الاثنين، 11 فبراير 2013

التكالب حين انتهاء الطبخة


التكالب حين انتهاء الطبخة

كتبهامصطفى الكومي ، في 15 يوليو 2012 الساعة: 20:52 م


    ما رأيك في شركائك في المنزل الذي تعيشون فيه , تقوم أنت بالعمل الشاق وتكلف طعامك من مال وجهد ومشقة بينما شركاءك يجلسون على الأرائك المريحة يتفرجون عليك وأنت ذاهب للعمل الشاق وتعود حاملا معك الطعام الذي ستطبخه , يشاهدونك وأنت تواجه اللهيب والمشقة ولم يكلفوا أنفسهم مالا ولا جهدا ولا اعتقالا ولا اتهاما ولا تشويها ولا تجريحا ولا اعتصاما ولا وقفة في تحت حر الشمس في سبيل الحق والعدل , ثم إذا انتهيت من الطبخة يقفزون على طبختك طالبين بنصيبهم , هل تراهم إلا متسلقين انتهازيين , كيف لمثل هؤلاء أن يخدموا وطن أو يعملوا لمصلحته , مثل هؤلاء لا يمكن أن يكونوا إلا طلاب سلطة ومغنم , هؤلاء مستعدون للتحالف مع الشيطان والتنازل عن المبدأ والسقوط الأخلاقي لكي يصلوا إلى غنيمتهم , هذا ما أراه في بعض القوى الإسلامية والوطنية التي لا تشارك في اعتصام ولا تظاهرة ولا وقفة من أجل استعادة سلطات الرئيس أو إنكار ممارسات مؤسسات الطاغية البائد , وفي نفس الوقت تطالب د/ مرسي بنصيب في السلطة وبإنجاز ما وعد به , والبعض يتفرج ولا يطالب إلا عند انتهاء نُضج الكعكة.
    اعتصمنا في ميدان التحرير بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية وقبل إعلان النتيجة فلم نرى إلا مشاركة رمزية من حركة حازمون وحركة 6 أبريل وأفراد قلائل من الشعب الواعي بحرج الموقف وضخامته , ثم عدنا تأييدا لقرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب , فلم نرى خيمة لأي حزب من الأحزاب الإسلامية ولا الوطنية التي شاركت الإخوان في انتخابات مجلس الشعب وفازوا بكراسيهم بأصوات أنصارهم بلا ثمن يذكر ولا مشقة بُذلت .
   لا أرى المتفرجون إلا كمثل بني إسرائيل حين تكاسلوا وقالوا لنبيهم "فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ " لقد ظنوا أن السياسة لا أخلاق لها ولا تضحية بل هي غنائم تقطف حين ظهور ثمرة تعب الآخرين , وقدموا مثلا سيئا للناس مرة حين امتنعوا عن معارضة الظالم في حكمه , ومرة حين وقفوا متفرجين على ولي الأمر والمشروع الإسلامي كله وهو يتعرض للإفشال , ألا يخافون أن هذا الموقف يؤكد الأقاويل التي قيلت بأن هذه التنظيمات أنشأت بأيد امن الدولة أو أنها ورقية وليس لها وجود في الشارع وأنها تظهر فقط ساعة توزيع المسئوليات .
  لن ينجح د/مرسي في صراعه مع الدولة العميقة إلا إذا وجد زخما شعبيا كبيرا واصطفافا من كافة الشركاء السياسيين في المشروع الإسلامي والوطني خلفه يضغط ويتحرك , أما من ينتظر ويتربص أخشى أن يضعون أنفسهم في خانة "الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ", ولو لم ينجح مرسي سيسقط جهاد السنين وعذاباته.
  المعتصمون يريدون من قيادتهم ورؤوسهم أن يؤازروهم بالاعتصام معهم , ويشجعوهم بالحضور والمشاركة ولو ببعض الوقت , ومهما كانت تربيتهم وثقافتهم فهم بشر يتلاعب بهم الشيطان كما يتلاعب بكافة البشر, سيقول لهم الشيطان أنتم تتعبون وتعتصمون تحت حر الشمس بينما قيادتكم في التكييف سيغنمون نتيجة جهادكم وتعبكم ,إن أفلت بعض الناس من كيد الشيطان فلن يفلت من آخرين وهذا نراه في قلة أعداد المعتصمين بالنظر إلى عِظم الموقف , آباء الثورة المصرية وقيادتها إن لم تتواجد في الميدان فسوف يسرق شعبيتهم آخرون يفضلون قطف الثمار على خوض المعارك ودفع المغارم .
   أكاد أرى القاعدون بغير عذر أنهم في حالة فرز "مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ" فهل نتقي الشبهات ونحتاط لأنفسنا ونأخذ بالعزائم في لحظة فارقة ولا نتواكل على من يذهبون بالأجر كله بذهابهم إلى الميدان .

موضوعات ذات صلة على صفحة ..المدارس الإسلامية

ليست هناك تعليقات: