
عندما فرضت قريش الحصار الاقتصادي على بني هاشم والمسلمين بمنع البيع والشراء والزواج منهم واستمر لمدة ثلاث سنوات , كان لكفار قريش بصيص من الفطرة السليمة دعتهم لأن يكسروا هذا الحصار , فتجمعوا واحد مع واحد حتى صاروا خمسة وكان باعثهم هو الأخوة الإنسانية هو باعث الفطرة لا ريب التي كانت سبب في إسلام كثير من قريش فيما بعد وأذكر القصة كما رواها بن هشام في سيرته رابطا بينها وبين حال فريق من المسلمين المعاصرين .
والمسلمون واقفون يتفرجون لم يتجرأ أحد أن يقول له كلمة حق يعتذر بها إلى الله إلا قلة من المسلمين قامت فجهرت بكلمة الحق في الشوارع والميادين وبعض وسائل الإعلام ولكن هذا أقلق بعض القاعدين فاقدي الشجاعة فقالوا لهم إن التظاهر حرام إنه لم يكن على عهد رسول الله , والله لقد كان رسول الله وصحابته الكرام المثل الأعلى في الشجاعة وقول كلمة الحق , ولكنكم قوم تتظاهرون بالعلم والتقوى وما أنتم إلا مناظر خلت من الشجاعة والإخلاص للحق .
ثم نعود إلى سيرة ابن هشام فقد كان هشام بن عمرو بن ربيعة يقوم بتسريب الطعام لشعب بني هاشم سرا ولكنه أبى أن يظل وحيدا في هذا العمل فماذا فعل هشام بن عمرو بن ربيعة( إنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم, وكانت امه عاتكة بنت عبد المطلب, فقال: يازهير, أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم, ولا ينكحون ولا ينكح إليهم, أما إني أحلف بالله أن لو كانوا اخوال أب الحكم بن هشام ثم دعوته إلى(مثل) مادعاك إليه منهم, ما اجابك إليه أبدا, قال: ويحك يا هشام فماذا اصنع؟ إنما انا رجل واحد, والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها حتى انقضها؛ قال: قد وجدت رجلا, قال: فمن هو؟ قال: أنا, قال له زهير: أبغنا رجلا ثالثا.
ذهب إلى المطعم بن عدي (بن نوفل بن عبد مناف), فقال لهك يامطعم, أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف, وأنت شاهد على ذلك, موافق لقريش فيه؟ أما والله لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعاً, قال: ويحك فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد, قال: قد وجدت ثانيا, قال من هو؟ قال: أنا, قال: أبغنا ثالثاً, قال: قد فعلت, قال: من هو؟ قال: زهير بن أبي أمية, قال: أبغنا رابعاً
فذهب على البختري بن هشام, فقال له نحوا مما قال للمطعم بن عدي, فقال: وهل من أحد يعين على هذا؟ قال: نعم. قال: من هو؟ قال: زهير بن أبي أمية, والمطعم بن عدي وانا معك, قال: أبغنا خامسا.
فاتعدوا خطم الحجون ليلا بأعلى مكة, فاجتمعوا هنالك, فأجمعوا أمرهم, وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها, وقال زهير: أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم, وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة, فطاف بالبيت سبعا, ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة, أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباعون ولا يباع منهم, والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة, قال أبو جهل: وكان في ناحية المسجد: كذبت والله لا تشق, قال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب, ما رضينا كتابها حيث كتبت, قال أبو البختري صدق زمعة, لا نرضى ما كتب فيها, ولا نقر به, قال المطعم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك, نبرأ إلى الله منها, ومما كتب فيها, قال هشام بن عمرو نحواً من ذلك, قال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل تشاور فيه بغير هذا المكان. (قال): وأبو طالب جالس في ناحية المسجد, فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها, فوجد الأرضة قد أكلتها, إلا (باسمك اللهم )) انتهى كلام بن هشام
لقد ظهر في هذا العصر هشام بن عمرو أخر وزهير بن أبي أمية أخر والمطعم وابن أبي البختري وهم بعض الأجانب المشركين من الإنجليز والفرنسيين وسائر الأجناس الأوربية وحتى الهند جاؤوا بالطعام والشراب والدواء لأهل غزة المسلمين ولكنهم لم يجدوا خامسا يدعمهم ويتقوون به ولعلهم لم يجدوا بشرا تسري في دمائهم فطرة البشر, أين المليار ونصف مليار مسلم؟ ماذا أقعدهم عن نصرة إخوانهم المسلمين المحاصرين في غزة هل هي الدنيا ومشاغل الحياة فلماذا لم يقعدوا عن السفر لمشاهدة مباراة , أين نحن الآن من كفار قريش يا مسلمين ؟؟؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق