المباريات ".
لذلك فهم السياسيين أن للرياضة ثمار عظيمة غير ثمار تربية الأجسام وتقويتها , ثمار يستفيدوا هم منها أكثر من استفادة الرياضيين والمشجعين , ولذلك أقاموا الملاعب والاتحادات والقنوات الرياضية والمسابقات والوزارات وصرفوا عليها الكثير من المال وخصصوا لها جيش عظيم من العاملين عليها القائمين على مهرجاناتها والمؤججين لصراعاتها.
ما معنى هذا الكلام ؟
أن السياسيين رأوا أن أغلب الناس يحبون الفرجة على الرياضة والاهتمام بها وتشغلهم عن همومهم العامة والخاصة , وأن المشجع يرى في فوز فريقه انتصار له يعوضه عن هزائمه وفشله في الحصول على الحياة الكريمةالتي أكلها منه المحتكر للمال والثروة والسلطة , كذلك فإن اهتمامه بمشاهدة الرياضة يصرفه عن اهتمامه بشئون وطنه العامة وأن يفرغ في الرياضة طاقة الغضب التي تولدت لديه من رغبته في الحصول على حقوقه السياسية والاقتصادية المغتصبة منه  وهي في يد من يلهيه بهذه اللعبة حتى لا يفكر في الحصول على ما هو حقه فعلا .
في سنة 1924تم تنظيم أو بطولة كأس كرة قدم في مصر ليتم بها التغطية على سقوط الخلافة الإسلامية وتفتيت وحدة الأمة وإلهاء الشعب عن فعاليات الثورة التي بدأت سنة1919.
أنهم يتعاملون معنا كما يتعامل الأب مع طفله حين يجوع فيلهيه بلعبة حتى يحضر الطعام غير أن الفرق في الواقع أن الأب ليس إلا ذئب يريد أن يلهي الأسد عن طعامه الذي هو حق له بلعبة سخيفة حتى يتسنى للذئب أكل طعام الأسد , وفي الواقع الأسد هو الشعب والذئب هو المحتكرون للثروة والسلطة والطعام هو حق الشعب في الحياة الكريمة والشورى والعدل والمساواة .
والآن أنظر إلى ثمار الكورة ألتي هي أمر من مرارة الحنظل
ـ الأمة تتلهف على الوحدة فتجد جمهور الكورة يتفرقون ويتشاتمون ويتعاركون ويتعصبون كلاً لفريقه وعلى حساب دينه و أمته التي وصفها الله تعالى بقوله " إن هذه أمتكم أمة واحدةوأنا ربكم فاعبدون " .
ـ أمرنا الله بقول الحق والمطالبة به والدعوة إلى الخير والعمل على محاربة الباطل وإزهاقه لكن الجهود تصرف عنه وتنبح الحناجر وتقضى الأوقات في محاربة المشجعين لبعضهم البعض مخالفين قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ..."
                                                                               
 
ـ أمرنا الله أن نجاهد وننفق أموالنا من أجل تحرير بلادنا من المغتصب المحتل لكن نتعب أنفسنا وننفق أموالنا لمشاهدة المباريات ونحرم جهودنا وأموالنا من هم في حاجة إليها .
ـ نهانا الله عن اللغو "والذين هم عن اللغو معرضون " بينما نقضي الساعات في حكايات الكورة والتنابذ والتعارك والشتم فنتلهى عن الجد وننصرف عما ينفعنا من الكلام الطيب .
ماذا استفاد أعداء الأمة من الكورة:
ـ اغتصاب حق الناس في الشورى والمشاركة السياسية فالناس مشغولة بمناقشة المباريات .
ـ ضياع حقوق الناس في الحياة الكريمة والثروات الطبيعية التي أنعم الله بها علينا والعدالة الاجتماعية فقد احتكرها المحتكرون واستغلهم رجال الأعمال واستعبدهم الحكام والناس ملهية في الكورة .
ـ اغتصاب الأرض واحتلالها وتهويد القدس فقد انشغل الناس بهزيمة فريقهم .
إذن نجحت الحكومات في تحصيل مرادها بالرياضة فصرفت الناس عن همومهم الحقيقية وقد كانت تأمل من الانتصار تعويض فشلها المستمر في تحقيق العدالة والشورى وتوفير حياة كريمة لشعبها , فإلى مزيد منها ومن الرقص والعري والأفلام والمسلسلات والكليبات فكل ذلك هو لإيجاد متنفس لطوفان الغضب المتأجج في نفوس الناس.. ثم إيجاد مخرات لهذا الغضب.. تماما كمخرات السيول.ومن ليس له غرض في ذلك فلنخدعه بالكذب والتأليف والخداع في الصحافة والإعلام ومن لم ينجر وراء كل ذلك وهم قليل فبالإرهاب والسجون والإبعاد ومصادرة الأموال والأرزاق حتى يستمر العلو في الأرض والفساد  . ولكن هيهات فإني مصدقا قوله تعالى "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِيلَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)النور"
 
 

ليست هناك تعليقات: