السبت، 16 يناير 2010

الغول الإيراني




البعض يبالغ في الخطر الإيراني ويجعله في مقدمة
الأخطار التي تواجه الأمة حتى تقدمه على الخطر الإسرائيلي والأمريكي و الغزو الثقافي الذي أصاب الأمة جميعا حتى صارت غريبة عن قيمها الإسلامية و ثقافتها العربية , ولعل كثيرين يتساءلو
ن لماذا قفز الخطر الإيراني هكذا فجأة إلى بؤرة الشعور وصار الإعلام يركز عليها هذا التركيز ووكأنه غول يريد أن يفترسنا .
أعتقد أن هناك سببين رئيسيين هما :
العدو الإسرائيلي ثم النظم العربية
فأما العدو الإسرائيلي فلأن إيران تقوم بمساعدة سوريا وحزب الله وحماس وهم الآن جبهة الصراع الوحي
دة الباقية أمام إسرائيل بعد تحييد كل من حكومة مصر والأردن وقد تكون السعودية ضمن جبهة الاعتدال الأمريكية و لهذا فإن إسرائيل توجه
إعلاميها التابعين لها في المنطقة العربية لتقديم إيران في صورة العدو البشع الذي يضطهد أهل السنة ويقتلهم وله أطماع في المنطقة العربية وخاصة الخليجية وينشر فكره الضال في مناطق أهل السنة و بالرغم من أن هذا تصوير حق و لكن المبالغة فيه كبيرة لأن ما تفعله إيران ليس بعظم ما تفعله أمريكا وإسرائيل في المنطقة العربية سواء كان غزو ثقافي أو عسكري كما أنه يصرف الأعين عن احتلال واقع فعلا من أمريكا و إسرائيل . (أمريكا تحتل العراق و قتلت منه أكثر من
مليون مسلم وتحتل أفغانستان وتقتل المسلمين في باكستان ولها قواعد في الخليج وتساعد إسرائيل وتفرض علينا ثقافتها وتساند النظم المستبدة وإسرائيل تحتل الأقصى و تقتل الفلسطينيين )
أما النظم العربية سواء كانت عائلية أو جمهورية فهي ترى بعض الجمهور قد أعجب بقوة إيران العسكرية وعزتها في مواجهة الغرب خاصة في
موضوع الملف النووي وكذلك التحول الديمقراطي في إيران و وجود رئيس جمهورية سابق

وشاه مخلوع .
فصار هذا الإعجاب يجر بعض الأفراد إلى التشيع أو على الأقل المطالبة بتغيير الأوضاع العربية المتردية و التمرر من كافة أشكال الهوان أمام الإملاءات الصهيوأمريكية, فهذا جعل الحكام العرب يشعرون بالخطر الذي تمثله إيران على كراسيهم أولا ولذلك أطلقوا كل وسائل إعلامهم ومشايخهم أيضا لتقذف نار التكفير في الشيعة و تتفنن في تصوير جحيم النظام الإيراني وخطره المنتظر, وهي تضرب بعض العصافير بحجر واحد فمنها تصرف الناس عن المطالبة بالحق في الشورى وإبداء الرأي ومن ناحية تصرف الأنظار عن الفشل في تحقيق التقدم والرفاهية وكذلك عن قواعد العدو في أراضينا بإذن حكامنا وتثبيت كراسيها أخيرا .
ومن العجيب أن حكامنا ضعيفي النظر فيما يحدق بالأمة من أخطار أما الذي قد يهز الكرسي فهي دقيقة النظر شديدة الانتباه كالزوجة الغبية التي لا تهتم بأحوال زوجها إلا إذا شمت رائحة زوجة ثانية فإنها تصحو من غفلة وتنتبه بذكاء وتستعد للحرب بضراوة .
وبالرغم أن التحول إلى التشيع أمر وارد إلا أنه إن حدث فلن يكون بشكل واسع أبدا سواء على المدى القريب أو البعيد ولن يتحول إلى التشيع إلا من ضج من استبداد وهوان الحكام أو من نفروا من تشدد بعض الدعاة أو جاهل أوقعه جهله في حبالهم أو طالب مال
في النهاية هذه العناصر ليست من غالبية المسلمين و ذلك التشيع بدأ نتيجة أزمة سياسية ليست موجودة الآن والتعاطف مع أحفاد الإمام علي لم يعد موجود الآن بعد أن أزاح شيعة إيران أحفاد سيدنا علي من الحكم بفكرة الغيبة و الانتظار, و التحول الشيعي عملية صعبة لأغلبية المسلمين حيث أن عملية التحول الواسع للتشيع في المنطقة تمت بالإكراه في عصر الحكم الصفوي وما هؤلاء الشيعة إلا ورثة أجدادهم المكرهون , فلم يكن الشيعة أغلبية في أي منطقة إسلامية أبدا, كما أن النظام الحالي في إيران قابل للتعديل , و الحراك الشعبي الآن في إيران ينبأ بانهيار الفكر الخميني وقيام نظام أكثر انفتاح على أغلبية المسلمين وأقل طائفية مما هو عليه الآن .
ومع ذلك لا نهون من الخطر الإيراني , و دفعه ليس بهدم مشروعهم و تكفيرهم فهذه حيلة الضعفاء الذين لا يملكون إلا كلاما بلا فعل و مواقف كلها ضعف و هوان .
ولكن لو أن لنا مشروع حضاري نهضوي نحن العرب المسلمون يعمل على استئناف حضارتنا وقوتنا وعزتنا لكانت إيران وغيرها أيضا هي التي تصرخ منا فنكون نحن الخطر عليهم و ليسوا هم .
ولكن تشتت أمتنا بين مشروعات وطنية وقومية علمانية وإسلامية وطائفية وعائلية أحيانا وكذلك انبطاح حكوماتنا للعدو الغربي والصهيوني والتفرق المذهبي المدعوم من النظم الحاكمة هو الذي جعلنا نصرخ من الخطر الإيراني .
كما أن غياب تقييم للأخطار بحيث نضع كل خطر في سلم أولويات لمواجهة الأخطار حسب شدة خطورتها هو الذي جعلنا نتشتت في عملية المواجهة وبالتالي تضيع جهودنا سدى .
فلا يجب أن ينسينا الخطر الإيراني الخطر الصهيوأمريكي
ولعلنا نجد أن أهم خطر يواجهنا هو بالترتيب التالي :
ـ خطر داخل امتنا وهو تخلفها الحضاري و ضعفها العسكري و جهلها العلمي وتخلي اغلب أفرادها عن قيمها الإسلامية وتناحرهم المذهبي .
ـ ثم ضعف حكومتنا و استبدادها وانحنائها أما القوي الاستعمارية وحرصها على كراسيها لا تقدم شعوبها.
ـ ثم الأخطار الخارجية سواء كانت الغرب أو إسرائيل أو إيران .
وترتيب الصفوف الداخلية أولا هو الأهم في مواجهة الأعداء الخارجيين .
فيجب :
أولا : إعداد أفراد الأمة بالإيمان والقيم الإسلامية والثقافة العامة والقدرة على مواجهة الأخطار وأن تتوحد صفوفها حول مشروع موحد نهضوي وحضاري يعيد لها دينها و مجدها وقوتها وقيمها .
ثانيا : تحول النظام المستبد والعائلي إلى نظام شوري ديمقراطي إسلامي يحمل هموم الشعب ويشارك الشعب في الحكم ويعمل على تقدمه في كافة المجالات .
ثالثا : تحرير أمتنا من كل استعمار أو هيمنة أجنبية خاصة الأمريكي والصهيوني أو غيرها سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا .
رابعا : بناء أمتنا و تقويتها دينيا و علميا و ثقافيا و سياسيا و اقتصادي و عسكريا.
خامسا :توحيد الأمة تحت مظلة موحدة فيدرالية أو كنفدرالية أو خلافة .
سادسا : قيادة العالم من جديد وحماية قيم العدل والرحمة ومجابهة كل طاغية وتحقيق العدل وإقرار الحقوق لكافة البشر .
قد يحتاج هذا التصور إلى تعديل أو ترتيب مختلف ولكن لاشك أن هذا هو ما يفكر فيه أغلب المسلمين , وقد يثمر الحوار والنقاش حولها ما هو أفضل من ذلك .

موضوعات ذات صلة على صفحة الأمة الإسلامية

ليست هناك تعليقات: