الجمعة، 15 مارس 2013

والآن أيتها الجماهير ...


سيد قطب
والآن أيتها الجماهير ...
   الآن ينبغي أن تتولى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة قضيتها بأيديها . ينبغي أن تفكر في وسائل الخلاص .. وتختار .
   إن أحدا لن يقدم لهذه الجماهير عونا إلا أنفسها  , فعليها أن تعني هي بأمرها , ولا تتطلع إلى معونة أخرى .
   أنه لا الأحزاب التي تتولى الحكم جماعة أو فرادى , ولا الصحافة الحزبية أو غير الحزبية , ولا هيئة الأمم , أو إحدى دولها الرأسمالية , ولا الشيوعية كذلك في النهاية . . أنه لا أحد من هؤلاء جميعا سيمد يده إلى الجماهير الكادحة في مصر , إلا أن تمد تلك الجماهير يدها إلى قضيتها .
   ونظرة إلى ظروف هذه المؤسسات وحقيقتها تكفي لإقناع من يريد الاقتناع , أن الاعتماد على أي منها في نصرة قضية الجماهير , إن هو إلا مجرد تواكل وغفلة و تقصير .
***
   هذه التشكيلات الحزبية . ومن تمثل ؟ أنها لا تمثل الجماهير قطعا لا بعقليتها ولا بمصلحتها ولا بظروفها . من هم الذين يشترط القانون أن يكونوا شيوخا في البرلمان ؟ أنهم الذين يملكون نصابا معينا من المال !
   أفي تلك الملايين من الجماهير الكادحة واحد فقط تنطبق عليه هذه الشروط ؟!
   ومن هم الذين تسمح لهم الظروف أن يكونوا نوابا في البرلمان ؟
      إنهم الذين يملكون أولا أن يدفعوا التأمين وهو مائة جنيه وخمسون , ثم يملكون ثانيا آلاف الجنيهات على أن ينفقوا على المعركة الانتخابية , وسماسرتها وحفلاتها وتنقلاتها وولائمها وذيولها , ثم يملكون ثالثا أن يتصلوا بحزب يرشحهم ويسندهم ويتقاضى منهم جزاء الترشيح ضريبة خزانته التي تتراوح بين المئات والألوف . . أ فبين الجماهير الكادحة من تنطبق عليه هذه الشروط ؟!
   كلا ! وليس وراء الجماهير الفقيرة المستغلة تنظيمات وتشكيلات قوية من النقابات والاتحادات , تتولى إدارة المعركة الانتخابية بأموالها وبنفوذها , كي تقدم إلى البرلمان مرشحين منها , يعبرون عن آلامها وآمالها .
   وإذن فستبقى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة في جانب , وتبقى التشكيلات الحزبية و البرلمانية في جانب , ويبقى الصراع بين المصالح المتعارضة قائما . إلى أن تتولى الجماهير أمر نفسها , فتنشئ من التشكيلات ما يملك الانتصار في معركة الانتخابات وغير الانتخابات . وإلى أن يتم هذا فلا ينبغي أن تعلق الجماهير أملا على الصراع الحزبي القائم , ولا أن تتطلع إلى حزب دون حزب , ولا أن ترجو النصفة على وثبة حزب من هذه الأحزاب على كراسي الحكم , بانتخاب أو بغير انتخاب .
   هذه الحقيقة تؤيدها كل تجارب الماضي الحزبي والبرلماني في مصر منذ ربع قرن مضى . أن هذا الصراع الحزبي لم يكن مرة واحدة على مصلحة الجماهير , وإنما كان دائما على كراسي الحكم , وما ورائها من مغانم , ومن إرضاء و إغناء للمحاسيب و الهتافة والأقارب والأصهار !
   فأما حين يلوح في الأفق شبح الخطر على مصلحة صغيرة من مصالح الرأسمالية , فينسى المتصارعون أحقادهم , ويترك المتخاصمون خصوماتهم , ويقف الجميع صفا واحدا في وجه ذلك الخطر الصغير , الوفدي و السعدي و الدستوري سواء , يدافعون عن مصالح الرأسمالية المهددة , ضد مصلحة الجماهير المحرومة .
   وما على من يتشكك في الحقيقة البارزة إلا أن يعود إلى مضابط البرلمان , عند نظر مشروع الضريبة التصاعدية , أو مشروع الأرباح الاستثنائية , أو مشروع ضريبة التركات , أو مشروع نقابات العمال , وبخاصة مسألة حرمان خدم البيوت من تكوين النقابات . . أو كل مشروع يحمل رؤوس الأموال شيئا من التكاليف التي تحملها رؤوس الأموال في كل جوانب الأرض , إلا في أرض الإقطاع .
   إنه سيجد المعارضين يمثلون أشخاصهم ومصالح طبقتهم ولا يمثلون أحزابهم وهيئاتهم . ذلك أنهم جميعا رأسماليون قبل أن يكونوا وفديين أو سعديين أو دستوريين ؟
   وها نحن أولاء أما مثل قريب , يدركه كل فرد في هذه الأمة , لأنه يتجرعه ويكتوي بناره : ها نحن أولاء أمام الغلاء الفاحش , الذي يفغر فاه كالغول ليلتهم الأخضر و اليابس , ويمتص دماء الملايين في نهم بشع لتنتفخ بها الأوداج , وتتخم بها الكروش .. فماذا صنعت الدولة وماذا صنع البرلمان لمكافحة ذلك الغول الجبار ؟
   بيانات وأحاديث , ثم بيانات وأحاديث , ثم حملات تفتيشية على الأسواق . الأسواق هنا في القاهرة حيث الحلقة الأخيرة وحدها من سلسلة الغلاء الطويلة .
   إن الغلاء لا يمنع هنا بل يصب . و القائمون بالأمر يعرفون , ولكنهم لا يجرؤون على أن يمسوا ذلك المنبع بسوء , لأنهم هم ممثلوه و المنتفعون به , والمشتركون فيه !
   إن أقواتنا وأشياءنا تأتي لنا من مصدرين : مصدر داخلي مما نزرعه ونربيه ونصنعه في الداخل , ومصدر خارجي مما نستورده من مأكولات ومصنوعات وأدوات وخامات .
   و الدولة تعلم أن المالك يؤجر الفدان الواحد بخمسين وستين جنيها إلى ثمانين . فماذا تنتظر إلا أن تكون أسعار الحاصلات الناشئة من هذا الفدان عالية , وأسعار الماشية التي ترعى هذا الفدان عالية , وأسعار منتجات ألبانها كلها عالية . . . وما الذي يجدي أن تحارب الغلاء هنا في القاهرة , وتدعه في منبعه يتزايد ويتصاعد في سعار ؟
   إن الحل ميسور : أن تتحكم الدولة في التصدير والاستيراد , وأن تشتري لحسابها كل المحصولات التي تصدر إلى الخارج وفي أولها القطن بسعر يجزي الزارع , ثم تبيعها هي لحسابها بالأسعار العالمية , فأما الحصيلة الناشئة من الفرق , فتساهم بها في تخفيض سعر الواردات حين تباع للمستهلك , وتسد بها الفرق بين ثمن شرائها المرتفع وثمن بيعها المناسب للجماهير .
   وبعد ذلك لا قبله تجدي التسعيرة , وتجدي حملات التفتيش , ولكن من الذي يفعل ذلك . أهي حكومة الرأسمالية وبرلمان الرأسمالية ؟ ولحساب من . لحساب الجماهير . ومصلحة الجماهير ؟!
   والمشروعات المعطلة التي لا تنتهي أبدا , بينما الثروة القومية تنهار ومستوى الدخل الفردي ينحط , و المتعطلون يملأون جنبات الوادي . لم تُنَفذ ؟ لأن تنفيذها يقتضي مالا , و المال في جيوب الأثرياء . والأثرياء في الوزارة وفي البرلمان !!
