الباب الثاني
السنة ..مصدرا للفقيه والداعية
ـ السنة في مجال الدعوة والتوجيه
أولاً
السنة في مجال الفقه والتشريع
السنة هي المصدر الثاني
للفقه والتشريع بعد كتاب الله تعالى .
ولهذا نرى مبحث(السنة) ـ باعتبارها أصلا ودليلا للأحكام الشرعية ـ مبحثا
واسع الأكناف في جميع كتب (أصول الفقه) وفي كل المذاهب .
حتى الإمام الأوزاعي (ت157) : الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى
الكتاب(1) .
وذلك , لأن السنة هي المبينة للكتاب , فهي
التي تفصل ما أجمله , وتقيد ما أطلقه , وتخصص ما عممه .
وهذا ما جعل بعضهم يقول : السنة قاضية على الكتاب(2) , بمعنى أنها تبين
المراد منه .
ولكن الإمام أحمد لم يسترح لهذه العبارة , وقال : لا أجرؤ أن أقول ذلك ,
ولكن أقول : السنة مبينة للكتاب(3) .
وهذا هو العدل , فالسنة تبين الكتاب من وجه
, وهي من وجه آخر تدور في فلك الكتاب ولا تخرج عنه .
والذي لا نزاع فيه هو مصدرية السنة للتشريع في العبادات والمعاملات للفرد
وللأسرة وللمجتمع وللدولة .
يقول الإمام الشوكاني : الحاصل أن ثبوت حجية السنة , واستقلاها بتشريع
الأحكام ضرورية دينية , ولا يخالف في ذلك إلا من لاحظ له في دين الإسلام (4).
ومن قرأ كتب الفقه الإسلامي ؛ في أي مذهب كان , وجدها طافحة بالاستدلال
بالسنة قولا وفعلا وتقريرا .
يستوي في ذلك من عرفوا في تاريخ الفقه باسم مدرسة الحديث ومن عرفوا باسم
مدرسة الرأي .
فالمبدأ مسلم به لدى الطرفين والخلاف إنما هو في التفصيل والتطبيق , نتيجة
لاختلافهم في شروط قبول الحديث , والعمل به .
ومن قرأ كتب المذهب الحنفي ـ الذي يمثل
مدرسة الرأي ـ وجدها حافلة بالأحاديث التي يستدل بها مشايخهم .
وإن نظرة متأنية إلى الأحاديث التي اشتمل عليها الكتاب مثل (الاختيار شرح
المختار) لابن مودود الحنفي الموصلي (ت683هـ) الذي كان مقررا علينا في دراستنا
الثانوية بالمعاهد الأزهرية(أعني الطلبة الأحناف) أو كتاب مثل (الهداية)
للمرغيناني , المقرر على الطلبة الأحناف في كلية الشريعة بالأزهر وشرحه (فتح
القدير)للمحقق الحنفي كمال الدين بن الهمام ـ لكافية بتأكيد هذه الحقيقة وهي أن
أهل الرأي يستندون إلى السنة , كما يستند أهل الأثر.
وقد قال بعض الناس في عصرنا : إن أبا حنيفة
لم يصح عنده إلا سبعة عشر حديثا !
وهو كلام لا يدخل عقل عاقل عرف طبيعة المدارس العلمية في ذلك العصر ,
وتكوين العلماء فيها , وأبو حنيفة خريج مدرسة الكوفة العلمية , التي اجتمع فيها
الفقه والحديث معا , منذ أسسها الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
وازدادت علما وفضلا بوصول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه إليها , وه
الذي قال : رحم الله ابن أم عبد (يعني ابن مسعود) لقد ملأ هذه القرية علما !
ومن الغريب أن بعضهم استند فيما ذكره عن أبي حنيفة إلى العلامة بن خلدون ,
وهذا خطف من بعض الكلام الذي ابتلينا به من كثير من الناس , دون أن يحيطوا خبرا
بكل ما في الموضوع , حتى في السياق نفسه .
ولو أننا رجعنا إلى ابن خلدون لوجدناه يذكر
ذلك بصيغة التمريض , ولا يتبناه بل يذكر بعده ما يرد عليه , وهذه عبارته , قال في
فصل " علوم الحديث" من مقدمته :
"واعلم أيضا أن الأئمة المجتهدين
تفاوتوا في الإكثار من هذه البضاعة والإقلال , فأبو حنيفة رضي الله تعالى عنه قيل
: إنه إنما بلغت روايته إلى سبعة عشر حديثا أو نحوها (إلى خمسين) , ومالك رحمه
الله إنما صح عنده ما في كتاب (الموطأ) وغايتها ثلثمائة حديث أو نحوها , وأحمد بن
حنبل رحمه الله تعالى في مسنده ثلاثون ألف حديث , ولكل ما أداه إليه اجتهاده في
ذلك .
وقد يقول بعض المتعصبين المتعسفين : إن
منهم من كان قليل البضاعة في الحديث , ولهذا قَلت روايته . ولا سبيل إلى هذا
المعتقد في كبار الأئمة , لأن الشريعة إنما تؤخذ من الكتاب والسنة , ومن كان قليل
البضاعة من الحديث , فيتعين عليه طلبه وروايته , والجد والتشمير في ذلك , وليأخذ
الدين عن أصول صحيحة , ويتلقى الأحكام عن صاحبها المبلغ عن الله . وإنما أقل منهم
من أقل الرواية , لأجل المطاعن التي تعترضه فيها , والعلل التي تعرض في طريقها
سيما والجرح مقدم عند الأكثر , فيؤديه الاجتهاد إلى ترك الأخذ بما يعرض مثل ذلك
فيه من الأحاديث وطرق الأسانيد , ويكثر ذلك , فتقل روايته لضعف الطرق , هذا مع أن
أهل الحجاز رواية للحديث من أهل العراق , ولأن المدينة دار الهجرة و مأوى الصحابة
, ومن انتقل منهم إلى العراق كان شغلهم بالجهاد أكثر , الإمام أبو حنيفة إنما قلت
روايته لما شدد في شروط الرواية والتحمل , وضعف الحديث إذا عارضه العقل القطعي ,
فاستصعب , وقلت من أجلها روايته , فقل حديثه , لا أنه ترك رواية الحديث متعمدا ,
فحاشاه من ذلك , ويدل على أنه من كبار المجتهدين في علم الحديث اعتماد مذهبه بينهم
, والتعويل عليه , واعتباره ردا وقبولا, أما غيره من المحدثين وهم الجمهور ,
فتوسعوا في الشروط وكثرت روايتهم , روى الطحاوي فأكثر وكتب مسنده , وهو جليل القدر
, إلا أنه لا يعدل الصحيحين , لأن الشروط التي اعتمدها البخاري ومسلم في كتابيهما
مجمع عليها بين الأمة كما قالوه , وشروط الطحاوي غير متفق عليها كالرواية عن
المستور الحال وغيره"(5).
هذا ما قاله العلامة بن خلدون عن أبي حنيفة ومذهبه , وهو كلام مؤرخ خبير
منصف .
جميع الفقهاء يحتكمون إلى السنة
ونستطيع أن نؤكد هنا جازمين : أن جميع فقهاء المسلمين , من مختلف المدارس , وشتى الأمصار , ممن له
مذهب باق أو منقرض , متبوع أو غير متبوع كانوا يرون الأخذ بالسنة الاحتكام إليها ,
والرجوع إلى حكمها إذا تبينت لهم , جزءا من دين الله , ولا يسعهم الخلاف عن أمرها
, يستوي في ذلك المنتمي إلى مدرسة الرأي والمنتمي إلى مدرسة الحديث .
أخرج البيهقي عن عثمان بن عمر قال : جاء رجل إلى مالك فسأله عن مسألة فقال
له : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذا وكذا , فقال الرجل : أرأيت ؟ فقال
مالك : "..فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ" (النور:63)
وأخرج عن ابن وهب قال : قال مالك : لم يكن من فتيا الناس أن يقال لهم : لم قلت هذا
؟ كانوا يكتفون بالرواية ويرضون بها .
وأخرج عن يحي بن ضريس قال : شهدت سفيان وأتاه رجل فقال : ما تنقم علي أبي
حنيفة ؟ قال وما له ؟ قد سمعته يقول : آخذ بكتاب الله , فإن لم أجد فبسنة رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسوله أخذت بقول
أصحابه ,آخذ بقول من شئت منهم وادع قول من شئت منهم , ولا أخرج من قولهم إلى قول
غيرهم , فأما إذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وابن
المسيب وعدد رجالا , فقوم اجتهدوا , فأجتهد كما اجتهدوا .
وأخرج عن الربيع قال : روى الشافعي يوما حديثا فقال له رجل : أتأخذ بهذا يا
أبا عبد الله ؟ فقال : متى ما رويت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حديثا
صحيحا فلم آخذ به , فأشهدكم أن عقلي قد ذهب !
وأخرج عن الربيع قال : سمعت الشافعي يقول : إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقولوا بسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ودعوا ما قلت (6) .
ضرورة الوصل بين الحديث والفقه
وإذا كانت السنة مصدرا أساسيا للفقه , كان من الواجب على الفقهاء أن
يتعمقوا في علم الحديث , كما على المحدثين أن يتقنوا علم الفقه , وكان من الفجوات
العلمية التي يجب أن تسد : الفجوة بين المشتغلين بالفقه , والمشتغلين بالحديث ,
هذا الذي يجب أن تسد : الفجوة بين المشتغلين بالفقه , والمشتغلين بالحديث , وهذا
ما ناديت به منذ سنين طويلة .
فالغالب على المشتغلين بالفقه أنهم لا يتقنون فنون الحديث , ولا يتعمقون في
معرفة علومه , ولاسيما علم الجرح والتعديل , وما يترتب عيه من توثيق الرواة أو
تضعيفهم .
ولهذا تنفق عندهم أحاديث لا تثبت عند أئمة هذا الشأن من صيارفة الحديث ,
ومع هذا يثبتونها في كتبهم , ويحتجون بها لما يقررون من أحكام في الحلال والحرام ,
والإيجاب والاستحباب .
بل قد يستدلون أحيانا بأحاديث لا خطم لها
ولا أزمة , مما يذكر في الكتب ولا يعرف لها أصل ولا سند !
والغالب على المشتغلين بالحديث أنهم لا يجدون معرفة الفقه وأصوله , والقدرة
على استخراج كنوزه ودقائقه , والإطلاع على أقوال أئمته , وتعدد منازعهم ومشاربهم
وأسباب اختلافهم , وتنوع اجتهادهم .
مع أن كل فريق في حاجة ماسة إلى علم الآخر ,
ليكمل به ما عنده , فلابد للفقيه من الحديث , فإن جل أحكام الفقه ثابتة بالسنة ,
ولا بد للمحدث من الفقه , وحتى يعي ما يحمله , ولا يكون مجرد ناقل , أو يفهمه على
غير وجهه.
وهذا أمر لاحظه علماؤنا السابقون , ونددوا بمن أهمله , حتى روى عن بعض
الأعلام مثل سفيان بن عيينة , أنهم قالوا : لو كان الأمر بيدنا لضربنا بالجريد كل
محدث لا يشتغل بالفقه , وكل فقيه لا يشتغل بالحديث !
ومن الغريب أن كتب الفقه فيها كثير من الأحاديث الضعيفة , مع أن من المتفق
عليه أن الحديث الضعيف لا يعمل به في الأحكام , على حين قبله الأكثرون في الفضائل
والترغيب والترهيب .
بل يوجد في كتب الفقه الضعيف الشديد الضعف , والموضوع , وما لا أصل له
بالمرة .
وهذا ما حفز بعض كبار المحدثين لتأليف كتب في تخريج الأحاديث التي يستشهد
بها الفقهاء .
كما فعل ابن الجوزي في كتاب (التحقيق في تخريج التعاليق) وقد هذبه ابن عبد
الهادي في كتابه (تنقيح التحقيق) .
كما ألف بعض الحفاظ كتبا في تخريج أحاديث كُتب لها شهرة وانتشار مثل كتاب
(نصب الراية لأحاديث الهداية) للحافظ جمال الدين الزيلعي(ت672هـ )وقد طبع مرارا في
أربعة مجلدات , كما أختصره الحافظ ابن حجر في كتابه (الدراية في تخريج أحاديث
الهداية) بعد أن أضاف إليه بعض الفوائد العلمية , ونشر في جزء واحد .
ومثل ذلك كتاب ابن حجر في تخريج أحاديث(فتح العزيز في شرح الوجيز)
وهو الشرح الكبير للرافعي على الوجيز
للغزالي , فقد خرجه جماعة منهم ابن حجر في كتابه الشهير (تلخيص الحبير) .
وقد استدل بعض الفقهاء بأحاديث ثبت لمن بعدهم ضعفها , فهم معذورون في
الاستدلال بها , ولكن الذين انكشف لهم ضعفها لا عذر لهم في استمرار الاحتجاج بها ,
وينبغي أن يترك الحكم المبني عليها , ما لم تكن هناك أدلة أخرى من نصوص الشرع أو
قواعده العامة ومقاصده الكلية .
ومن قرأ كتب (تخريج الحديث) ـ التي أشرنا
إليها ـ للكتب الفقهية المشهورة في المذاهب المتبوعة يتبين له ذلك بجلاء , كما
يظهر ذلك في مثل (نصب الراية لأحاديث الهداية ) للزيلعي , و(تلخيص الحبير في تخريج
أحاديث شرح الرافعي الكبير) لابن حجر ,و(إرواء الغليل في تخريج منار
السبيل)للألباني (والهداية في تخريج أحاديث البداية ) لابن رشد , لأحمد بن صديق
الغماري.
لاحظت ـ وأنا أبحث في فقه الزكاة ـ عددا من الأحاديث يستدل بها داخل
المذاهب المتبوعة , وهي مجروحة عند أئمة الحديث , مثل : " ليس في الخضروات
صدقة ".
" لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول
" .
" لا يجتمع عشر وخراج".
"ليس في المال حق سوى الزكاة".
والحديث الخير اشتهر عند الفقهاء , وذكره
بعض كبارهم , مثل: الماوردي في (الأحكام السلطانية) , والشرازي في (المهذب) , وابن
قدامة في (المغني) .
وقد قال عنه النووي في (المجموع) : حديث
ضعيف جدا لا يعرف .
وقبله قال البيهقي في(السنن) : يرويه أصحابنا في التعاليق , ولست أحفظ فيه
إسنادا .
وأصل الحديث عند الترمذي وابن ماجه والطبري في تفسيره :"في المال حق
سوى الزكاة" ثم وقع خطأ قديم في بعض نسخ ابن ماجه , وزِيد في أول الحديث كلمة
"ليس" وشاع الخطأ واستمر , كما أشار إلى ذلك الحافظ أبو زرعة بن الحافظ
زين الدين العراقي في (طرح التثريب في شرح التقريب , ج4ص 18)وبينه العلامة أحمد
شاكر في تخريجه لتفسير الطبري(الأثر:2527) وأقام عليه من الأدلة ما يشفي الغليل
(7) .
وفي كثير من كتب الفقه وأبوابه أحاديث من هذا النوع , الذي لا يعرف له سند
عند بعض الحفاظ , وهو الذي يقول عنه الحافظ الزيلعي في (نصب الراية) : غريب . وهو
اصطلاح خاص به , يفيد أنه لم يجد له سندا . ويقول عنه الحافظ ابن حجر في (الدراية)
: لم أجده . أو : لم أره مرفوعا , ونحو ذلك من الألفاظ .
ويكثر هذا في بعض الأبواب إلى حد يلفت النظر.
كنت أطالع أحاديث كتاب (الذبائح) في (الدراية) فوجدت فيه أكثر من عشرين
حديثا , بعضها صحيح , وبعضها ضعيف , وبعضها لم يعرفه الحافظ أو لم يجده !
ومن ذلك حديث : " سنوا بهم (أي المجوس) سنة أهل الكتاب غير ناكحي
نسائهم , ولا آكلي ذبائحهم " قال : لم أجده بهذا اللفظ .
وحديث "المسلم يذبح على اسم الله , سمى أو لم يسم "قال : لم أجده
بهذا اللفظ.
وحديث ابن مسعود : " جردوا التسمية" قال : لم أجده .
وحديث " الذكاة ما بين اللبة واللحيين " قال : لم أجده .
وحديث " افر الأوداج بما شئت" قال : لم أجده.
وحديث " أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى أن تنخع الشاة إذا ذبحت
"قال المصنف :أي تبلغ بالسكين النخاع , قال الحافظ :لم أجده .
وحديث " أنه نهى عائشة عن الضبّ حين سألته عن أكله " قال : لم
أجده .
وحديث "أنه نهى عن بيع السرطان" قال : لم أجده .
إلى أحاديث أخرى(8) .
وليس هذا مقصورا على كتب(أهل الرأي) كما يسمونهم , بل يشمل كتب سائر
المذاهب , فيوجد فيها الضعيف , وما لا أصل له أيضا , وإن كانت النسبة قد تختلف بين
مذهب ومذهب .
والناظر في (تلخيص الحبير) للحافظ ابن حجر , الذي خرج فيه أحاديث شرح
الرافعي لوجيز الغزالي ـ وهما من أئمة الشافعية ـ يجد مصداق ذلك بوضوح , فقد ضعف
كثيرا من الأحاديث المحتج بها في الكتاب , وإن كان هو شافعيا أيضا . ولكن الحق أحق
أن يتبع .
وقد كتب في ذلك الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت:458هـ)
إلى الإمام أبي محمد عبد الله بن يوسف
الجويني ـ والد إمام الحرمين ـ (ت:438هـ) ينتقده بأدب في بعض أوهام حديثية وقعت له
في كتابه (المحيط) ومن ذلك : أول حديث فيه , وهو النهي عن الاغتسال بالماء المشمس
, وهو حديث لا يصح .
ومن إنصاف البيهقي : أنه أنكر على المحدثين من أصحابه الشافعية تساهلهم في
ترك التمييز بين ما يصح الاحتجاج به من الأخبار وما لا يصح , وفي الرواية عن
الضعفاء والمجهولين ,, إلى آخر ما قال في رسالته الرصينة الركينة(9) .
وأغرب من ذلك : أن كتب (أصول الفقه) نفسها لا تخلو من الأحاديث الواهية
والموضوعة والتي لا أصل لها , مثل حديث "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم
اهتديتم "
"ما رواه المسلمون حسنا فهو حسنا عند
الله حسن " "اختلاف أمتي رحمة " وغيرها مما يجده من يقرأ كتب
الأصول المعروفة للدارسين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
إرشاد الفحول للشوكاني ص 33ط مصطفى الحلبي .
(2)
نفسه , وقد عزاه إلى يحي بن أبي كثير , وذكره ابن عبد البر في جامعه (2/192).
(3)
ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/191,192)ط : بيروت المصورة عن
المنيرية.
(4)
إرشاد الفحول ص 33, ط . مصطفى الحلبي .
(5)
مقدمة ابن خلدون ج 3ص 1143ـ 1145ط لجنة البيان العربي ـ ثانية ـ تحقيق د . علي عبد
الواحد وافي .
(6) مفتاح الجنة للسيوطي ص:49,50 .
(7)
انظر في ذلك : كتابنا (فقه الزكاة) حاشية 3,4 من ص 966, 967 طبعة الرسالة .
(8)
انظر : الدراية في تخريج الهداية لابن حجر , بتعليق هاشم اليماني ,ج2,ص205ـ213 .
(9)
انظر مقدمة (معرفة السنن والآثار) بقلم محققه الأستاذ السيد أحمد صقر ص19ـ 24 , ط.
المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة .
ثانياً
السنة في مجال الدعوة والتوجيه
كيف نتعامل مع السنة النبوية
معالم وضوابط
الدكتور يوسف القرضاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق