الجمعة، 28 يونيو 2013

متى تتمصر المعارضة ؟


  في عصر مبارك كنا ننظر إلى الممارسة الديمقراطية في الدول المتحضرة على حقيقتها , ونقارن بينها وبين ممارسة مبارك المزيفة والمزورة للديمقراطية , كان هذا يجعلنا نقارن بين تقدمهم و تخلفنا وعرفنا أن سر تأخرنا و وفقرنا هو أن إرادتنا و حقنا في اختيار من يحكمنا قد سرقها مبارك و من كان قبله , كان هذا يجعلنا نتشوق للحياة الديمقراطية ونتمنى أن نتخلص من دكتاتورية مبارك , وهذا ما جعلنا ننضم مع كثير من شباب مصر لصفوف من يحارب هذا النظام ويعمل على تغييره , فلم نرفع حجر ولم نحرق مؤسسة ولم نطلق رصاصة كنا نؤمن أن الجهاد السلمي هو أكثر جدوى من أي عمل مسلح بالرغم من الاعتقال والتعذيب ومنعنا من تملك أي وسيلة إعلامية , خالفنا غيرنا واختاروا إما الجهاد المسلح أو الخطو في ظل النظام , ولكن تأكد لهم بعد تجربة مريرة حسن اختيارنا ومشوا على خطانا , ورأينا ممارسة المعارضة العالمانية وقتها في مصر , تأكد لنا أن كثير منها مجرد ورق ديكور يخدعوننا به ليظن المغفلين أننا نحيا حياة ديمقراطية سليمة , ولكننا لم نمل من المقارنة بين ديمقراطيتنا المزعومة وديمقراطية الشعوب التي سبقتنا وحتى بعد الثورة لم نمل من المقارنة مع الدول الديمقراطية المتحضرة التي رأينا فيها أن :

    ـ أحزاب المعارضة تنتقد بشدة أداء الحكومة وتقدم لها النصح أيضا وتتظاهر ضدها سلميا وتقترح حلول ليقوم بتنفيذها الحزب الحاكم , ولكن لا تطالب بإسقاطها طالما أنها ليس لديها أغلبية برلمانية , ولا تنقلب على المسار الديمقراطي ولا على أي شرعية إنتخابية ولا على إرادة الشعب , ولا تستدعي الجيش ليسلمها الحكم (1), وتعمل على تحسين صورتها أمام الجماهير لكي تنتخبها في المرة القادمة , و لا تتهرب من الانتخابات , ولا تحرض على العنف كلما اقترب موعد الانتخابات , ولا تحشد لإسقاط النظام طالما أن هناك آليه لتداول السلطة معروفة و سلمية وآمنة , فما الداعي لأن نتحارب كلما أردنا تغيير السلطة  , من يلجأ إلى آلية الثورة للتغيير بينما تتوافر آلية ديمقراطية و انتخابية قادرة على تداول السلطة يؤكد أن من يفعل ذلك قد كفر بالديمقراطية ,لماذا لا تحدث ثورة في الدول الديمقراطية لسبب بسيط أن لديهم آلية ديمقراطية لتداول السلطة , ومن ينقلب على إرادة الشعب الآن  لن يقبل إلا أن يستبد برأيه وسيعيد دكتاتورية مبارك مرة أخرى, ولأن أحزاب المعارضة لدينا عالمانية فهي تعرف أنها لن تكون مقبولة من شعب مسلم وتعرف أنها لم تحكم إلا من خلال الإنقلابات العسكرية أو تزوير الانتخابات أو إرهاب الدولة أو القفز على الحكم أو من خلال أحداث عنف وفوضى أو على دبابة المحتل .

   ـ أحزاب المعارضة التي تخسر الانتخابات تتقبل هذا بروح طيبة وتقوم بتهنئة الحزب الفائز , ولا تطلق أضغان الحقد و الحسد على الفائز , لأنها تعلم أن هناك شعوب ناضجة تراقب ردة فعلها والشعوب لا يعجبها شخصية الحاقد الحسود , عندما وقف الإخوان في مقدمة الصفوف في معركة الجمل كانت النخبة العالمانية تمدحهم وتثني عليهم خيرا , وعند أول نجاح للإخوان في أول انتخابات تشريعية وفشل أحزاب المعارضة العالمانية بدأت الحرب عليهم قبل أن يبدأوا في العمل أويحكموا على آدائهم وهذا دليل على أن للحقد والحسد هو المحرك لهذه الحرب ضد الإسلاميين ولو قامت المعارضة بربع ما تفعله الآن بمبارك لسقط مبارك من عشرين سنة على الأقل , ويؤكد هذا بعد أن فاز بالمركز الأول بالمرحلة الأولى في الانتخابات الرئاسية الدكتور مرسي طلبوا منه أن يتنازل لحمضين وهم لم يحكموا بعد على أداؤه .. اتقوا الله في مصر أيها الحاقدون . (2)


   ـ أحزاب المعارضة في الدول المتحضرة تحرص على استقلال الإرادة الوطنية و ترفض أي تدخل خارجي من أي دولة كانت , ولا تستغيث بقوى خارجية لتدعمها , ولا تتلقى أموال من الخارج فالقانون يجرم ذلك ويعتبره خيانة عظمى , ولكن أحزابنا تجلس علانية مع السفيرة الأمريكية وتطلب دعمها بل تتفاخر بهذا . (3)

   ـ وأحزاب المعارضة في الدول المتحضرة تحرص على احترام ثقافة ودين وتوجهات الشعب الذي تنتمي إليه , حتى ينتخبها , بينما المعارضة في مصر تريد فرض منهج وثقافة مستوردة من أعداء طالما أذلونا وحاربونا واحتلونا .. ويعملون بكل قوتهم لتشويه دين الشعب الذي من المفروض أنهم يطلبون أصواتهم , ويشوهونه و يصورونه للناس من زاوية المتشددين الغلاة بالرغم من قلتهم بالنسبة للمسلمين جميعا , ويخفون عن عمد زاوية الوسطية العريضة والواضحة والمقبولة من كل مصري .



ـ المعارضة تعمل على إنضاج الوعي و الممارسة السياسية , ولكن في مصر هي تعمل عكس ما تفعلة المعارضة في الدول المتحضرة فهي تستغل سذاجة بعض المصريين وأميتهم السياسية وحداثة ممارستهم للسياسية و تغسل أدمغتهم بمفاهيم سياسية مغلوطة مثل الرئيس اللي مايعجيناش نشيله بالمولوتوف أو أن الحرية أن تفعل ماتريد بلا حدود ولا قيود ولا مراعاة لحقوق الآخرين , في الوقت اللي كانوا متصالحين جدا مع نظام مبارك ولم يحرضوا أحد ضده وكان نقد مبارك خط أحمر و حد لا يتخطوه , لأنهم في الحقيقة كانوا جزء ديكوري من نظام مبارك لزوم الديمقراطية المزيفة المزورة .

ـ الأحزاب في الدول المتحضرة تلتزم أخلاقيا ولو ظاهريا لأنها تحافظ على سمعتها أمام الشعب الذي ينتخبها وهي لا تتعاطف مع المجرمين الذين أمروا بقتل الشعب كشفيق أو شارك في سرقته كالفلول , و لا يوجد سياسي وطني عاقل يضحي بسمعته بالسماح لأنصاره بتخريب مصرأو حرقها  لكنها خطة عميل ينفذ أجندة صهيوأمريكية هي اسقاط حكومة منتخبة ولا يهمه سمعته عند الشعب . (4)

   ـ الأحزاب في الدول المتقدمة ترفع مصلحة الوطن و الشعب فوق مصلحتها الخاصة , لكن في مصر تطلب إقالة وزراء ناشطين في خدمة الشعب وتريد حرمان الشعب من خدمتهم وعطاءهم لأن هذا يجعل فرصة نجاحهم في الانتخابات ضعيفة وتضعه شرطا جوهريا لخوض الانتخابات أي احزاب هذه وأي شعب يقبل هذا أو يصوت لحزب يريد حرمانهم من نشاط وزير ناجح واستبداله بوزير خامل .(5)

  ـ الأحزاب في الدول المتحضرة يبقى فيها اليسار يسار و اليمين يمين , لا يتحدان مع بعضهما ولكن في مصر يتحد العدوان ضد العدو المشترك لهما , وهذا يؤكد انهم لايريدون الحكم بواسطة الانتخابات ولا بإرادة الشعب في الصندوق , عندما يصطف الرأسماليون مع الشيوعيون وهما عدوان متضادان صفا واحدا ضد الإسلاميون ومعظم الإعلاميين شيوعيين يعملون لدى فضائيات الرأسماليين , وهذا يعني أن الهدف هو الإسلام ذاته .

ـ الأحزاب في الدول المتحضرة تعمل على تماسك المجتمع ووحدة أراضي الوطن ولا تنحاز إلى انفصاليين يريدون تقسيم الوطن , ولقد باركت أحزابنا محاولة بعض العملاء الذين صنعوا أعلام لبوسعيد و اعلنوا بورسعيد دولة مستقلة  وتكرر نفس الموقف في المحلة  أيضا, بل تم ضم عملاء أمريكا الإنفصاليون من النوبة إلى صفوف أحزابهم , وتحرض الأقباط ضد الإسلاميين .(6)

هذا بعض ما فهمناه عن الممارسة الديمقراطية في الدول المتحضرة ورغبنا أن نكون أحسن منهم , مع تحفظنا على بعض الممارسات التي لا تتفق مع شريعتنا وقيمنا .

لهذا لا أستطيع أن أصف ما تفعله أغلب أحزاب المعارضة بأنها ممارسة سياسية بل أستطيع أن أصفها بكل ارتياح بأنها عصابة مأجورة وكتيبة إجرام في حق الوطن تعمل لصالح رجال أعمال حرامية وفلول فاسدين ولصالح إسرائيل وأمريكا ودول خليجية تخشى أن تطولها شعلة الثورة , وما الأحزاب التي تصطف داخلها مجرد غطاء قانوني لأعمالها الإجرامية , وها يتفق مع السياسة الجديدة للدول الإستعمارية التي تفضل استراتيجية إفشال الدولة بدلا من محاربتها عسكريا بزرع العملاء داخل الدولة الهدف وإمدادهم بالمال والدعم الفني فقط دون إراقة قطرة دم واحدة من أبناء الدولة الإستعمارية وهذا يعد أقل تكلفة من الحرب المباشرة وأشد حفاظا لماء وجهها إذا ما أجبرها الجهاد المسلح على الخروج مهزومة , إن سبب هزيمة مبارك الأساسية هي أنه لا ينتمي إلى هذا الوطن ولكنه كان مجرد تابع وكنز استراتيجي لأعداء هذا الوطن ولهذا ستسقط هذه المعارضة لنفس السبب وسوف تظهر معارضة أخرى مصرية حقا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الجارديان :من السخرية دعوة المعارضة لتدخل الجيش فى العملية السياسية


(2)القوى الثورية تطالب مرسي بالتنازل لصالح صباحي


عماد جاد والسفيرة الامريكية والحشد للمظاهرات  ..   (3)


(4)المعارضة المصرية تتحالف مع فلول النظام السابق قبل‏30‏ يونيو

لهذه الأسباب تطالب جبهة الإنقاذ بإقالة الوزير النشيط باسم عودة! (5)





(6)حزب التجمع بستضيف مؤتمر للإنفصاليين النوبيين


هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

بالفعل مقال متميز ندعو من الله ان يحافظ على مصر من كل شر www.egaswak.com

مصطفى الكومي يقول...

شكرا اخت ولاء