   هذا و الجماهير تتصايح : يسقط ويحيا . و الحواة يلهونها بالجلاء و الوحدة . والاستعمار لا يحفل هذا الصياح , لأنه يعلم جيدا أن هذه بضاعة معدة للتصدير إلى الداخل , وأن مصالحه الأساسية مصونة , لا بجيوش الاحتلال , ولكن بالمحالفة الطبيعية التي بينه وبين رؤوس الأموال ! فما عليه أن تهتف الجماهير حتى تتمزق حناجرها , وهذه الجماهير لا تملك من الأمر شيئا , والذين يملكون الأمر كله يحرصون على بقائه سندا لهم ضد الجماهير , التي ستفرغ إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في اللحظة التي تفرغ فيها من تسوية القضية المصرية .
   إن الغفلة و البله هما اللذان يصوران للجماهير في مصر أن حزبا ما في هذا البلد يرغب رغبة حقيقة في الجلاء و الوحدة , وفي حل القضية المصرية على أساس يبعد نفوذ الاستعمار , وقوة الاستعمار , وقوة الاستعمار . وأن هذه الأحزاب جميعا لتعلم أن تلك القضية هي "عدة الشغل!" التي تلعب عليها , فضلا على أن الاستعمار هو خط الدفاع الأخير لحماية المصالح الحقيقية التي تمثلها !
   كل ما هناك من فروق , هو فروق الأساليب التي تخاطب بها الجماهير ... فرجل كصدقي لم يكن يخفي حرصه على ربط مصر بعجلة الإمبراطورية عن طريق الدفاع المشترك . لأن الرجل كان يعرف حلفاءه الطبيعيين , وحلفاء اتحاد الصناعات الذي كان على رأسه . . .فأما الآخرون فقد يهتفون مع الجماهير : يسقط الاستعمار . . كي تذهب الجماهير فتستنيم , أو لتشق حناجرها بالهتاف للمجاهدين ! وذلك اعتمادا على غفلة الجماهير الساذجة , وأنها لا تدرك المحالفة الطبيعية بين مصالح الاستعمار الحقيقية في هذه البلاد , والمصالح الحقيقية التي تمثلها كل الأحزاب !
فأما الصحافة فليست في وضع يمكنها من الوقوف في صف الجماهير ضد الطغاة و المستغلين , ولا ضد الاستعمار و وراءه الرأسمالية العالمية القوية .
   إن الصحيفة مؤسسة تجارية قبل كل شيء , وعليها أن توازن ميزانيتها على الأقل لتعيش , وقد أصبحت المنافسة الصحفية عنيفة في دائرة القراء المحدودين , وهذه المنافسة تقتضي تحسينات صحفية , وتكاليف متصاعدة , وموارد مالية كبيرة .
    والرواج في التوزيع لا يقلل من نفقات الجريدة , بل يزيد خسائرها إذا وقفت عند حدود البيع . ذلك أن تكاليف النسخة الواحدة من أية جريدة كبيرة , يومية أو أسبوعية , أكثر من السعر الذي تباع به هذه النسخة في السوق . وهذه حقيقة قوية يجب أن تكون في الحساب , ليعرف الجمهور الكادح أنه ليس هو الذي يمول الجريدة الرائجة بقروشه ملاليمه ! إنما تعتمد هذه الصحف في وجودها وبقائها وربحها على موارد أخرى غير القروش و الملاليم . تعتمد أولا على الإعلانات . وهذه الإعلانات تملكها شركات رأسمالية ضخمة , تخدم بدورها المؤسسات الرأسمالية التي تتولى الإعلان عنها .. وتعتمد ثانيا على المصروفات السرية المؤقتة أو الدائمة : المؤقتة التي تدفعها الوزارات لصحافتها الحزبية , أو الصحف التي تريد شراءها , أو ضمان حيادها , (وهي في العادة دفعات ضخمة ) . و الدائمة التي تتولى إدارة المطبوعات صرفها إما لصحف وإما لصحفيين بصفة دائمة على اختلاف العهود و لخدمة الأغراض الحكومية الدائمة التي لا تتعلق بحزب دون حزب .. وتعتمد ثالثا على المصروفات السرية  لأقلام المخابرات الدولية , وبخاصة إنجلترا وأمريكا .. ذلك عدا نفقات الدعاية المباشرة للشركات وللبيوتات ولبعض الجهات .
   هذه الموارد هي التي تعوض الفرق بين تكاليف النسخة و سعرها الذي تباع به في السوق .ثم تشتري المطابع الضخمة و توفر وسائل الدعاية والإعلان للصحيفة . فأما الرواج وحدة بارتفاع مقطوعية البيع , فقد كان من شأنه أن يضاعف خسائر هذه الصحف لا أن يكون سببا للربح , فكلما زاد عدد النسخ زادت الخسارة!
   إن فائدة الرواج في مقطوعية البيع فائدة غير مباشرة , ذلك أنها ترفع سعر الإعلان في الصحيفة , وترفع سعرها في دائرة المصروفات السرية , داخلية كانت أو خارجية , وهذه هي كل قيمة الرواج بالنسبة إلى أية صحيفة .
   فإذا عرفنا هذه الحقيقة أدركنا أن الصحافة ليست في وضع يمكنها من الوقوف في صف الجماهير . إنما هي تعطي الجماهير بقدر القروش الملاليم التي تدفعها ثمنا للنسخ الموزعة , وتعطي الممولين الحقيقيين : سواء كانوا أصحاب المؤسسات الرأسمالية , أو الجهات الحكومية , أو أقلام المخابرات الدولية بقدر جنيهاتها و دولاراتها , وتقسم جهودها بين الفريقين قسمة بارعة تناسب غفلة الجماهير وسذاجتها , وذكاء الجبهة الأخرى وخبرتها !
فأما صحافة الرأي التي تعمل للجماهير الكادحة وحدها , فهي مطاردة من الدولة , ومن الرأسمالية المحلية و العالمية , ومن قوى الاستعمار جميعا ... ثم هي مطاردة من الجماهير الساذجة ذاتها , لأن مواردها لا تسمح لها بالمظاهر الصحفية الخلابة , ولأن ضمائرها لا تسمح لها بصور الأفخاذ والنهود , وبتلهية الجماهير نفسها , ولا تقف بجانبها بقروشها وملاليمها , على حين تستند الصحافة الأخرى إلى الجنيهات و الدولارات المتدفقة من الجبهة الأخرى .
   إن صور الأفخاذ و النهود هي للتسلية التي تقدمها صحافة الرأسماليين للجماهير المحرومة , كي تلهيها عن استمتاع الرأسماليين الفاجر بتلك الأفخاذ و النهود الحقيقية لا بصورها !.. والدردشة الفارغة التي تملأ صفحات وصفحات , هي المخدر الذي تسرق به هذه الصحف جهد القارئ واهتمامه , لتشغله عما هو فيه من بؤس وحرمان . وما يمكن أن يخدم الرأسمالية أحد , كما يخدمها بهاتين الوسيلتين الخبيثتين , اللتين تقبل عليهما الجماهير البلهاء إقبالها على الحشيش والأفيون !

* * *
   واليوم تبشر الرأسمالية الجماهير المحرومة ببشارة جديدة .. تبشرها بجهود هيئة الأمم في محاربة الفقر , وبحلقات الدراسات الاجتماعية التي تشرف عليها لدراسة مشكلات الجماهير , وبالنقطة الرابعة في برنامج ترومان .
   فماذا بالله يريد الجاحدون في هذا البلد العاق , الذي لا يعرف الفضل , ولا الشكر الجميل ؟
   فأما الرأسمالية في هذا البلد فهي حريصة على الاستفادة من جهود هيئة الأمم هذه , وهي حفية بحلقات الدراسة الاجتماعية التي تعقدها , وتنشر الصحف أخبارها , وتشغل بها الناس أياما وأسابيع . أليست وسيلة أساسية من وسائل تلهية الجماهير وتخديرها وإنامتها إلى حين ؟!
   وصحافتها لا تني تنشر بالخط العريض تلك الأنباء الناطقة بعطف المنظمات الدولية واهتمامها البالغ بقضية العدالة الاجتماعية في مصر .
   أليست وسيلة بارعة وسائل استمالة الجماهير إلى الاستعمار , لتلقى عليه أعباءها الثقال , وتكل إليه تحقيق العدالة الاجتماعية التي تتلهف عليها ولا تراها؟!
   ولكن الجماهير ينبغي أن تعلم أن المصلحة المشتركة بين الرأسمالية العالمية تعقد بين ممثليها جميعا في الشرق و الغرب حلفا طبيعيا , ضد الجماهير ومصالح الجماهير . وأن المصالح المشتركة بين الاستعمار والرأسمالية المحلية تعقد بينهما كذلك محالفة طبيعية قوية الأواصر .
   ينبغي أن تدرك الجماهير أن الاستعمار لا يحب أن يواجه الجماهير بوجهه الكالح , فلابد من ستار , يحكم بواسطته , وينفذ أغراضه عن طريقه , ويضمن مصالحه بواسطته . هذا الستار هو الطبقة الرأسمالية الحاكمة , التي يكل إليها مقاليد الأمور ويستريح , ومحال أن يحاربها أو أن تحاربه إلى الحد الذي يقتل أو يضعف , ويمكن للجماهير .
   ينبغي أن تعرف الجماهير أن الاستعمار منذ قدومه قد عمل على تكوين هذه الطبقة . وأن الخونة الذين مهدوا له الطريق , وخذلوا الجيش المصري أو خانوه أو غشوه , قد أغدق عليهم الاستعمار ومكن لهم في الأرض , وذرياتهم اليوم من أصحاب البيوتات في مصر ومن ذوي الضياع الواسعة , وممن يسمون في هذا البلد المسكين :"أصحاب البيوت الكريمة العريقة!"
   وأخيرا يجب أن تعرف الجماهير أن الاستعمار حريص على تجويع الجماهير . لأنه يعرف ـ كما قال ممثله مرة "جورج لويد" في كتابه : أن الرخاء في سنة 1919 هو الذي شجع على قيام الثورة المصرية . لهذا يجب أن تجوع الجماهير في مصر . كي لا تفيق من البحث عن اللقمة , فتتجه للثورة على الاستعمار من جديد !
* * *
    بقيت الشيوعية التي يحلم بها الكسالى في مصر على دخان الحشيش وخدره اللذيذ ! .
   هم يقولون لك : لا فائدة ! فلتنتظر الخلاص على يدي "بابا ستالين "!
   إن الرأسمالية ستحارب كل دعوة إلى العدالة الاجتماعية , وتناهضها بالقوة و بالحيلة و بالمال , وبشراء الذمم واستغفال الجماهير .
   كل هذا صحيح ! ولكن متى انتصرت قضية واحدة في تاريخ الدنيا بغير صراع قصير أو طويل ؟
   إن الشعوب التي لا تكافح من أجل الحرية لن تستحق الحرية . وإذا نحن جلسنا مستريحين , ندخن الحشيش , أو نحلم بالأماني , فستأتي الشيوعية ــ لو جاءت ــ لتجدنا ذيولا ذليلة , تسومنا سوم العبيد .
   إن الكرامة الإنسانية وحدها توجب علينا أن نعمل شيئا نستحق به الخلاص و الحرية . وإلا فسنخرج من ذل إلى ذل , يتغير عنوانه , ويتبدل أسياده , و العبيد هم العبيد !

* * *
الآن أيتها الجماهير . . لقد تبين أن أحدا لن يمد يده إليك ما لم تمدي أنت يدك إليك ! وأن الطرق جميعا لا تؤدي إلى الخلاص الحق , اللهم إلا طريقك الواحد الأصيل !
   أيتها الجماهير .. لقد تعين لك طريق الكرامة الإنسانية , وطريق العدالة الاجتماعية , وطريق المجد الذي عرفته الأمة الإسلامية مرة , و الذي تملك أن تعرفه مرة أخرى .. لو تفيق .
   أيتها الجماهير . . ها هو ذا الإسلام حاضر يلبي كل راغب في العزة والاستعلاء و السيادة . وكل راغب في المساواة و الحرية و العدالة . وكل من يؤمن بنفسه وقومه ووطنه . وكل من يشعر أن له مكانا كريما في ذلك الوجود .
  أيتها الجماهير .. هذا هو الطريق .. هذا هو الطريق ..
سيد قطب

ليست هناك تعليقات: