الجمعة، 15 مارس 2013

الحريم !!!


سيد قطب
شبهات حول حكم الإسلام
الحريم !!!
   هناك شبهة قوية لصقت بهذا الدين , وهي بعيدة عن روحه وتعاليمه , بعدها عن الواقع التاريخي فيه .. شبهة "الحريم" !
   إن "الحرملك" و "السلاملك" لفظان تركيان , يشيران إلى نشأة ذلك النظام في العالم الإسلامي . وما أظن أحدا يتهم الأتراك بأنهم فهمة للإسلام , ولا كانوا من الصحابة و لا التابعين !
   لقد كانت وثبة الإسلام بالمرأة وثبة ثورية بالقياس إلى العصر , وما تزال إلى اليوم خطوة كريمة , لم تزد عليها الحضارة الغربية إلا حرية الاستهتار !
   إن الكثيرات يخشين لو عاد الإسلام إلى الحكم أن يردهن رقيقا , أو أن يحبسهن في الحريم . وهي خشية لا أساس لها , ولا يعرف الإسلام منشأها . و الذي نعلمه ونؤكده أن المرأة الفاضلة ليس لها أن تخشى من الإسلام وحكمه شيئا , فقد منحها الإسلام من الحرية الواسعة الكريمة ما هو حسب أي إنسان فاضل شريف للعمل المثمر في حياة المجتمع  .
   منحها حق المِلك و الكسب بالطرق المشروعة , ومنحها حرية تزويج نفسها ممن تشاء بلا ضغط ولا إرغام , ومنحها حق الخروج و الدخول في ثياب محتشمة , لا تثير الشهوات ولا تجعلها نهبا للنزوات .
   نعم . إنه منعها أن تخرج للناس بثياب السهرة ! ! أو توزع النظرات الغزلة , و الضحكات الفاجرة . . فمن كانت لا تعرف الحرية إلا هكذا , فلتخش الإسلام وحكم الإسلام !
   فأما الذين يتحككون بحرية المرأة , ليتحككوا بالمرأة , من أصحاب الأقلام المائعة , فأولئك يعرفون أهدافهم , وتعرفها أوكار النساء التي ترحب بهم , وتدعوهم إلى حفلاتها الداعرة , التي يتجرد فيها الإنسان من كل مقومات الإنسانية , ليرتد حيوانا في غابة , وينقلب الجنسان ذكرا و أنثى .. وهذه الحفلات الداعرة لا يعرفها الإسلام .
   لقد كان النساء في عهد محمد صاحب هذا الدين , يذهبن إلى المسجد للصلاة , ويذهبن إلى السوق للتجارة , ويخرجن في الغزوات لتشجيع الرجال . فإذا جاء عصر من عصور الظلم والاستبداد فأحال المرأة سلعة , فقد أحال ذلك العصر نفسه الرجال إلى أرقاء .
   أنه ليس الإسلام الذي كان يأمر السلاطين بإلقاء الرجال في جب الحيات , وكذلك لم يكن هو الذي يأمر الرجال بإلقاء النساء في "الحريم" إنما كان ذلك ظلما شائعا ذهب ضحيته الرجال و النساء سواء .
   كذلك ليست "الحرية" هي التي تكشف الأفخاذ و النهود في الحفلات الساهرة اليوم . إنما هي الدعارة الروحية تتزيا بزي الارستقراطية , و العبودية للجسد تتزيا بزي الحرية .
   فإذا جاء حكم الإسلام فسيرد للمرأة حريتها الكريمة التي تنقذها من الرجعية التي لا تزال تسيطر في بعض الأوساط , و التي تنقذها كذلك من الإباحية التي خرجت من وسط "الارستقراطية" .
   إنه سينقذ روح الإنسانية المهينة في "الحريم" وفي "الصالون" سواء . فهي في الأولى مهينة بالكبت و الظلم , و هي في الثانية مهينة بالرخص و الابتذال .
   إنه لا خوف من الإسلام على امرأة فاضلة تزاول نشاطها الإنساني في حدود الشرف و الكرامة . فأما اللواتي لا يسمعن هذا المجال , فلهن أن يخشين كل الخشية من حكم الإسلام (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)             يراجع هذا الموضوع بتوسع في كتاب "السلام العالمي والإسلام" فصل سلام البيت

سيد قطب

ليست هناك تعليقات: