سيد قطب
شبهات حول حكم الإسلام
الحريم !!!
هناك شبهة قوية لصقت بهذا الدين
, وهي بعيدة عن روحه وتعاليمه , بعدها عن الواقع التاريخي فيه .. شبهة
"الحريم" !
إن "الحرملك" و
"السلاملك" لفظان تركيان , يشيران إلى نشأة ذلك النظام في العالم
الإسلامي . وما أظن أحدا يتهم الأتراك بأنهم فهمة للإسلام , ولا كانوا من الصحابة
و لا التابعين !
لقد كانت وثبة الإسلام بالمرأة وثبة
ثورية بالقياس إلى العصر , وما تزال إلى اليوم خطوة كريمة , لم تزد عليها الحضارة الغربية
إلا حرية الاستهتار !
إن الكثيرات يخشين لو عاد
الإسلام إلى الحكم أن يردهن رقيقا , أو أن يحبسهن في الحريم . وهي خشية لا أساس
لها , ولا يعرف الإسلام منشأها . و الذي نعلمه ونؤكده أن المرأة الفاضلة ليس لها
أن تخشى من الإسلام وحكمه شيئا , فقد منحها الإسلام من الحرية الواسعة الكريمة ما
هو حسب أي إنسان فاضل شريف للعمل المثمر في حياة المجتمع .
منحها حق المِلك و الكسب بالطرق
المشروعة , ومنحها حرية تزويج نفسها ممن تشاء بلا ضغط ولا إرغام , ومنحها حق
الخروج و الدخول في ثياب محتشمة , لا تثير الشهوات ولا تجعلها نهبا للنزوات .
نعم . إنه منعها أن تخرج للناس
بثياب السهرة ! ! أو توزع النظرات الغزلة , و الضحكات الفاجرة . . فمن كانت لا
تعرف الحرية إلا هكذا , فلتخش الإسلام وحكم الإسلام !
فأما الذين يتحككون بحرية المرأة
, ليتحككوا بالمرأة , من أصحاب الأقلام المائعة , فأولئك يعرفون أهدافهم , وتعرفها
أوكار النساء التي ترحب بهم , وتدعوهم إلى حفلاتها الداعرة , التي يتجرد فيها
الإنسان من كل مقومات الإنسانية , ليرتد حيوانا في غابة , وينقلب الجنسان ذكرا و
أنثى .. وهذه الحفلات الداعرة لا يعرفها الإسلام .
لقد كان النساء في عهد محمد صاحب
هذا الدين , يذهبن إلى المسجد للصلاة , ويذهبن إلى السوق للتجارة , ويخرجن في
الغزوات لتشجيع الرجال . فإذا جاء عصر من عصور الظلم والاستبداد فأحال المرأة سلعة
, فقد أحال ذلك العصر نفسه الرجال إلى أرقاء .
أنه ليس الإسلام الذي كان يأمر
السلاطين بإلقاء الرجال في جب الحيات , وكذلك لم يكن هو الذي يأمر الرجال بإلقاء
النساء في "الحريم" إنما كان ذلك ظلما شائعا ذهب ضحيته الرجال و النساء
سواء .
كذلك ليست "الحرية" هي
التي تكشف الأفخاذ و النهود في الحفلات الساهرة اليوم . إنما هي الدعارة الروحية
تتزيا بزي الارستقراطية , و العبودية للجسد تتزيا بزي الحرية .
فإذا جاء حكم الإسلام فسيرد للمرأة
حريتها الكريمة التي تنقذها من الرجعية التي لا تزال تسيطر في بعض الأوساط , و
التي تنقذها كذلك من الإباحية التي خرجت من وسط "الارستقراطية" .
إنه سينقذ روح الإنسانية المهينة
في "الحريم" وفي "الصالون" سواء . فهي في الأولى مهينة بالكبت
و الظلم , و هي في الثانية مهينة بالرخص و الابتذال .
إنه لا خوف من الإسلام على امرأة
فاضلة تزاول نشاطها الإنساني في حدود الشرف و الكرامة . فأما اللواتي لا يسمعن هذا
المجال , فلهن أن يخشين كل الخشية من حكم الإسلام (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
يراجع هذا الموضوع بتوسع في كتاب "السلام العالمي
والإسلام" فصل سلام البيت
سيد قطب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق